الفصل الرابع
لا يدري كم ظل واقفا يراقبها و هي تكاد تطير إلى الباب الخارجي . ما إن اختفت حتى امتدت يده تضغط على الزر بجانب مكتبه بعنف.
حين أطلت عليه مدبرة منزله بعد لحظات قال لها بتوتر و هو يمرر أصابعه بين خصلات شعره :
- من فضلك أريد قهوة و بسرعة
- أمرك سيد ماهرو حين استدارت لتنصرف أوقفها قائلا :
- و لا أريدها كالعادة ، أريدها سوداء و مُرّةرفعت حاجبيها قليلا ثم بلمح البصر استعادت ملامحها جمودها السابق و هي تقول ثانية قبل أن تنصرف :
- أمرك سيد ماهر" لم الاستغراب يا سيدة سناء ، تمتم بسخط ، نعم أريدها سوداء و مُرّة مثل مزاجي. "
مزاجه الذي ازداد تعكرا بعد مقابلته لتلك الفتاة ، كلامها كله كان محض هراء و أكاذيب.
لم تهدئ شيئا من نار شكوكه التي اشتعلت منذ أن سمع اسم ذلك الرجل "أكرم" .
هناك أيام يصحو فيها و هو يكاد يضحك من سخفه ، من قلة عقله و يخاطب نفسه قائلا " تشك في كاميليا ، في كاميليا يا رجل ؟ " و ينسى كل شيء عن الموضوع .
و أيام أخرى ، و هذا اليوم من بينها ، يفيق بعد ليلة مسهدة أو مليئة بالكوابيس و هو يكاد يغلي و هو يشعر أنه ضحية مؤامرة ما ، أنه تم خداعه ، أن الكل كان و مازال يخفي عنه شيئا ما .
" سامحك الله يا كاميليا حتى لو تمخض الموضوع عن لا شيء ، تمتم من بين أسنانه ، سامحك الله لأنك أنزلتني من مقامي .
سامحك الله لأنك جعلتني أحتاج إجابات من فتاة كمساعدتك "فتاة نكرة ، فتاة يكاد يقسم أنها لولا وقوف كاميليا بجانبها لكانت بالكاد تفك الخط كما يقال .
و الآن ها هي تتذاكى عليه ، عليه هو !
و تتظاهر بالتكبر ، بالترفع و تنهي النقاش و تغادر قبل أن يأذن لها ، هو ماهر الذي ينفض عشرات من مثيلاتها مع غبار كمه كل يوم .
..
….
في ذلك المساء كان يتصفح مفكرته الالكترونية بآلية يمحو أشياء و يكتب أشياء أخرى حين رن هاتفه ليبرز رقم صديقه معتز ضابط الجوازات مضيئا الشاشة.
بعد التحية المألوفة سمعه يقول له :
- هل تذكر ذلك الرجل الذي طلبت مني المرة الماضية الاستعلام عنه في دفاتر الوافدين ؟
- ماذا عنه ؟ سأل ماهر باهتمام ، لا تقلي أنه وصل اليوم إلى البلد .
- كلا لم يصل بعد لكنه قادم بعد أسبوعين .واصل يشرح إزاء صمت ماهر :
- منذ أن ذكرته لي وضعت اسمه قيد البحث في قاعدة البيانات لدينا و وجدته في دفتر الرحلات القادمة ، ما رأيك ؟
- ممتاز ممتاز جدا .
- دائما في الخدمة معاليك ، وصله صوت صديقه بتهكم خفيف ، لا تنس لي هذا المعروف اتفقنا ؟رغما عنه وجد نفسه يبتسم ، ابتسامة ضاعت في بعد المسافات ، و لم يصل منها إلى صديقه سوى بعض الكسل في صوته و هو يقول :
- تعرف جيدا يا معتز أني رجل أجيد تسديد ديوني .بعد دقائق أخرى من بعض الحديث الودي ألقى ماهر التحية على صديقه بنظرة شرود تحجرت داخل عينيه.
" أسبوعان يا كاميليا ، تمتم بتوتر ، أسبوعان أقضيهما كيفما أقضيهما ثم أعرف ما الذي كان يجمعك بذلك الرجل . "
أنت تقرأ
اغدا القاك الجزء الاول من سلسلة بين قلبى وعقلى لكاتبة نغم الغروب
Romanceفى لقاء نادر بين القلب والعقل وجد نبضات فؤاده تتناغم مع اصوات المنطق ووجد نفسه يحبها بعقله قبل قبله لانها الوحيدة التى لبت شروطه التعجيزية فى جنس النساء والوحيدة التى كان لديها من الكمال ماجعله يعلقها نيشانا على صدر رجولته هذه كانت الاولى الثانية...