الفصل الثامن عشر

844 23 0
                                    



الفصل الثامن عشر


خطت ليلى داخل شقتهم و هي تحمد الله أنها لم تقابل أي أعين فضولية و أية أفواه ثرثارة فهي ليست في مزاج يسمح لها بمجاملة الناس على حساب نفسيتها.
حمدت الله أكثر عندما وجدت أمها في المطبخ تقوم بذلك الشيء بورق العنب ، هكذا اطمأنت أنها لن تخرج منه قبل ساعات.
أسرعت تنفرد بنفسها في غرفتها القديمة و غرقت في نحيبها بينما تتذكر بوضوح ذلك الموقف منذ يومين كأنه حصل للتو .
بكت طويلا و بعمق لدرجة أنها لم تعي دخول أختها فرح عليها بعد عودتها من الكلية ، لم تنتبه إليها حتى شعرت بذراعيها تحتضنانها بقوة و هي تتمتم بكلمات مهدئة .
لكنها لم تستطع أن تهدأ ، كيف تهدأ بعد أن علم هو اليوم بالأمر ، كيف سينظر إليها الآن بعد أن تمت إهانتها بهذا الشكل.
-لا تقطعي قلبي عليك يا ليلى و أخبريني بسبب دموعك . أرجوك أختي لا تبكي بهذه الطريقة .
- أهانوني يا فرح ، أهانوني يا أختي ، همست ليلى وهي تغمض عينيها تريد أن تهرب من كل شيء .
- من يا ليلى ، من ؟ اهدئي أرجوك و أخ
- من يا ليلى ، من ؟ اهدئي أرجوك و أخبريني بما حصل .

نظرت إليها بعينين لا تريان ثم أسندت رأسها على كتفها و بدأت تحدثها :
- منذ يومين و ماهر مسافر ، أخذت ميْ إلى بيت جدتها و كانت مهى و شاهيندا هناك ،
كالعادة كانتا تعلقان و كالعادة كبرت عقلي و لم أهتم لكني لاحظت أنهما كانتا تضحكان أكثر من المعتاد ثم قدمت لي أخته طبقا من الكعك ،

صمتت تجفف دموعها ثم أضافت بصوت ميت :
-رأيتهما بجانب عيني تتهامسان و أمه كانت تنظر لي دون كلام ، رفعت أول قطعة إلى فمي و الحمد لله أن رائحتها لم تعجبني فأعدتها إلى الطبق .
و حينها سمعت الأفعى أخته تقول : لم يعجبها الكعك الخاص ب"جينجر" يا شاهي .
غريبة ! ، أجابتها الأفعى الأخرى ، تصورت أنهما تميلان لنفس الأشياء .
لحظتها فقط تأملت الكعك جيدا فوجدته على شكل عظام صغيرة ، قدموا لي طعام كلبتهم يا فرح .

غصت بدموعها ثم قالت و هي تخفي وجهها بين كفيها :
-و الآن هو يعلم ، ميْ حكت له كل شيء مع أني أوصيتها أن لا تقول لكنها أخبرته و هو الآن يعلم أني كدت آكل كعك الكلاب.

أسندت رأسها على كتف أختها و هي تمتم بألم :
-هذا هو زوجي الذي يحسدني عليه الناس ، رجل مقامي عند عائلته كمقام الكلاب.

صمتت فرح طويلا بينما أصابعها تتخلل خصلات شعر أختها برفق ثم قالت بهدوء :
-أختي اعذريني قليلا ، لدي مكالمة مهمة .

نظرت ليلى إليها في بؤس ثم أشاحت بوجهها و دموعها تواصل الانهمار على خديها . التفتت بحدة و هي تسمع صوتا رجاليا عميقا ينبعث من مكبر الصوت .
- ألو ، فرح لا تتصورين كم اشتقت إليك
كيف حالك يا روحي ؟

نقلت ليلى نظراتها المذهولة إلى أختها التي أجابت بمنتهى الهدوء :
-الحمد لله بخير ، هل سمعت بما حصل لليلى يا شادي ؟
-لم أسمع شيئا ، ما الذي حصل ؟ سمعته يقول بقلق
-سأخبرك حين نتقابل
-و أخيرا سنلتقي يا حياتي ؟
-تريد أن تعرف متى يا شادي
-متى يا قمري ؟
-في جنازة أختك إن شاء الله ، ألقتها على سمعه و أغلقت المكالمة بعنف .

اغدا القاك الجزء الاول من سلسلة بين قلبى وعقلى لكاتبة نغم الغروبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن