الفصل الخامس عشر

797 18 0
                                    



الفصل الخامس عشر

داخل غرفتها ، جالت ليلى بنظرها تتأكد من أن كل شيء في مكانه ثم جلست أمام المرآة تسرح شعرها بقسوة .
منذ غادر قبل أسبوع و هي تشعر كأنها تنتظر حكما بالاستئناف .
و مع كل يوم جديد يَمُرُّ عليها كانت تفقد قطعة منها .
كل شيء بداخلها يتآكل : صبرها ، هدوءها و طبعا كرامتها .
لماذا أوصلت نفسها إلى هذه الحالة ، لماذا لم تتحمل تصرفات أمها ؟
أكيد التعايش معها و حتى مع وصلة الانتقادات اليومية لها كان ليكون أسهل من كل ما تحملته طوال هذه الأشهر هنا.
لكن على من تكذب ؟
هي قبلت عرضه ليس فقط لأنها مرغمة ،
قبلت لأن جزءًا منها تمنى أن يحبها ، أن يراها كما يراها المقربون منها.
تمنّت أن يشعر بها فيشعر مثلها ...
لكن كل ما ربحته إلى حد الآن هو أنها كشفت كل أوراقها أمامه .
و لم تدع لنفسها حتى ورقة واحدة تغطي بها كرامتها التي عراها تماما برفضه الأخير لها.
رفضها و هو يعلم تماما مشاعرها نحوه.
بالتأكيد يعرف ، الرجال دائما يعرفون.
و لربما يوما ما سيتذكرها بشفقة و يقول للمرأة التي سيتزوجها بعدها : المسكينة أحبتني و أنا حاولت بصراحة لكني لم أستطع أن أحبها .
هذا إن كان حاول أصلا..
وضعت المشط من يدها و هي تتساءل بشك : هل كان عليها أن تلجأ لبعض الجرأة ؟ فهو زوجها على أية حال .
ربما لم يكن عليها أن تنتظر حتى يبدأ ، ربما كان عليها هي أن تبادر .
ربما هذا هو ما أصبح رجال اليوم يفضلونه : المرأة المبادرة .
هزت رأسها بعنف تحرر عقلها من هذه الأفكار الجديدة المتسللة إليها لا تدري من أين ،
ربما من ذلك الثقب الذي صنعه ضعفها في جدار مبادئها .
ثبتت حجابها بيد مرتجفة و هي تؤكد لنفسها أنه لا يوجد رجل يستحق أن تصبح امرأة أدنى من أجله حتى إن كان هو.
في قانونها الخاص الرجل هو من يكون الأول ،
الرجل هو من يلهث جاريا ، بالطبع في حالته هو بالذات هذا ضرب من الخيال العلمي و لكن على الأقل فليقم بالخطوة الأولى ، خطوة واحدة بطيئة كانت لترضيها.
فليبدأ حتى بكلمة بسيطة ، صغيرة و هي ستكمل عنه.
المهم أن يبدأ هو أولا.
توقفت عن هذيانها و هي تشاهد تعاستها تنعكس أمامها في المرآة .
تأملت دون اهتمام عينيها الغائرتين و وجهها الذي بدا شاحبا ، خاليا من كل دمائه .
ربما لأن قلبها لم يعد يعرف كيف يتصرف.
شغلته بالتعلق بالمستحيل فلم يعد يعرف كيف يؤدي مهامه .
قلبها لا يعرف و هي أيضا لا تعرف ، لا تعرف كيف ستتصرف عندما يعود .
هل تبادره هي بالحديث ، هل تنقذ ما تبقى من كرامتها و تطلب منه الطلاق ؟
لا يوجد أمامها حل آخر .
خرجت من الغرفة و أغلقت الباب بعنف ثم اتجهت تنزل السلم و هي تكاد تفجر كل درجة من درجاته الست و العشرين بكعب حذائها .
رأت الخادمة الواقفة في قاعة الاستقبال تنظر إليها باستغراب.
" انتظري ، توعدتها بداخلها ، لم تري شيئا بعد ، كما ستتركون ذكرى سوداء سترافقني طويلا عن حياتي في هذا البيت ، أنا سأكون كريمة معكم و أترك لكم ذكرى أسود. "
- ما هذا القرف ؟ سمعت نفسها تقول بأعلى صوتها .
- تعالي إلي هنا ، قالت و هي تشير إلى الفتاة بعصبية ، نعم أنت ، أضافت بحدة و هي ترى الفتاة تتلفت حولها .

اغدا القاك الجزء الاول من سلسلة بين قلبى وعقلى لكاتبة نغم الغروبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن