الفصل العشرون

835 20 6
                                    



الفصل العشرون


من الغريب أنه بكلمة واحدة ينهار عالم بأكمله من السعادة و الأحلام ، لكن كان عليها أن تعرف أكثر.
الآن فقط شعرت بأنها تفهم كل شيء ، إصراره الغريب على تناولها لتلك الحبوب و تذكيره الدائم لها بها ، عدم نطقه لكلمة حبيبتي و لو بالخطأ ، كان يناديها حياتي ، روحي لكن أبدا يا حبيبتي.
لم يكن لديها شك في أنه يستمتع بوجودها في حياته ، لكن كلامه و تصرفه معها منذ ساعات يدل على أنه لم يفسح لها مكانا في قلبه.
لأنه لا يمكن أن يحب إنسان إنسانا آخر ثم يتعمد جرحه بكل هذه القسوة و بكل هذا الإصرار.
نقلت نظراتها بين حقيبتها الفارغة و دولابها المليء .
ابتسمت لنفسها في المرآة التي تتوسطه ، ابتسامة تسخر فيها من نفسها.
لأنها بالطبع لن تأخذ شيئا .
ما الذي من الممكن أن تأخذه و يعوضها بعد أن أعطت ما لن تستطيع أبدا استرجاعه : باكورة مشاعرها ، رحيق أنوثتها و جزءًا من روحها .
نزعت خاتمها ببطء و هي تتذكر تلك اللحظة التي ألبسها إياه ، لحظة ظلت تعيش على ذكراها طويلا ، لحظة قصيرة نسجت منها ساعات طويلة من الأحلام .
نعم كان عليها أن تعرف أكثر ، ما عاشته معه هو حلم و كل الأحلام إلى نهاية ، إلى زوال .
التفتت لمرة أخيرة تتأمل الغرفة التي ضمت أجمل لحظاتها معه ، تأملت بسكون الحقيبة المفتوحة الفارغة التي تتوسط الفراش و لم تحاول إعادتها إلى مكانها أو حتى إقفالها لأنها تذكرها بنفسها و هي تغادر خاوية خائبة ، مكشوفة أمام الجميع ، الأعداء قبل الأصدقاء.

.
..
...

بعد فترة ، داخل مكتبها ، في الشركة ، تململت في مقعدها بتوتر و هي تشعر أنها لن تستطيع البقاء حتى انتهاء دوامها .
استأذنت بعد فسحة الغذاء و توجهت مباشرة إلى مقر مخزن والدها البسيطة .
وجدته كعادته غائبا عن مكتبه ، يتابع كل كبيرة و صغيرة مع العمال.
" سامحني يا بابا ، فكرت و دموعها تشاركها حزنها ، طوال عمرك تتحمل الكثير من أجلنا و أنا الآن سأثقل ظهرك أكثر ، سامحني يا أبي لكني لا أستطيع العيش و أنا مهانة. "
لا تدري كم مر عليها من الوقت جالسة تنتظره في غرفة مكتبه الصغيرة حتى أيقظها القلق في صوته من غفوتها.
- خيرا يا ليلى ؟
- خيرا إن شاء الله

تبادلا النظرات الصامتة للحظات ثم قالت و هي تخفض عينيها :
-سؤال واحد أريد أن أسألك إياه يا بابا ، سؤال كان المفروض أن أسأله إياك منذ زمن ،
أنا أم الناس يا بابا ؟
كرامتي أم رأي الناس يا بابا ؟

أغمض والدها عينيه وهو يثقل قلبها بهزّتين هادئتين من رأسه كعادته دائما.
أخيرا رأته من خلال دموعها ينظر إليها و سمعته يقول لها ببطء :
- هل يجب أن أتدخل يا ابنتي ؟

الغصة في حلقها منعتها من الكلام لذلك اكتفت بتقليده و هزت رأسها نفيا.
- بابا ، استطاعت أن تتكلم أخيرا بعد قليل و هي في طريقها معه إلى البيت ، أرجوك أفهم أمي أني لست مستعدة للكلام الآن .

اغدا القاك الجزء الاول من سلسلة بين قلبى وعقلى لكاتبة نغم الغروبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن