الفصل الواحد والعشرون

849 20 0
                                    



الفصل الواحد و العشرون


ترددت حروف رسالة شاهيندا في ذهنها و هي تتأمله جالسا مع المرأة الأخرى من مخبئها وراء الشجرة الهرمة .

" لكي تعرفي كم أنت رخيصة لديه و لا تساوين حتى ثيابك التي فوق جثتك ، تعالي إلى النادي هذه الجمعة و شاهديه مع خطيبته الجديدة "

لم يكن يجلس مواجها لها و لكنها تعرف ظهره و لو من بين مئات.
تعرف الطريقة التي يجلس فيها باسترخاء و تحكم في ذات الوقت .
تعرف الطريقة التي يطوي بها أكمام قميصه إلى الأعلى .
تعرف الطريقة التي يمسك بها فنجان قهوته.
و تعرف كيف يستطيع أن يجعل من أمامه تشعر ،
الحمد لله أنها لا تستطيع رؤية وجهه الآن ، يكفيها أنها ترى بوضوح تام وجه الفتاة المقابلة له و لها .

فتاة جميلة لا تستطيع أن تنكر ، ربما في سنها و ربما تصغرها سنا .
لا تستطيع أن ترى نظراته لها لكنها للأسف ترى جيدا نظرات الفتاة و التورد الذي يعتلي خديها و تكاد تقرأ أفكارها .
إعجابها الواضح الذي وصلها من بعيد أكيد سيقدر هو على قراءته من تلك المسافة .

تلوى قلبها مرتين داخل صدرها و هي تشعر بوخز أشد بمراحل من المرة السابقة .
استندت على الشجرة بجانبها و هي تغالب الدوار الذي يعصف بها دون رحمة ، لا تستطيع حتى أن تبكي فكل دموعها صرفتها في الأيام الماضية و لم تقتصد منها شيئا .
سارت بصعوبة إلى حيث يقف أخوها عصام ، تعلقت بذراعه و مشت معتمدة عليه و هي غائبة عن أسئلته القلقة لها ، عن نظراته الحزينة ، عن كل الدنيا .
تركها واقفة بجانب البوابة حتى يأتي بسيارته ، لدقائق ظلت تدير عينيها حولها ، تحمد الله أنها مؤمنة و إلا كانت اختارت أفخم سيارة و ألقت بنفسها تحت عجلاتها اللامعة.
لعلها عندما تدوسها تدوس معها قلبها و هذه المشاعر التي تقتلها .

عندما عادت كانت تشعر بأن هذا اليوم هو اليوم العالمي للبؤس .
لكن تبين لها أنه اليوم الذي يليه .
كانت مستلقية بجمود على فراشها ، عندما وصلتها أول مكالمة منه بعد شهر و نصف من لقائهما الأخير.

- ما هي طلباتك ؟ بادرها بجفاف
- طلباتي !؟ رددت الكلمة بجهل و هي تجبر خلايا مخها النائمة على تحليلها
- أنت لم تضعي أي شروط في مؤخر الصداق
- ما زلت لا أضع أي شروط ، قالت بصوت ميّت
- كل شيء تغير حضرتك ، لأنه حصلت دخلة لو مازلت تتذكرين ، و الشرع يقول أنه لديك حقوق الآن
- و الشرع يسمح لي أن أتنازل عن حقوقي ، و لكن شكرا لك لأنك أتعبت نفسك و فكرت في الأمر
- دماغك حجر كالعادة ، لا بأس سأتفق مع والدك على هذه الأمور ، على الأقل هو لديه عقل للأسف لم ترثيه منه

النبرة العملية في صوته أثارت جنونها ، طبعا السيد وجد مرشحة ثانية لذلك يريد أن يتخلص من آثارها في حياته ، يريد أن ينفضها عنه بأسرع ما يمكن.

اغدا القاك الجزء الاول من سلسلة بين قلبى وعقلى لكاتبة نغم الغروبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن