إئتِيَـاب

32 4 31
                                    

الفَـصل العَاشِـر

-
وجهَة نَظَر أدِيل

مَر شهر عَلىٰ تلكَ الحَادثَة.
أظُن أنِّي أصَبتُ بالوحدَة دُونهِ.

أشُكُّ بِكونِي بخَير مِن الأسَاسِ.
عَرفتُ مدىٰ حبِّي لَه، و غرَامي بِه.

وسطَ جُلوسي هُناك في زَاوية الحجرَة، طُرِقَ البَاب بهدُوء.
نهَضتُ..
ذهبتُ لأفتح البَاب.

كان هُو.
يقف بِهدوء.
ايضًا ينَاظرنِي بهُدوء.

أقفلتُ البَابَ بهُدوء؛ أردتُ استَعادَة مُحيَّاي المعتَادِ له.
و الذِي قَد سَلبهُ بُعدهُ عنِّي، وَ غيابِه..

مَرت ثَانيتَان.
يُصاحِبهمُا شَهقَاتِي.

طَرق البَاب طَرقتين ليُهسهِـسَ:
"أدِيل إفتحِ."

-
وجهَة نظر چيمين

سَمعتُ صَوتَ شهقَات خَلف البَاب.
"أديلا، فَقَط لا تَبكِ، لا تَذرفِ لآلِئَكِ فِي سَبيلِي أرجوكِ."

صَمتَ ثانِـية لِيَقول:
"السمَـاء تَبكِ مَعكِ عزِيزَتِي، هَل اشتَقتِ لي لِتلكَ الدرجَة؟"
"أنَا آسف كُنت مُرغَم علَى 'عَطسَة' ذَلك، أنَا آسف حقًا."

فُتِح البَاب ثَانية.
كَانت بِمنامَتِها السَّوداء الحرِيرِية.

رُغم الهَالَاتِ السَّوداء تحتَ أعينِها وَ مقلتَاها الدَّامِعَة، لَكنَها مَازالَت جمِيلة، مَازالَت أدِيل.

دَلفتُ بِخطوَتِي الأولىٰ.
الثَّانِيَة.

رُمِيَ فَوقِي شَئ؟
مَا هَذا؟
غِطاء؟

كَانت تُسرِع نَحو غُرفَتِـها، بِخطواتٍ حزينَة غاضِبَة، وَ بادٍ علىٰ صاحِبتِـها الخُذلَـان.

اردَفتُ بِهدوءٍ:
"أدِيـل."
وَ لَم تَكتَرِث لِي كَردٍ بَل كَفِعل.

حِينَ تَوقَّفَت أُذنَايَ عَن سَماعِ خُطواتِهَـا المُتتالِية المُتوالِـية المُسرعَة، وَ عِندمـا رأتهَـا أعْيُنِـي كَانَـت مُنَكَّـسَة الرأسِ، وَ خُصلَاتِهَـا مُنسَدِلَـة تُغَطِّـي مَحاسِن مُحيَّاهَا.

اقتَرَبتُ مِنهَا، وَ جَعلتُ مُحيَّاها الرَّقِيق مَقابِلًـا لِخاصَّـتِي.
وَضَعتُ سَـبَّابَـتِي أسفَل ذَقنِـها النَّاعِـم؛ رغبَة فِي رفعِ مُحيَّاهَا لِـي.

"إشتَـقتُ لِصَوتِكِ صَغيرتِـي."
اردَفتُ لَهَا، وَ عينَايَ تتَفَحَّصُ كُل إنشٍ فِي مَعالِمِهَـا.

"اشتَقتُ لِصَوتِـكَ المُخمَلِـي فِي صَغيرَتِي خَاصَّتِكَ تِلك."
قَالَت هِي وَ مِـن عينَيهَـا الدِّفءُ يَفِيض، وَ عَلَىٰ ثَغرِهَـا الإبتِسامَة الهادِئَة التِـي لَطالَمَـا أحبَبتُها، وَ لَكِن..
هُناكَ مَا يَنقُصهَـا..
هَل يَا تُرىٰ البَهجَـة تَنقُصُ قَلبهَـا؟
لِمَ أشعُرُ وَ كَأنَّ تِلكَ الابتِسَامَة مُزَيَّفَة؟.

"اشتَقتُ الـمَرسُوم لِمُحَيَّايَ بيَدَيكِ"
نَبستُ وَ أنَا أُعيدُ الكَرَّة بِتَفَحُّصِ كُل إنشٍ فِي مُحيَّاهَا المُشتَاقِ لَهُ مِن قِبَلِي.

"إشتَاقَت فَراشِيَّ، وَ لوحَاتِي لِلتَّدقِيقِ فِي تَفاصِيلَكَ بِدورِهَا."
قَالَت مُبتَسمَة نِهايَة كَلمِاتِها المُحببَة لِي.

"لِمَ الغِطاءُ إذًا؟"
نَبستُ أتَحسَّس أسفَل ذَقنِهَا كَمداعَبَة.
"أجِيبِينِي أدِيل.."

قَالَت تَنظُر إليَّ بِأعيُنٍ دافئَة بِحاجِبٍ مَرفُوعٍ:
"هَل تَظُنَّنِي رَميتَه عَبثًا؟"

هَمهَمتُ لَها كَموافَقَة وَ أنا أُداعِب خُصلَاتِهَا لِتَقُول:
"لَم أرمِيه إلَّا لكَي لَا تُصَبْ بنَزلَة بَرد، وَ لَم أُدخِلكَ إلَّا لِبرودَة المَطَر خارِجًا."

"أ-يَجدُر بِي الحُزنُ إذًا أمِ السَّعادَة؟"
اردَفتُ.

"الحُزنُ؛ لِأنِّي لَم أُسامِحَكَ بَعد."
قَالَت مُبتَسمَة فِي نِهايَة كَلامِهَا، تُرَبِّتُ عَلىٰ مُقدِّمَة شَعرِي.

"تَقُولِين أنَّ مِن المُفتَرَضِ عَدم اعتِبَارِ كَلِماتكِ مِنذُ قَليلٍ مُغازَلة، وَ أنَّ ذَلكَ لا يُعتَبَر سَماح؟"

"كَونِي إشتَقتُ لَكَ لَا يَعنِي أنَّ نَكرُ ذَلكَ مُباح، وَ كَونِي إشتَقتُ لَكَ لَا يَعنِي أنِّي سَامَحتُك."
قَالَت تُرَبِّع يَديهَا وَ نَظرَة التَّحدِّي لَم تُبارِح مَحجَريتَيهَا.

"أ-تَظنِّينَ ذَلِكَ حَقًـا؟"
قُلت بَعدمَا أنزَلتُ رَقبتِي لِيسَع رأسِي الخَفضِ لِيسَع عينَايَ بِدورِها رؤيتِها، كَونَها قَصيرَة بالنِّسبَةِ لِي.

"أجَـل، لَا يَجِب إخفَـاء المـشـاعِر، لا سِيمـا مَشاعِر الإشتِياقِ خَاصَّتِي لَكَ."
أردَفَّت.

"حَقًـا؟"
اردَفتُ.

"أجَل، وَ أيضًـا يَجِـب التّـعبِـيرِ عَنهَـا بِأيِّ طَريقَـةٍ كَانَت."
قَالَت.

"أنتِ مَن قَال."
قُلتُ.

حَـاصرتٌهـا ضِد الحَائطِ لِـيَسَـع مَحجرِيتَـايَ رؤيَـة الغُيُـومِ الوَردِيَّـة تعتَـلِي وَجنَتِـيهَـا.

-

-

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
فَـتىٰ الوُرُودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن