2

27 6 0
                                    

تراقصت آلاف الشياطين أمام عينيه وأحسّ أخاه أنه يكاد أن ينفجر، فأمسكه من ذراعه ولكن الأخير أبعدها بقوة وتقدم من الفتاة التي ابتعدت إلى الخلف وهي تحاول أن تتمالك أعصابها ولا تصرخ من الخوف، نظرت إليه ببرود وقلبها يكاد أن ينخلع وهي تستند إلى السور،أمسك بيدها وهزها بعنف حتى شعرت أن عظامها تحطمت، لكنها لم تصرخ بل عضت على نواجذها بقوة لتكتم صرختها، وبشجاعة لم تتوقعها هي من نفسها صفعته على وجهه بقوة، فأطلقها وهي تترنح إلى الخلف: - إذا أمسكت يدي مرة أخرى سأقطعها لك أيها الحقير..  تقدم منها مرةً أخرى فصرخت: - تمدُّ بدك على فتاة، أهذا ما تستطيعُ فعله؟؟ - اعتذري وإلا قسماً سأريكِ شيئاً لن يسركِ... خاطبته بنفس اللهجة: - قسماً إذا لم تبتعد ستندم طوال حياتك..  ضحك ضحكةً قاسية ونادى بصوتٍ مرتفع: - عثماان،عثمااان..تعال بسرعة.. لهث عثمان وكان عاملاً هندياً: -عثمان احضر الكلب الجديد بسرعة.  وما أن سمعت "مريم"اسم "الكلب" حتى امتقع وجهها وصار لونه مائلاً للبياض..  التفت له "راشد" وهو يتوسل إليه: -"خالد"ماذا تريد بالكلب، "خالد" اهدأ هذه فتاة، لا تجعل عقلك بعقلها. -اخرس أنت واغرب عن وجهي، سأأدب هذه الوقحة..  - لاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اخترق صوت صراخها الفضاء وجسدها يهتز بعنف وفمها يرتعش بقوة: - لاااااا ، كلب لا، لالالالالالالا. نظرا إليها وهي تصرخ كالمجنونة، وأحس "خالد" بتأنيب الضمير.  تعالت أصوات الكلب وعثمان يجره من سلسلته المعدنية، كان كلباً بوليسياً كريه الشكل مما يستخدم في الحراسة، وما أن رأته "مريم" حتى دفنت وجهها في صدر أخيها الصغير وهي ترتجف وتصيح: - لااااا، حرام..حرام..لاااااا ابعدوه، أماااااااه، أمااااااااااه. صرخ "راشد" في العامل بغضب: - "عثمان" أبعده، ارجعه إلى مكانه.  ومن بعيد ركضت "أمل" وهي تسمع أصوات الصراخ العالية..  تقدم راشد منها وهو يقول: - أختي اهدأي، لقد ذهب الكلب.  لكنها استمرت في الصياح بهستيرية، و"خالد"ينظر لها باستغراب والذنب يقطر من وجهه.  - لااااا، الكلب لا، أريد أمي، أمييييييييييييييييييييي. - صغيري أخبر أختك أن الكلب ذهب.  كان "أحمد" يبكي بصمت طوال الوقت ..هو من وضع أخته في هذا الموقف..نظر إلى "راشد" الذي خاطبه، ثم التفت إلى أخته التي كانت تبكي في حجره وقال بهدوء: - "مريوووم" ماما ماتت لن تستطيع أن تسمعكِ الآن..  بهت الرجلان لكلامه، وكفت مريم عن الصراخ، وفي هذه اللحظة وصلت "أمل" وهي تنظر للجميع بدهشة: - ماذا يحدث هنا يا ربي!!  ابتعد "خالد" عن المكان وكأن شيئاً لم يحدث، لم يتبق سوى راشد وأمل، ومريم التي لازالت تبكي في حجر أخيها.  همس "راشد" في أذن أخته بكلمات قليلة فهزت رأسها، ودلفت إلى مريم لتساعدها على الوقوف، لا تزال تنتفض وهي متشبثةٌ بأخيها، أسندتها وهي تقول لها بصوتٍ رقيق: - لا تخافي سنوصلك للبيت، اهدأي. (ثم دارت إلى راشد الذي كان ينظر لهم متردداً) "راشد" أخبر السائق أن يجهز السيارة.  مشى راشد مسرعاً وهو يبتسم لهم ليطمئنهم، وما أن وصل إلى باب المزرعة حتى رأى أخاه فتلاشت ابتسامته.  "يا إلهي أي أخٍ قاسٍ هو، ماذا فعل بالفتاة، أعوذُ بالله منه".  لم يعبأ "خالد" بنظراته، كان يرقب أخته وهي تسند الفتاة المرتعشة التي كانت تعرج بوضوح، معقول!!! ألم تمشي في البداية بشكل طبيعي أم أن الغضب أعمى بصيرتي عن الملاحظة؟!!  "مريم بالفعل عرجاء، ولكن عرجها من النوع البسيط الذي لا يُكاد يلاحظ لمن لايدقق في مشيتها، ولكنها حين تغضب أو تكون في حالة قلق فإنها تعرج بشكل أكثر وضوحاً.."  خاطب "خالد" نفسه: - من أي دولةٍ خليجيةٍ هي؟! إما أن تكون بحرينية أو كويتية، هذا واضح من وجهها المكشوف وطريقة لباسها وكلامها!!!  توقفت السيارة السوداء عند باب المزرعة، وخالد لازال يتأمل والرهط يتقدم منه، وفي تلك اللحظة رفعت "مريم" وجهها المبلل وهي تنظر له بقوة من خلال غلالة دموعها، وبصوتٍ مبحوح قالت: - أقسم أن الأمر لن ينتهي هكذا. تابعت سيرها وهي تلج السيارة وأحمد بجانبها، وفي الجانب الأيسر جلست "أمل" وهي زائغة، حائرة لا تعرف حقيقة ما حدث وعن أيِّ أمرٍ يتكلمون!!!

***الروايه منقوله

ضلالات الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن