غورغيوسيا

82 17 1
                                    


على عكس ما توقع جيموثي لم يستغرقهما الأمر طويلًا حتى يخرجا من مطار غورغيوسيا الدولي، والذي كان يسمى في الماضي المطار الملكي.

مثل الشعرة التي تخرج من العجين مرا عبر كل نقاط التفتيش وتسلما أمتعتهما متخذين طريقهما إلى الخارج حيث إصطفت بضعة سيارات أجرة صفراء عتيقة موحدة في إنتظار الزبائن.

رفع جيم نظارته السوداء إلى أعلى رأسه لينظر بوضوح لما هو أمامه. إستقبلتهما غيوم كثيفة غطت السماء كليًا لكن من دون أن يسقط المطر، كما إستقبلهما كذلك الغورغيوسيون الذين كاد جيم ينسى مدى تشابهمهم - كما يقول دائماً - لكنه مع ذلك لاحظ لإختلاف ما هذه المرة.

بدا وكأنهم أصبحوا أكثر "حداثة"، لم يكن متأكدًا أن هذه الكلمة تصح لوصفهم فهم لم يكونوا متأخرين تمامًا لكن ليس حديثين مثل الفينيين مثلًا.

وبينما كان يتجادل مع نفسه عن المصطلح المناسب لوصف الغورغيوسيين كانت سكارليت تقف قربه منكمشة على نفسها.

منذ أن خطت أول خطوة داخل الأرض الغورغيوسية حتى شعرت بقشعريرة غريبة، صوت ما في داخلها صرخ بها أنه ما كان يجب أن تعود.

لم تفهم سبب تلك الفكرة التي داهمتها فهي لم تتواجد هنا من قبل على حسب ما تعرف، لكن هذا لم يمنع أن يتزايد شعورها غير المطمئن. كانت تنظر من حولها بريبة كأنها تخشى أن يكتشفها أحد، وكأنها تخشى أن هناك من يراقبها.

وطوال  طريقهما إلى خارج المطار لم تنتطق بكلمة تاركه كل شيء لجيم الذي ربما لم يلاحظ لما يحصل معها أو تجاهله متعمداً.

إلتفت جيم إليها أخيراً ليجدها على ذلك الحال، علم أنها تشعر بالقلق لكن هذا لم يمنعه من التأمل فيها مجددًا، بذلك الفستان البني الذي إختاره وسترة الجنيز مع قبعة وحذاء متوسطة الرقبة. بدت كشابة فينية مثالية خاصة مع ذلك الشعر الأسود الكثيف الذي تناثر على كتفيها، وقد ارتدت عدسة وحدت لون عينيها إلى ذلك اللون الداكن الكحلي والذي لم يظهر بسبب النظارة الشمسية.

بعد أن اكتفي من تأمله إقترب منها دون أن تنتبه ليمسك بيدها قائًلا:
" هل أنتِ بخير؟ "

تأكد من كونها ليست على ما يرام عندما لم تبعد يده كما اعتاد، لكنها مع ذلك قالت بثبات وهي ترفع بصرها إليه:
" نعم أنا بخير فقط- "

" فقط؟ " كرر منتظراً بقية جملتها. فكرت لثانية ثم قالت:
" يدهشني رؤية الغروغيوسيين لأول مرة، لكن وعلى عكس ما قلت لا يبدون لي متشابهين سيد إدغار، هل يا ترى لأني واحدة منهم بالفعل؟"

تساءلت مازحة لكنه أجابها بجدية:
" أنت منهم لكنك لا تشبهينهم، أنتِ فريدة "

لم يبد التأثر عليها بكلامه إذ بدا لها كأم متعصبة لأبنائها لكنها لم تجادله.

نسيان، حياة ملكيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن