في مكتب رئيس الوزراء

124 21 6
                                    

كانت عاصمة فينا - كامبدوليا - مدينة حديثة نسبيًا تم تخطيطها وبناؤها بعد أن تدمرت تمامًا خلال الحرب العالمية الثانية، لتنمو سريعًا وتتوسع بسبب النمو الإقتصادي الكبير الذي شهدته البلاد خلال السنين التي تلت الحرب.

كان تصميمها يتمركز حول مبنى مجلس الوزراء الذي كان كبيرًا ومهيبًا على الطراز الأوربي الحديث، ومثله أيضًا جميع المباني الحكومية التي بنيت من حوله في دائرة محيطة سميت بالمجمع الحكومي ومن بعده تبدأ المباني المدنية بالتوسع.

وداخل مبنى مجلس الوزراء حيث تواجد مكتب رئيس ذلك المجلس والرجل المتحكم في البلاد كان هناك إجتماع من نوع آخر يجري داخله، إجتماع بين أب وإبنه يناقشان أمرًا لا تتم مناقشته بين أفراد العائلة في العادة.

جلس بيكيت إدغار برفقة إبنه جيموثي على كرسيين متقابلين بالقرب من نافذة زجاجية كبيرة غطت بستار أزرق شفاف، وبينهما طاولة زجاجية صغيرة عليها كوبا ماء لم يتم لمسهما.

بعد رؤية بيكيت يمكن تخيل الشكل الذي سيبدوا عليه جيموثي في كهولته إذ ورث جميع ملامحه ومميزاته من والده. كهل وسيم الملامح ذو شعر أسود غزاه الشيب بكثافة ولم يبدو أن ذلك يزعجه، إذ تركه كما هو دونما إخفاء، ورغم كونه جالساً إلا أن طوله الفارع كان واضحاً.

زفر بيكيت وهو يحل ربطة عنقه قليلًا ليقول وهو يتكئ بمرفقه للخلف:

" أنت تعلم أنه إذا كان ما إستنتجته صحيحًا يا ولد فإن لعبتك الصغيرة هذه قد تكون قنبلة موقوتة كبيرة ستقلب غورغيوسيا رأسًا على عقب، ومع ذلك لا تزال مصرًا على أخذها إلى هناك؟ "

" ليان ليست لعبة يا والدي العزيز"
قال منبهاً بإصرار ثم أكمل بمهنيه:

" يمكنك القول أن هذا هو سبب إصراري على القيام بفكرته هذه، ألا تتفق معي يا والدي العزيز أن ذلك الإنقلاب وتوقيته كان مريبًا؟

أعني، قبل شهر فقط منه احتفلت البلاد جمعا بذلك التنصيب السخيف لتثور بعده مطالبة بتغيير الحكم! ولا تنس أن من قاد تلك الثورة كان متواجداً في ذلك التنصيب!

يمكنني أن أجزم لك أنني رأيت الرئيس جورج يخرج من قاعة الحفل عندما بدأ التنصيب وهذا فعل يؤكد عدم اهتمامه بكل ذلك "

لم يعلق والده لكنه ثنى ركبته فوق الأخرى ليرتاح أكثر في جلسته وهو وضع يعرفه جيم جيداً، لقد نال حديثه إهتمامه.

" الثورة وتداعياتها مثيرة للريبة بلا شك وأكثر من قد يفك طلاسمها هو شخص قد شهد أحداثها من الجهة المقابلة، أليس كذلك؟

كما أنه وبالنسبة لي كانت ولاتزال العائلة الحاكمة الغورغيوسية مريبة أكثر، لا استطيع فقط الجزم بأنهم كانوا ضحايا لا غير هناك المزيد منهم، وستكون هذه فرصة جيدة للتنقيب في حقيقتهم التي كانت ستدفن دون أثر بعد موتهم، لذلك لهذا لن أسمح لهذه الفرصة بالهرب مني "

نسيان، حياة ملكيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن