كان يصرخ بأعلى صوته وهو يخبط بيده على طاولة مكتبه السوداء المصنوعة من خشب الزان ، أما رجاله فهم بالكاد تحملهم أقدامهم خوفاً ورعباً من غضب سيدهم الذي يصرخ عليهم والشرر يتطاير من عينيه ، كل واحد منهم يتساءل من هذا الذي يجرؤ على اللعب مع السيد فارس رئيس أكبر مافيا لتجارة السلاح في البلد ، وهم الذين لايجرؤون حتى على رفع صوتهم على صوته أو النظر في عينيه خوفاً ورهبةً منه ، تناول فارس مسدسه من الطاولة ووجهه نحو رجاله الواقفين غاضباً وهم ينتظرون بااستسلام من الذي ستكون نهايته اليوم وخاطبهم بهدوء :
_ جاوبوني ! هل تجرأ يوماً أحد على التطاول علي أو عصيان أمري أو العبث معي إلا وانتهى به المطاف تحت التراب ؟
رد الرجال بصوت خاشع ويرتجف :
_ لا ياسيدي لم يحدث هذا قط
_ لقد عبث معي أحد الأوغاد منذ أكثر من شهر واخترق حساباتي المصرفية وسرق مئات الملايين ، أنا لاتهمني النقود ولكن مايزعجني أن هناك حشرة في الخارج استطاعت أن تنال مني وتكسر هيبتي وانتم لاأجد أي فائدة منكم ، حتى الآن لم تستطيعو إيجاد هذه الحشرة هنا الآن في هذه الغرفة عشر أشخاص ومن بينهم يدي اليمين ورفيق دربي "قنوان" ، عندكم مهلة ثلاثة أيام إن لم تجدو الفاعل فستصبحون مجرد ذكرى بائسة وأول من سُيقتل منكم هو قنوان
ختم كلامه وهو يضع فوهة المسدس بفم قنوان الذي إصفرَّ وجهه من الرعب قبل أن يخرجها ويشير لهم بيده بالخروج
~~~~~~~~~~~~~~~~
في أحد افقر وأقذر أحياء المدينة حي " المستنقع " ، وفي بيتٍ صغير جداً كان "ورد" الشاب اللطيف البريء ذو الثمانية عشر عاماً يقبل يد أمه متوسلاً :
_ أرجوكِ اعطني القليل من المال لأذهب لمقهى الإنترنت لقد بقي القليل على انتهاء تصميم موقعي وسنصبح من الأغنياء
ضحكت السيدة راجحة بسخرية :
_ متى ستكبر ياصغيري وتنتهي من سن المراهقة ؟ لكَ شهور تكرر علي الكلام ذاته أننا سنصبح أغنياء من موقعك الشهير ياحبيبي إن مااجنيه من خدمتي في منازل الأثرياء بالكاد يكفي إيجار منزلنا وإطعامنا
اخفض ورد وجهه خجلاً وحزناً :
_ انت محقة انا اعتذر لم يكن يجب علي الالحاح عليك انسي الأمر ياامي
حزنت راجحة على طفلها وتراجعت عن كلمتها :
_ لاتحزن ياصغيري سأعطيك النقود
_ لا لم أحزن فعلاً لم أعد أريد
لكن اصراره لم ينفع حين أصرت أمه وضمته إلى صدرها :
_ لاتقلق خذ النقود وسيكون كل شيء على مايرام~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
كان قنوان يجلس مع باقي رجال السيد فارس يفكر كيف سيحل هذه المشكلة فإن لم يحلها سيكلفه هذا حياته لقد باشر منذ بداية المشكلة بالبحث عن الفاعل لكن هذا لم يثمر عن أي شيء ، حين ذهب كلٌ في طريقه يبحث عن حل لوحده خطرت لقنوان فكرة رائعة ، فكرة ستدمر حياة شخص ولكن ستنقذ حياته وهي الأهم ، اتصل باابن عمه :
_ أريد أن اُلحق تهمة بشخص وأريد أن تجد الشخص المناسب لاالحاق هذه التهمة له ، أريده شخص فقير ومسكين ليس له أحد يزعجنا ونقاط ضعفه كثيرة ونستطيع تهديده بسهولة
_ حسناً ولكن قل لي ماهي التهمة وسأخطط لك خطة تجعل الضحية يظن نفسه الفاعل
روى قنوان الحكاية كلها لتامر الذي قال :
_ حسناً أمهلني حتى المساء وسيكن لك ماتريد
قطع ابن عمه تامر الاتصال وهو يفكر بشخص واحد ، ذلك الفتى ذو الوجه البريء الذي لطالما وجده في مقهى انترنت صديقه جنيد على احد الحواسيب منهمك بعمله وحين جذبه هذا الوجه البريء واللطيف سأل جنيد عنه الذي أخبره أنه فتى مسكين يعيش مع والدته في المستنقع ، ليس له أحد سوى أمه ويتردد دائما على المقهى لااستعمال الحاسوب ، ابتسم تامر حين رأى أنه قد وجد الضحية بسرعة كبيرة ، وهذا ماسيدر عليه الكثير من المال من ابن عمه قنوان فكر أنه مستعد لفعل كل شيء للحصول على هذا الفتى والقضاء عليه لنيل الجائزة ، ذهب بعدها مسرعاً للقاء صديقه جنيد الذي وجده واقفاً يأخذ النقود من ولد لقاء استعماله الحاسوب وهو يربت على رأسه ، لطالما كان جنيد شخصاً لطيفاً محبوباً من الجميع وااستقامته هذه كانت تزعج تامر الرجل المجرم الانتهازي مع أن صداقة شخصين مثلهما تكاد تكون مستحيلة إلا أن تامر لم يكن هكذا بيومٍ من الأيام ، لقد غير داخله ابن عمه قنوان وحوله إلى مجرد وحش ولكن جنيد لم يتأثر يوماً بفساد صديقه وتمنى دائماً أن يعود إلى طبيعته السمحة :
_ مرحباً ياصديقي العزيز
قال له تامر ممازحاً والذي رد:
_ أهلاً بالسيد تامر مر زمان على رؤيتك
رد تامر وهو يحك رأسه :
_ مشاغل الحياة ياصديقي
وأكمل متحمساً :
_ سمعت عن مرض زوجتك لقد أحزنني هذا كثيراً
_ نعم ، للأسف حالتها لاتبدي أي تحسن ويجب أن اسافر بها للخارج لتلقي العلاج ولكنك تعرف الحال
رد تامر بمكر وهو يحاول إبداء تعاطفه :
_ مارأيك بعملٍ سيدر عليك الكثير من المال مما يساعدك في جميع شؤونك
خاف جنيد من عرض صديقه الذي يعرف جميع اعماله القذرة ورد بحذر :
_ ماهو العمل ؟
قال له متحمساً :
_ عمل بسيط بعد يوم أو يومين ستشهد أن ورد الشاب الذي يتردد إلى هنا قد سمعته يوماً يتحدث عن تهكير لأحد الحسابات وسرقة مئات الملايين منه وإرسالها لخارج البلاد
_ من المستحيل أن أفعل هذا بأحد أنت تحلم
رد تامر وهو يمكر :
_ لاتكن غبياً ستستطيع بهذه الأموال علاج زوجتك والقضاء على جميع ديونك
رفض جنيد بالبداية ولكن بعد اصرار تامر عليه واقناعه له وتفكيره بزوجته اقتنع أخيراً وقد أحس أن الشيء الذي يخاف منه طوال عمره قد حصل وأنه قد تحول إلى وحش~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في ذلك اليوم الذي عرض تامر على جنيد ذلك العرض كان ورد في المقهى مستمتعاً بالعمل على موقعه وحين انتهى وهمّ بالخروج نظر بعيني جنيد الذي وجدها دامعةً وكأنها تتأسف له لكنه لم يلحق ليلقي بالاً فماإن خرج حتى تم تكميمه ووضعه في سيارة مع حشد من الرجال ، دب في قلبه الرعب من هؤلاء ولماذا تم اختطافه ، حين وصلوا تم انزاله وازالو الغطاء عن وجهه حين وجد أنه بين عدد من رجال المافيا في بيت يبدو أنه مهجور ، وماإن بدأ بالبكاء والصراخ حتى اقترب منه رجل من الرجال وبدأ بضربه حتى أغمي عليه ، وبعد يوم من الحادثة استيقظ ورد وهو مقتنع تماماً أنه اللص المحتال الذي سرق النقود من السيد فارس فبعد التهديدات والضرب الذي تلقاه من قنوان وتزوير حساب بنكي بااسمه وشهادة جنيد رأى أنه مامن مفر فاانطفئ كل شيء بداخله
~~~~~~~~~~~~~~~~
دخل قنوان إلى غرفة فارس موجهاً نظره نحو الأرض خافضاً صوته مثلما تعود هو ورجاله حين يخاطبون السيد فارس :
_ بماأنك أمامي الآن ياقنوان فااعتقد أنك وجدت الفاعل
_ نعم سيدي قد وجدته وهذا الملف به جميع الاثباتات والفاعل في الخارج وهو مستعد للااعتراف
ابتسم فارس وهو يشعر بنشوة الانتصار ويقلب بااوراق الملف :
_ اجلبوه لي
_ حاضر سيدي
خرج قنوان لثوانٍ معدودة قبل أن يعود وهو يجر الشاب الصغير من شعره دون أن يبدي الأخير أي رد فعل ، ورماه عند قدمي فارس الذي وقف مشدوهاً من جماله وبراءته وصغر سنه ، لم يكن يفكر أن الفاعل سيكون بهذا الشكل لقد تصوره رجل متوسط العمر بلحية كثيفة ووشم على وجهه ولكنه الآن لايجد أمامه سوى طفل بريء ، ومع ذلك شعر أنه لايجب أن يضعف أمامه ويجب أن ينال عقابه فأول مابدأ به هو صفعة طرحت ورد أرضاً دون أن يبدي أي رد فعل سوى نظرة إلى الفراغ ودمعة سقطت من عينيه
أنت تقرأ
نهاية الآلام
Romanceيُلحق "فارس" رئيس أقوى المافيا في البلاد شتى أنواع الألم بضحيته البريء " ورد " ولكن ماذا إن وقع في حبه؟