ركض فارس إلى ورد المنبطح على أرض القبو الباردة ولايبدي أي رد فعل وحمله في حضنه ووضع وجهه قرب شفتي ورد ، وحين جس نبضه شعر كأن كأس ماء بارد سُكب على قلبه ، مازال حياً ، حمله بين يديه وهرول به بين الممرات ليصل بسرعة إلى غرفة نومه وهو يصرخ إلى رجاله الذين اجتمعوا :
_ اجلبو الطبيب بسرعة ....... هيا
ركض رجاله ليجلبوا الطبيب أما هو فوضع ورد على السرير ولمس جسده الذي كان يشتعل كالنار وشعر أن هذه النار تحرق قلبه هو الآخر وكأنها تحرق معها كل الظلم والأنانية التي طغت عليه منذ الطفولة ، وهو نائم على السرير بجانبه فكر أنه سيصلح كل شيء ، ولكن مجدداً انتابه ذلك الاحساس الذي يقول له لاتستسلم لمشاعر زائفة ، هو شخص سارق ومحتال إياك أن تعطيه قلبك ، حين كان في خضم ذاك الصراع بين قلبه وعقله طُرق باب غرفته ودخل الطبيب مسرعاً :
_ سيد فارس ماذا هنالك مالذي حدث للشاب
رد فارس مرتبكاً :
_ لقد كان في القبو محبوساً لمدة عشر ساعات تقريباً والقبو بارد جداً وحين دخلت وجدته على هذه الحال
_ حسناً هل يمكن أن تفسح لي الطريق لاافحصه ؟
وقف فارس مبتعداً عن ورد بصعوبة وكأنه لايريد الابتعاد عنه أما الطبيب فقام بقياس النبض ومستوى الضغط وقياس الحرارة وبعد عشر دقائق من الفحص الدقيق التفت إلى فارس الذي كان جالساً على الكرسي ويهز قدمه من التوتر :
_ من الجيد أنك لم تتأخر عليه أكثر لقد كان على وشك أن يصاب بسكتة قلبية
لم يحتمل فارس فكرة أنه كان من الممكن أن يموت ورد لو تأخر قليلاً عليه أما الطبيب فأكمل :
_ الآن قد اعطيته بعض الأدوية ، لقد كان يعاني من حمى شديدة بالإضافة لاالتهابات في القصبات الهوائية بسبب البرد وهناك انخفاض شديد في مستوى السكر ويعاني من الجفاف يبدو أنه قد مرت عدة أيام دون أن يأكل أو يشرب أي شيء
تذكر فارس أنه لم يطعم ورد أي شيء منذ مجيئه إلى هنا وفكر بألم كيف أن هذا الصغير تحمل كل هذا العذاب أما الطبيب فأكمل أخيراً وهو عند الباب يكتب وصفة طبية :
وسأكتب أيضاً بعض الأدوية التي يجب جلبها من الصيدلية ، عليه أن يبقى ملازماً للفراش لمدة يومين على الأقل حتى يتحسن ، ويجب أن يتغذى جيداً ، عليك أن تحمد الرب أنه مازال حياً حتى الآن
أمر فارس رجاله بجلب الأدوية أما هو فنام مجدداً بجانب ورد وهو يمسد له شعره البني الجميل ولم يشعر على نفسه إلا وقد غفا بجانبه
************************
حل صباح اليوم التالي أبرد من الذي قبله لكن الغرفة التي كان ورد نائماً فيها قد كانت دافئة للغاية ، لقد أمر فارس بااشعال تدفئة الغرفة وعدم اطفائها أبداً لأي سبب كان ، كانت الغرفة مضاءة جيداً بفعل الشمس وكان ورد يفتح عينيه ببطئ لشدة الضوء الموجه لعينيه وحين نظر عن يمينه وجد فارس نائماً على الكرسي الذي قربه من السرير ، كان يتأمل وجهه ويقول في نفسه هل يعقل أن هذا الوجه البريء النائم هو وجه الوحش ذاته الذي عذبه واغتصبه ؟!
، كان ورد قد استعاد بعضاً من نشاطه فوقف على قدميه وتوجه إلى الباب الزجاجي الكبير للشرفة ، تأمل طويلاً الأشجار والطبيعة الخلابة أمامه ، لقد كان القصر يطل على غابة كبيرة ملؤها الأشجار والنباتات والزهور العطرة ، كان يحدث نفسه كم سيكون جميلاً هذا المنظر وباعثاً للراحة وللاطمئنان في الأحوال العادية لكنه الآن لايذكره إلا بالرعب والعذاب الذي يعيشه ، حين استند هو فجأة على قبضة الباب وجدها فتحت بسهولة ووجد أن الباب فُتح على مصراعيه أمامه ودخل هواء بارد ومنعش للغرفة ، خرج للشرفة وهو مستغرب من أن فارس لم يقفلها ونظر أسفله ليجد أن الطابق الذي هو فيه أعلى مما كان يتخيل ، فكر للحظة بالهروب لكنه كاد يكون مستحيلاً ، في تلك اللحظة قطعت سلسلة افكاره يد دافئة لمست كتفه ، نظر خلفه فوجد فارس ودب الرعب في قلبه حين رآه وتلعثم قائلاً :
_ سيدي ........ سيدي لقد كان مفتوحاً لوحده أقسم بذلك ........ لقد أردت فقط استنشاق الهواء
أنت تقرأ
نهاية الآلام
Romanceيُلحق "فارس" رئيس أقوى المافيا في البلاد شتى أنواع الألم بضحيته البريء " ورد " ولكن ماذا إن وقع في حبه؟
