11 لحظة الحقيقة

2K 74 25
                                    

بعد أن انتهى ورد من زيارة والدته خرج من المستشفى برفقة إياد ، ركبا السيارة لينطلقا ، لكنها لم تستجب ، حاول إياد تشغيلها عدة مرات إلى أن تنهد أخيراً بتعب :
_ اللعنة ، يبدو أنها لن تعمل
رد عليه ورد بمرح :
_ لا مشكلة ، مارأيك أن نستقل الحافلة ؟
شرد إياد بعينيه وكأنه ذائبٌ بحبه ، وحين لاحظ ورد ذلك أخفض رأسه خجِلاً ولكن سرعان ماتمالك إياد نفسه وردَّ وهو يزفر :
_ أيها الأحمق الصغير لما سنركب الحافلة ، سنطلب تاكسي بكل سهولة
قال له ورد مازحاً وكأنه يستهزأ :
_ آه سامحني نسيت أنك السيد الثري إياد لاتعرف ماهي الحافلة ، الحافلة هي مركبة يجتمع فيها الفقراء ليصلوا لمنازلهم بأقل تكلفة
حزن إياد من كلام ورد لظنه أنه يتكلم بجدية ، وحين باشر للدفاع عن نفسه ، لاحظ ورد أنه قد فهمه بشكل خاطئ فأسرع لكي يفهمه ضاحكاً :
_ لقد كنت أمزح معك أيها المجنون لمَ حزنت ؟
ابتهج وجه إياد حين ذلك ، ثم هجم على ورد وطوق رقبته بيده وأخذ ينكش له شعره :
_ إذاً انت تسخر مني أيها الملعون الصغير أليس كذلك ؟
حاول ورد أن يفك نفسه وهو يصرخ فيه متوسلاً :
_ إياد اتركني لقد خربت لي شعري ........ اقول لك اتركني
استجاب إياد له قليلاً ولكنه هذه المرة أمسك وجه ورد الصغير بيديه وكأنه يعصره ونظر في عينيه كأنه ينظر لملاك :
_ هل تبقى جميلاً هكذا مهما أصابك ؟ أم أنني قد سُحرت ؟
احمرت وجنتا ورد المعصورتان بيدي إياد وقبل أن يجيب بأي كلمة انهال إياد على شفتيه بقبلة طويلة كأنه يروي ظمأ السنين ، كأن الحب قد امتلأ
في جسده حتى طاف وأراد بهذه القبلة تفريغ بعض هذا الحب ، فتح ورد عينيه دهشةً ولكنه لم يحاول الهرب ، لم يكن يعرف هل استسلامه لهذه القبلة حباً أم رغبةً أم لأنه عرف أن لاجدوى من الهروب ! ، أفلت إياد ورد أخيراً ونظر إلى الزجاج أمامه وهو يلهث كأنه منتصر ، أما ورد فلقد بقي جامداً مكانه كأنه إن تحرك قيد اصبع فسيذوب خجلاً ، حاول إياد تشغيل السيارة للمرة الأخيرة ، وفي هذه المرة اشتغلت فصرخ فرحاً :
_ لقد اشتغلت لقد اشتغلت نعم نعم
ورد وإياد هما الإثنان كانا يعرفان أنه ليس فرِحاً بتشغيل السيارة

*****************
نزل إياد من السيارة وفتح باب السيارة مسرعاً لورد الذي نزل مبتسماً ، ومشى إياد متوجهاً إلى باب البناء الكبير وخلفه على بعد خطوة واحدة ورد ، وقبل أن يصلا إلى الباب اصطدم رجل كان متوجهاً إلى الباب نفسه بورد ، وبدل أن يعتذر أخذ يصرخ بورد :
_ ألا ترى أمامك أيها الأحمق ؟
تفاجأ ورد من مهاجمة الرجل له وحاول أن يدافع عن نفسه :
_ لكن ياسيدي انت من كنت واضعاً رأسك بهاتفك دون أن ترى أمامك
دفع الرجل ورد ليقع الأخير على الأرض :
_ اغرب عن وجهي وإلا ابرحتك ضرباً
وقبل أن ينهي الرجل كلمته جاءته لكمة على خده أبرحته أرضاً :
_ تضرب من ياابن العاهرة ؟ ، الآن سأريك أصوب الضرب الحقيقي
وهجم عليه وأخذ يلكمه ويضربه حتى بدأ الدم ينزل من أنف الرجل ،أما ورد فركض إلى إياد يحاول ابعاده عن الرجل :
_ أرجوك اتركه ياإياد ...... أرجوك ،أحب على يديك اترك الرجل ستقتله
وكلما حاول ورد ابعاد إياد عن الرجل كلما جن جنونه أكثر وأخذ يضربه بوحشيةٍ أكبر ، حينها قال الرجل بصوت مرتجف يرجوا الرحمة :
_ لقد اخطأت اغفر لي سيدي
وماإن سمع ورد جملة الرجل الأخيرة حتى شعر بألم فظيع برأسه شعر أنه قد مر بهذا الموقف من قبل وقد قيلت هذه الجملة من قبل ، "لكن من قال هل أنا أم أحدٌ غيري؟ "
زاد ألم رأسه ولم تحمله قدماه فجلس على الأرض ، وبدأ يتذكر
" ضربني ، فقلت له : لقد أخطأت اغفر لي سيدي .
لكنه واصل ضربي بوحشية ، اتذكره ، اتذكره جيداً لكنني لاأرى ملامح وجهه لم لاأراها "
وأخذ يعصر مخه وهو يحاول تذكر ملامح الرجل لكن دون جدوى " لاأتذكره ، ولكن أعرف أنه أذاني جداً ، وأعرف أن هذا الموقف مألوف جداً "
أيقظه إياد من غيبوبته فااستيقظ ووقعت عيناه على الرجل يركض هارباً من إياد :
_ هل أنت بخير ؟
رد وهو يحاول اخفاء ماشعر به :
_ هل أنت مجنون ؟ لقد كدت تقتل الرجل
أمسك إياد يدي ورد وهو يدافع عن نفسه ومن يراهم بهذا المشهد من بعيد يظن أن ورد هو نفسه :
_ لن أسمح لأحد أن يؤذي شعرة منك هل فهمت ؟
رد عليه ورد بغرور وهو ينفض الغبار عن ملابسه :
_ لا داعي أستطيع الدفاع عن نفسي
أخذ إياد يضحك بصوتٍ عالٍ :
نعم نعم لقد رأيتك حين هاجمك الرجل كيف بُهتت وجمدت بمكانك قل هذا الكلام لغيري أيها القط الصغير

نهاية الآلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن