كان منزل راجحة يعج بفوضى عارمة تفوح منه رائحة القذارة والكحول من كل مكان أما هي فمستلقية على الأريكة تتأمل السقف وبيدها زجاجة كحول ، هي لم تكن مدمنة من قبل بل بالكاد كانت تشرب الكحول ، لكنها الآن تبحث عن أي شيء يواسيها ، عن أي شيء ينسيها مأسآتها لقد مرت خمس أيام منذ اختفاء ورد ، ذهبت للشرطة لكنهم لم يبدوا أي اهتمام بقضيتها فمن يهتم بسكان المستنقع إن ماتوا وإن طابوا ، وعادت مرة أخرى لجنيد لعل قلبه يحنّ عليها ويخبرها بمايعرف لكنها وجدته قد اغلق مكانه وسافر خارج البلاد لعلاج زوجته المريضة ، وأُغلقَ معه كلَّ أمل
، وهي على حالتها تلك سمعت طرقاً متواصلاً على الباب فوقفت على قدميها وبالكاد مشت بتوازن حتى وصلت باب منزلها المهترئ وفتحته لتجد أمامها جارتها وصديقتها سوسن ، لكنها عادت لأريكتها وكأنها لم ترها ، أما الأخيرة فدخلت من دون أن تنتظر دعوة وهي مندهشة مما ترى :
_ ياإلهي ماذا حصل هنا ؟! ماهذه الفوضى والرائحة المقرفة
ردت عليها راجحة ببرود ودون إبداء أي رد فعل :
_ أهلاً بك في المستنقع لماذا انت مستغربة من الفوضى هل تظنيننا في حي الزهور ؟
اقتربت سوسن منها وهي تحاول مواساتها :
_ سيصبح كل شيء على مايرام ، أعرف كم أنك في موقف صعب ولكن يجب أن تكوني قوية
ردت عليه راجحة بحدة :
_ لاتقولي لي أنك تعرفين ، انت لاتعرفين مامعنى أن يختفي طفلك دون أثر ، لاتعرفين حرقة القلب التي أعيشها كل يوم ، هربت مع الشخص الذي أحبه وتبرأ مني أهلي لكنني رضيت لأنني أحبه ، ولكن سرعان ماخطفه مني القدر لأسقط في هذا المستنقع أنا وطفلي ومع هذا رضيت ، لكن لماذا يحدث لي هذا الآن أيضاً ؟! ، لماذا كُتب علي أن أكون يائسة وعاجزة إلى آخر العمر ، ماذا فعلت لأستحق كل هذا
وسرعان ماانهارات بالبكاء في حضن صديقتها التي لم تتمالك نفسها أيضاً وبدأت بالبكاء
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
كان فارس جالساً في غرفته يراجع الحسابات حين دخل عليه قنوان :
_ ماذا تنوي أن تفعل بالفتى ؟
_ لاأعرف
_ كيف لاتعرف يجب أن تقتله ، إذا أردت باامكاني أن اذهب أنا الآن واقتله لك
رد فارس بعصبية :
_ إياك أن تلمسه ، وأحذرك مرة أخرى أن تملي الأوامر عليّ انت صديقي ولكن لاتنسى أنني أنا هنا الرئيس وانتم تعملون عندي
_ حسناً ، انا اعتذر
رد فارس وهو ينظر من نافذته للخارج بشرود:
_ لطالما كنت استمتع بأذية الناس وقتلهم ، لكن حين أكون عنده أشعر أنني شخص آخر ، يتألم قلبي حين أرى دموعه ، أؤذيه من دون أية متعة ، منذ أن رأيته وأنا أفكر به ، لماذا له هذا التأثير علي
رد عليه قنوان وهو يتوجس الخوف :
_ يبدو ...... يبدو أنك تحبه
ضحك بسخرية وكأنه يحاول نفي حقيقة ثابتة :
_ لاتهذي ، متى رأيتني أحب أحداً ، ومن سأحب ؟! هذا الفتى المحتال القذر من سكان المستنقع ؟!
هل تجد هذا لائقاً بي ؟!
_ لهذا أقول لك أن تقتله ، لايجب أن تدع شخصاً مثل هذا يؤثر عليك
_ حسناً أخرج انت الآن
خرج قنوان ليبقى فارس وحده يفكر بالشاب الصغير ، ويسأل نفسه هل ياترى أحببته ؟!
~~~~~~~~~~~~~~~~
بعد مرور اكثر من ساعة على حادثة اغتصاب ورد قرر أخيراً أن يتمالك نفسه ، فوقف على قدميه بوهن ودخل إلى الحمام وفتح صنبور الماء البارد على جسده من دون أن يتأثر ببرودته وأخذ يفرك جسده بقوة حتى كاد أن يجرح جسده ، كان يشعر أن هنالك شيء مقرف عالق على جلده ويريد إخراجه لكنه يأبى الخروج وأخذ يفرك ويفرك بقوة إلى أن انهار على الأرض وبدأ البكاء بشكل هستيري ، وبقي على هذه الحال عدة دقائق إلى أن دخل فارس إلى الغرفة ولم يجده على السرير ولكنه سمع نحيباً يصدر من الحمام فذهب راكضاً إلى الحمام ووجد ورد جالساً تحت المياه الباردة ويبكي ، فركض إليه وحمله بحضنه إلى الغرفة ووضعه على السرير واخرج من خزانته منشفة واقترب من ورد ليجفف له جسده لكن ورد وضع يده على وجهه خائفاً ظناً منه أنه سيضربه ، حين رأى فارس ذاك المشهد شعر أن قلبه يتألم مجدداً فجلس عند ركبتي ورد وقال له وهو يجفف جسده :
_ لاتخف لن أضربك
لكن ورد لم يبدي أي رد فعل وعاد إلى الشرود مجدداً وحين انتهى فارس من تجفيفه أراد الباسه ملابسه لكنه وجدها متسخة جداً ، وحين فكر قليلاً قرر أن يلبسه من ملابسه ففتح خزانته وأخرج قميصاً قطنيا وبنطال ، وألبس ورد الذي أصبح يشبه فأراً صغيراً بملابس فارس الكبيرة ، وعندما رآه فارس بتلك الهيئة اللطيفة أراد أن يضعه بحضنه ويغلق عليه للأبد وهو يستنشق رائحته ، هدأ ورد قليلاً وحينها وجد الجرأة ليتكلم قليلاً إلى فارس الذي جلس على الأريكة بجانبه :
_ لقد شعرت أنك وقنوان مقربان جداً
_ نعم وبماذا يهمك الأمر
_ لاشيء ، لقد رأيت أنه قريب منك جداً فظننت أنكما أصدقاء
رد فارس وهو واثق بنفسه :
_ نعم هو صديقي منذ زمن وهو الوحيد الذي أثق به ، هو نِعمَ الصديق ، لايخفي عني شيء ولم يخنني يوماً
حين سمع ورد كلمات فارس الأخيرة انتابته نوبة ضحك لم يستطع السيطرة عليها فلقد رأى أن فارس مخدوع كثيراً بصديقه قنوان الذي دبر هذه التهمة له :
_ مابك تضحك
قال له فارس باانزعاج :
_ لاشيء ههههههههههههه لقد تذكرت أمراً ههههههه حين شعر فارس أن ضحك ورد نابع من كلامه عن صديقه قنوان استشاط غضباً ووقف على قدميه :
_ يبدو أنني لم ألزمك حدك جيداً ، هيا قف
ارتعب قلب ورد مجدداً :
_ أرجوك لاتضربني سيدي ، انا اعتذر
_ لاتخف لن أضربك
وامسك ورد من يده وجره خلفه ذاهباً إلى القبو ودخل إليه ورمى ورد على الأرض واقفل عليه ، أما الأخير فركض إلى الباب يضرب ويصرخ :
_ أرجوك لاتبقني هنا ، أرجوك اخرجني ..... لن أضحك أبداً فقط أخرجني أرجووووك
لكن فارس لم يهتم لمناشدته وصراخه وخرج لكن أحد رجاله قال له :
_ سيدي العفو منك ولكن الشتاء قد حل والطقس بارد جداً اليوم ، لن يصمد الفتى أكثر من يوم
_ انت لاتتدخل ، على كل حال سأخرجه بعد ساعة ، هذه عقوبة ليتأدب فقط ، والآن أنا ذاهب للشركة عندي اجتماع قل للسائق أن يجهز السيارة
_ حاضر سيدي

أنت تقرأ
نهاية الآلام
Romanceيُلحق "فارس" رئيس أقوى المافيا في البلاد شتى أنواع الألم بضحيته البريء " ورد " ولكن ماذا إن وقع في حبه؟