كان ورد ينظر إلى فارس النظرات ذاتها حين رمى بنفسه من شرفة القصر ، نظرات الغضب ، القهر ، الخوف ، وانعدام الرغبة في الحياة ، إضافةً إلى الحقد الذي اشتعل في قلبه بعد أن عاود التعرف على ملامح عدوه :
_ ورد أرجوك اسمعني
حاول فارس الاقتراب منه لكن الأخير ابتعد خطوة للوراء خائفاً :
_ إياك والاقتراب مني أيها النذل الحقير لن أسمح لك بأن تؤذيني مجدداً
تألم قلب فارس حين شعر بخوف ورد منه وظنه بأنه سيقوم بأذيته :
_ ماذا تقول ؟ من المستحيل أن أؤذيك أبداً ياورد
انتابت ورد فجأة نوبة من الضحك المفاجئ ولم يستطع تمالك نفسه إلا بصعوبة :
_ لن تؤذيني ؟ هل أنت متأكد أنك لن تقوم بطرحي أرضاً وضربي ثم سجني ؟
هل أنت متأكد أنك لن تقوم بااغتصابي وسلبي كل ماأملك؟
هل أنت متأكد أنك لن تقتل أمي كما حاولت أول مرة وطرحتها في المستشفى تصارع الموت حتى هذه اللحظة؟
اغرورقت عينا فارس بالدموع :
_ لقد تغيرت ياورد ، أقسم أنني تغيرت ، منذ اللحظة الأولى التي رأيتك بها شعرت أنك جزء من قلبي بل أنت قلبي كله ، لقد شعرت بالحب للمرة الأولى بعد سنين معك أنت ، لقد عاودت الإحساس بمعنى أن تعيش لأجل أحد تحبه ، أنا الذي لم أكن أملك سبب لأحب الحياة كنت أنت سببي للتمسك بها ، ورد انت لاتعرف مامر علي كل هذه السنين وكيف تحولت للوحش الذي تعرفه ، لقد أخذت الحياة مني كل ماأملك ، ظلمتني وقهرتني وحولت قلبي لصخرة قاسية لاتفتتها أي قوة ، لكنك أنت من استطعت تليينه وتحويله من صخرة جافة لقلبٍ يخفق ويدق من أجلك انت وحدكتأثر ورد بكلامه لكن قلبه مازال حاقداً والنيران تشتعل بداخله ، لايستطيع سوى رؤية ذلك الوحش الذي دمر حياته أمامه :
_ أنت مخطئ ، الوحوش مثلك لايستطيعون التغير أنت مجرد شخص مريض يحتاج إلى العلاج ، هل ظننت أنك ستستطيع خداعي كما خدعتني أول مرة حين أوهمتني بالحب ثم قتلت أمي ؟
انفطر قلب فارس حين عرف بتفكير ورد اتجاهه :
_ أقسم أنني لم آمر بقتلها ، ذلك الوغد قنوان خدعك مثل ماخدعني أول مرة حين اتهمك وافترى عليك ، أرجوك صدقنيصرخ ورد بأعلى صوته غضباً :
_ لن أصدقك ، لن أصدقك أيها الوغد الكاذب الحقير ، سأقتلك يافارس ، ستكون نهايتك على يدي
تناول ورد من على الطاولة مزهرية من الزجاج وكسرها ثم أخذ منها قطعة طويلة وحادة وهجم على فارس بها ، كان فارس مستسلماً ووقع على الأرض حين هجم عليه ورد ، لم يكن يفكر بالموت ولم يكن خائفاً منه ، كل ماكان يؤلمه هو كره ورد له ، جلس ورد على حجر فارس وهو يصرخ رافعاً يديه اللتان يحملان قطعة الزجاج ليوجهها لقلب فارس ، ولكن للحظة التقت عيناه بعيني فارس لدقيقة ، وشعر أن يداه ترتخيان ، وأنه لن يستطيع أبداً أن يؤذي هذا الشخص ، شعر أنه لايحتمل حتى فكرة أن يسقط ويتألم ، شعر أنه يعشقه وغضب من هذا الشعور الذي ينتابه بشدة ، فما كان منه إلا أن أوقع الزجاجة من يده وانهار بحضن فارس باكياً :
_ أكرهك أكرهك أكرهك
ضمه فارس إلى حضنه بشدة وكأنه يريد إدخاله بين ضلوعه :
_ أنا آسف ياورد ، أرجوك سامحني ، سأعيش عمري كله أعوضك عن مافعلت
توقف ورد عن البكاء وقام من حضن فارس متداركاً نفسه ، مسح الدموع عن وجهه وعينيه المتورمتان ثم نظر إلى فارس الذي وقف هو الآخر :
_ فارس ستنسى إسمي من الآن فصاعداً ، وستنسى كل ماحصل ، إن رأيتني في الطريق يوماً ما فإياك أن تقترب مني ، إن انطبقت السماوات والأرض وشرقت الشمس من المغرب فلن أكون لك
، فارس إن سامحك الله يوماً ما على أفعالك فأنا لن أسامحك ، لن أسامحك أبداًخرج ورد من البيت وترك ورائه فارس الذي تحول إلى حطام ، صرخ صرخة مدوية رجت البناء بأكمله وأخذ يكسر أثاث المنزل وهو يصرخ ويبكي " لماذا أنا ياالله ؟ لماذا اخترتني لهذا العذاب ؟ لماذا ؟ لماذا دمرتني وأخذت مني كل مأاحببته يوماً ؟ لقد كنت صغيراً جداً ياالله كنت صغيراً حين أخذتهم مني ، كنتُ صغيراً حين أطفئت روحي في غياهب السجن ، كنتُ صغيراً على كل شيء ، لماذا اخترت أن أكون أنا الوحش ؟ لماذا أخترت أن أكون أنا دائماً من أفقد جميع الناس الذين أحببتهم؟ "
انهار متعباً ومتكوراً على نفسه في زاوية الصالة وهو يشهق من البكاء كالطفل الصغير " لماذا ياالله ؟ لماذا ياعابد ؟ لماذا ياأبي ؟ لماذا ؟ " .
أنت تقرأ
نهاية الآلام
Romansaيُلحق "فارس" رئيس أقوى المافيا في البلاد شتى أنواع الألم بضحيته البريء " ورد " ولكن ماذا إن وقع في حبه؟