كان ورد واقفاً أمام قبر فارس لوحده ، مذهولاً ، مصدوماً ، خائفاً ، وقلبه منفطر ، شعر أن الدموع لايمكن أن تعبر عن مدى حزنه فلم يبكي ، خاف من فكرة خسارته ، ولكنه خسره ، نظر إلى القبر وخاف على فارس " هل هو خائف الآن من ظلام القبر ؟ " ، فكر طويلاً " كيف تركته ، كيف تخليت عنه ، لقد كان بأمس الحاجة لي " ثم نظر إلى القبر بتمعن وانهار بالبكاء فوق ترابه ، وضع خده على القبر واختلطت دموعه بالتراب ، ثم أخرج مسدساً من جيبه ، تمعن بتفاصيله ، ثم سحب زر الأمان ، وجهه إلى رأسه وهو يلهث بيد راجفة وقلب يخفق بسرعة ، لقمه ثم أطلق رصاصة برأسه ، لكنه لم يمت بل بقي صاحياً يشعر بحرارة الرصاصة داخل رأسه " لماذا لم أمت ؟ لماذا لم أمت ؟ " رد عليه فارس الواقف أمامه فوق القبر " لن تموت ياورد ، لم نكن لبعضنا في الحياة ولن نكون لبعضنا بعد الموت ، هذا هو القدر ويجب أن نقبل بأقدارنا "
لم يستغرب ورد من فارس الواقف أمامه ، ولكنه أعاد المسدس بااتجاه رأسه وأطلق الرصاصات بشكل جنوني وهو يصرخ " مت ، مت ، مت "
ولكنه استيقظ بعد أن صرخ وعرف أنه كان كابوساً فظيعاً ، نظر حوله فوجد نفسه بغرفة والدته التي فزعت هي الأخرى حين صرخ :
_ ورد هل أنت بخير ياصغيري؟ ، اشرب القليل من الماء إنه مجرد كابوس
******************
كانت الخادمة سهيلة تمشي على عجلة بااتجاه منزل فارس وهي تحدث نفسها " منذ أن مرضت أختي لم أطلب من سيدي في العمل إذناً ولم أقل له حتى عن ظرفي ، لابد أن غاضب مني ، ولكن ماذا عساني أفعل لقد مرضت بشدة ولم يكن بوسعي تركها أو حتى أن أتذكر اخبار سيدي ، أرجو أن يسامحني فقط " .
كان فارس يفرك قدميه ببعضهما وهو يختنق وكانت سهيلة تفتح باب البيت الذي كان عالقاً بالباب ويأبى أن يفتح ، وفي النهاية فُتح الباب لتجد فارس أمامها يتدلى من السقف وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ارتعبت من المنظر المخيف لكنها سرعان ماتمالكت نفسها وركضت إليه وأمسكت بقدميه وبدأت ترفع به لكي يعود التنفس لمجراه الطبيعي ولكن جسده كان ثقيلا مقابل جسدها الضئيل ، ومع ذلك رفعته بأقوى ماتملك لكي تنقذه ، وفي ثانية من الثواني التقطت سكيناً من الأرض كان قد استخدمها فارس لقطع الحبل ، أمسكتها وقفزت للأعلى لكي تقطع الحبل ، لكنها لم تصل ، ثم قفزت في المرة الثانية ولم تستطع كذلك قطعه ، ثم صرخت في المرة الثالثة وكأنها مصارع على حلبة الملاكمة وقفزت كأنها عصفور تعلم الطيران للمرة الأولى وقطعت الحبل كشخص يقطع وريد من قتل أطفاله ، سقط فارس فوقها ، ثم سطحته على الأرض وتفقدت تنفسه فوجدته لايتنفس وكان النبض ضعيف للغاية " لا لا لا لاتمت لاتمت أرجوووك " لم تكن تعرف كيف تنقذه لكنها لحسن الحظ تذكرت والدها الممرض الذي أنقذ شخصاً قد غرق في البحر ، بسرعة توالت الأفكار إلى رأسها ، وضعت رأس فارس بحضنها وأمالته للخلف ورفعت ذقنه ثم اغلقت فتحتي أنفه وأخذت نفساً عميقاً ثم أحكمت شفتيها حول شفتيه ونفخت بقوة حتى يرتفع صدره ، لكنه لم يتنفس رغم ذلك ، حاولت مرة أخرى وأخذت نفساً أعمق ونفخت حتى كادت هي الأخرى تختنق ، فما كان من فارس إلا أن يشهق شهقة الحياة ثم يسعل بشدة وهو يحاول أخذ نفس من جديد ، ضحكت سهيلة وتساقطت من عينيها دموع الفرح ، فرحتها باإنقاذ نفس من الموت ، أمسكت هاتفها واتصلت بالإسعاف
أنت تقرأ
نهاية الآلام
Romanceيُلحق "فارس" رئيس أقوى المافيا في البلاد شتى أنواع الألم بضحيته البريء " ورد " ولكن ماذا إن وقع في حبه؟
