le premier

107 12 53
                                    


وصلتُ محطة سياراتِ الأُجرة في الوقت المحدد، لكني لم أر من كنت سألتقي بالجوار. وقفت هناك أنتظر، وأنظر بالأرجاء، أحاول إشغال نفسي عن التوتر بالكلام إلى نفسي. "ما الذي يفعله إلى الآن؟ أين هو.. هل أبدو جميلة بهذه الملابس يا ترى؟ هل هي لائقة؟ هل مساحيق التجميل ما زالت بخير؟ ماذا لو أُفسِدت بمطر مفاجىء؟ لقد تأخر.."

لطالما كنتُ الأولى من يصل لأمكنة اللقاء وهذا يجعل الجميع يظنني دقيقة في مواعيدي، بينما الحقيقة هي أني أتعمد التأخير دائما خمس دقائق أو عشرا.
في النهاية، ومهما فعلت، أكون دائما الشخص الذي ينتظر.

- سلام!

نظرتُ لمصدر الصوت، فابتسمت ورددت التحية.

إنه يكبرني بعامين اثنين، يطولني بخمس إنشات تقريباً، شعره ملولب، مصفف بفوضوية، يرتدي سروالا أصفر، سترةً زرقاء من الجينز مفتوحة الأزرار، يظهر تحتها قميص صيفي برتقالي.

كانت ابتسامته واسعة وبشوشة، الشيء الذي جعلني أعجب به فجأة قبل أشهر. وقبل ذلك، كنت أعتقده شخصا سطحيا؛ وانطلاقا من صوره على الانستغرام، فَمن ذا سيلومني؟ ملابسه الملونة وحدها كانت تبعث في نفسي النفور!

- أَحْضرته؟

- بالتأكيد، وأنتِ؟

لسنا مقربين. هذا هو لقاؤنا الأول أنا وستيفن. لكن لم ذلك ليمنع من أن أتصرف على طبيعتي؟ إن البشر يشعرون بالراحة وبالحرية بين بعضهم البعض إن كانوا يتصرفون بطبيعتهم. وستيفن كان يتصرف بطبيعته.

تبادلنا الكتابين، وقد كنا سعداء. إلى أن قال فجأة:
- هل تودين شرب قهوة؟

- ش.. ألن نذهب إلى "الجنة"؟

- آه.. أجل! لقد نسيت لوهلة! Oh mon dieu (يا ربي بالفرنسية)

أقَلَتْنا سيارة أجرة إلى المكان الذي نريده. إنه مقهى بني على جبل القرية المجاورة للمدينة. قرية جميلة هادئة، تطل على البحر، يريدها الملاحون وراكبو الأمواج والسياح، والأشخاص الأغنياء مثل ستيفن، والبقية من العامة بحثا عن المخدرات، أو عن شخص ما، مثلي.

لقد غربت الشمس بالفعل لما وصلنا.  مبنى المقهى بدا من الخارج كأحد المعلمات التاريخية ببلد فرنسي، إلا أن ذلك لم يفاجئني، إذ أن مستثمريه في الأصل وصاحب المقهى نفسه فرنسيون. من الداخل، كان الطابع الأنيق يسود على التصميم، التزيين، الأثاث، وحتى العاملين وطريقة تعاملهم. كنت أستطيع التقاط رائحة القهوة الممزوجة بعبق البحر، وكان ذلك، لوهلة، أقصى ما أستطيع تمنيه، إلى أن رأيته.

كان هناك، وراء طاولة المقهى، يخلط بين السوائل، بين أنواع الخمور، بمهارة وبسرعة مذهلة. عيناه السوداوين، وشعره، وملابسه، كلها، جعلتني أنتفِضُ كمَن دغدغَه البَرد.

Keira Gray | كِيـرَا غرايحيث تعيش القصص. اكتشف الآن