فجأة شهق من بين شفتيه المدممتين ما جعلني أجفل وأتراجع للخلف، كان ينظر إلي بتلك العيون المضيئة.
"كيت... هل أنتِ بخير!؟" كانت لديه تعابير مختلفة أراها لأول مرة، كان كأنه على وشك البكاء، تمسّك بي وعانقني بقوة رغم ذلك لم أنبس بحرف بعد، هل هذا كل ما يهمه بعد أن عاد للحياة...
"أنا آسف_" قال وهو يفصل العناق، وقعت أنظاره على رقبتي، كانت مليئة بآثار العض وكان معصمي ينزف بالفعل، أستطيع الإحساس بندمه ولكن لم أشعر بتحسن، رفع رأسه وقال "يجب أن تشربي بعض من دمي، سوف تلتئم جروحك بلحظة"
حركت رأسي باِمتعاض "مستحيل"
زفر أنفاسه باِستسلام ثم أمسك أطراف سترته ليتحقق من أي قطعة لم تصلها الدماء، مزق منه وبدأ يصنع لفافة حول كفي المجروح، خلال ذلك كنت أتذكر كل الجروح التي سببها من قبل لتخرج زفرة مليئة بالنفور مني.
وضع يديه الملطختين بالدماء على كتفيّ ليسقط أنظاره على عيني ولسبب ما كان يبدو صادق وكان يمكنني رؤية الندم في كل حركاته وكلامه "أعرف أني أخفتكِ كثيراً، وأذيتكِ أكثر، لكن أعدك أني سأعيش كل حياتي وأنا أحاول إصلاح هذا الخطأ"
زمّ شفتيه للحظات قبل أن يقول باِرتجاف "أنا آسف… ربما لن يغير هذا أي شيء ولكن… أنا حقاً أحبك"
فجأة صار يعرف ما هو الحُب، لم أتمكن من مسامحته أبداً رغم كل ما قاله، لقد زرع ذكريات بشعة عن نفسه في عقلي، اعتدت أن أخاف منه وأكرهه. أنزلت يديه عني وكنت أصنع حرب في داخلي حتى لا تخرج دموعي "لا أستطيع الجدال الآن... أريد العودة إلى بيتي"
لم يستغرب أني غيرت الموضوع، كان يجاريني بالكلام ويحاول إصلاح الوضع "لا تستطيعين... الطريق أطول مما تتخيلين، يجب أن تبقي في بيتي الليلة وغداً سوف أحل الموضوع"
نهضت على الفور وقلت باِنزعاج "إذاً سأتدبر أمري..."
نهض وأمسك ذراعي قبل أن يتلفظ "إستمعي أنتِ لا تفهمين، ذلك المارتن جعلكِ تقطعين مسافة طويلة حتى يبعدكِ عني قدر المستطاع، نحن في ولاية أخرى ولن تجدي من يوصلك وأنتِ بهذه الحالة... فقط هذه المرة حاولي أن تثقي بي"
كنت مقتنعة من البداية أني لن أصل إلى بيتي اليوم ولكن لا أريد الذهاب معه لأي مكان أنا مازلت خائفة ولا أثق به أبداً.
مد لي كفه "هيا... فقط اليوم!"
لم يكن لدي خيار آخر، وضعت يدي في يد خاطفي ليبتسم تحت الدم الجاف على وجهه، كان مظهرنا مزري فعلاً، بينما كنت أفكر بكل تلك الأمور تفاجأت عندما وجدته يرفعني على ذراعيه، كانت لديه ابتسامة غريبة مع كلامه "تمسكي جيداً"
"ماذا؟" تمتمت بجهل وقبل أن أسمع الإجابة انطلق بين أشجار الغابة بسرعة لم أشهد لها مثيل، كنت أعتصر سترته في قبضتي وأغمض عيني بقوة، لا يعجبني هذا الأمر وبدأت أشعر بالدوار.