البداية

9.8K 495 260
                                    

لا تنسو الدعاء لأخوتنا في غزة.

***★****★***

كانت رائحة منعشة، عِطر لطيف ورجولي بالوقت نفسه، كنت أسمع صوت أوراق تُقلَب، كان حلقي جاف وظهري يؤلمني ويخبرني بأن هذا ليس سريري الذي اعتدت عليه، أشعر بالكثير من الفضول وأريد فتح عيني بأسرع وقت ممكن لكني لا أقدر.

دقائق وَلَت وتمكنت من رفع جفنيّ، لأشاهد عيون كالدّم النقي، لا أعلم مَن يكون هذا الرجل، لكن كل ما أعرفه أنها أجمل عيون رأيتها حتى الآن، بشعر داكن وملابس سوداء، كان جالس على كرسي جلدي بجانبي وبين يديه كتاب.

ابتسم لي وأردف بصوته العميق "هاقد استيقظتِ!"

عندها أعادني للواقع حيث لا أعرف أين أنا ومتى جئت هنا، نظرت حولي بقلق لأدرك أنها غرفة مستشفى فقال "مِن الجيد أنكِ بخير…"

عقدت حاجبي وأنا أحاول استرجاع الأحداث لكن لم أقدر أيضاً، كل ما أتذكره هو وجه مشوّش عليه ندبة… بدأ القلق يسايرني وأملت ألا أكون قد سببت مصيبة وأنا لا أذكر فأعدت عيني على الملاك الجالس بجانبي على الكرسي، حاولت ترتيب كلماتي جيداً تحت تحديقه المتمعن الذي يوتر الأعصاب فخرج صوت مبحوح من حلقي "ماذا حدث…؟"

أغلق الكتاب وشبح ابتسامة على وجهه "مع الأسف أصبتِ بحادثة صغيرة لكنكِ خسرتِ الكثير من الدماء" تحركت ذاكرتي إثر كلامه لأغمض عيني على الفور عندما تذكرت الألم الذي عانيت منه.

"أخبرني كل شيء! كيف وجدتموني ومتى!"

لم يستغرب ولم تتغير تعابيره الهادئة "كنت أقود سيارتي ليلة أمس وفجأة قفزتِ أنتِ أمامي في ذلك الطريق القاتم تطلبين المساعدة وعنقكِ تنزف بشدة… صديقتكِ كانت تبكي كثيراً عليكِ"

"ماتيلدا…" همست وعيوني متسعة، إنها أفضل صديقاتي ودائما أتجنب إقلاقها علي، صحيح أنها تبدو صلبة وقوية لكن في الحقيقة ماتيلدا لا تفرق بشيء عن أجنحة الفراشة، يتوجب علي الخروج من المستشفى على الفور فأنا مازلت لا أفهم كل ما حصل وكيف وصلت الأمور إلى هنا ولكن في البداية يجب أن تخبرني صديقتي كل ما تعرفه.

سألت ببعض التوتر "أين ماتيلدا الآن؟… أعني صديقتي!"

تنحنح قبل أن يتفوه "لم تتوقف عن البكاء فخرجت منذ نصف ساعة لتستنشق الهواء…"

تنهدت باِنزعاج "ليجلبها أحد إلى هنا رجاءً" حاولت الجلوس لكنه رفع يديه كأنه يوقفني وعندها انتشر ألم فظيع في عنقي لأسقط على وسادتي مجدداً، وضعت يدي على رقبتي وأنا أتأوه لأتحسس ضمادة كبيرة ملفوفة حولها فاستطرد متنهداً "ما كان عليكِ أن تتحركي بسرعة، كان لديكِ جرح في رقبتك… الشرطة لم تجد أثر الفاعل"

عقدت حاجبي وبدأت أشعر بالخوف، ما الذي حصل بالضبط في الليلة الفائتة ولماذا يعتقدون ويجعلونني أعتقد أن شخص ما جرحني! الأشياء التي سمعتها جعلتني أشك بكل شيء حولي.

|| مفتون ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن