الحلقة ( 40 ) - عتق أم سجن ؟

201 13 0
                                    

متنساش النجمه يقمري ★♥

الحلقة ( 40 ) - عتق أم سجن ؟ - :

كان راقدا بمهجعه ..
حين بدت ذاكرته مشوشة الملامح ، و إختلطت ألوانها حتي ظهرت رمادية مثقلة بالغيم ..
لم يكن من السهل عليه أن ينام بسكون هكذا ... و لكن آلامه و أعصابه المشدودة ، كلها أشياء أنهكت بدنه ، و جعلته يستسلم لغيبوبة السقم و الإنهيار تلك ..
كل عضو بجسده كان هادئا تماما ، عدا عقله .. عقله الذي راح يستحضر كل ذكري أحدثت آثرا بالغا في حياته ..
لا سيما حادثة واحدة في صباه ، لم ينسها أبدا ... رغم أنها تبدو بعيدة جدا ..
و لكنه يتذكرها بكل وضوح ..

............................................................

حين كان صبي صغيرا في السادسة عشر من عمره ، و قتما حلت الكارثة المهـولة التي أودت بوالده و براءته في آن ..
لم يستطع منعها ، لم يستطع دحر الخطر بمفرده !
لاح لذاكرته ذلك المشهد الذي لم يفارقه طيلة حياته ..
عندما شق طريقه داخل المخزن المشتعل بآلسنة اللهب الحارقة ..
جال في حذر بحثا عن أبيه ... يبكي بحرقة و هو يصرخ مناديا عليه بأعلي صوته ..
ظل ينادي و لا من مجيب حتي بح صوته و إنجرح ... حتي لطخه السخام تماما ، و تسلل إلي رئتيه ليجعله يسعل بحدة ..
إزدادت حدة سعاله أكثر ، و تشوشت رؤيته أكثر و أكثر ، حيث لمعت أضواء غريبة أمام ناظريه و تطوح جسده بضعف ..
و لكنه ثابر ، و واظب علي البحث بما يمكن من السعة ..
حتي ذاك الآن الذي دوي فيه صوت الإنفجار المدمر !
لم يتذكر شيئا أخر بعد ذلك ، جل ما يتذكره أنه أفاق ليجد نفسه يتيما فجأة ..
ثم مشوها ، ثم مشردا ..
و في الأخير تحول بين ليلة و ضحاها من صبي يافع ، إلي رجل ناضج ، بات مسؤولا عن أمه السيدة الآرملة ، و شقيقه الطفل الرضيع !!
رافق ذلك المشهد ، ذكري أخري ..
و لكنها قريبة و واضحة جدا ..
ذكري تلك الجميلة ، جميلته كما أطلق عليها ذات الشعر الأشقر و العينان الزرقاوان ..
حين كانت بين يديه ، تبتسم له بحب و هي تمسح علي شعره و خده الخشن المجوف بحنان و لطف ..
ثم تضم رأسه إلي حضنها و تخبئه و كأنها أما تحمي طفلها ..
تفاعل عقله مع هذه الذكري بصورة سريعة ، و للحال تنشط أكثر و أخذ يعرض له أحداث الساعات الماضية كلها ..
و بغتة ... ساعده علي إسترداد وعيه ..

...........................................................

-هانيـــــــااااااااااااااا !
هكذا إنطلقت صيحته المتوحشة الجريحة لتربك هدوء الجو الساكن من حوله ، و لينتفض علي إثرها "زين" الذي جلس مسترخيا فوق مقعد وطئ وثير بجوار السرير ..
قفز "زين" نحوه مسرعا ، و أحاط كتفيه بذراعيه بقوة ليحبط محاولاته الهائجة في مغادرة الفراش ..
ثم هتف به في صرامة:
-عـااصم ... اهـدا ، اهــدا يـا عــاااصم !
تابع "عاصم" محاولاته للإفلات منه و هو يصيح بكل جنونه:
-اوعــي ... سيبنـي .. سيبنــي يـا زيــن ، هـي فيــن ؟ .. راحت فيـــن ؟ ... هـانيا فيـــــن ؟؟؟
لم يتمالك "زين" نفسه أكثر ، و هدر بصوت عنيف:
-بقـولك اهـدا ... انـت مش حـاسس بنفسـك ؟ .. ده انـت معدوم العـافية يـابنـي آدم ! ... اهمد بقـي ، الله يلعـن هانيـا علي اليـوم اللـي شـوفتها فيـه يـا اخـي !!
بصوت تآرجح بين الإضطراب و الإنفعال ، صاح "عاصم" غير عابئ بآلامه الجسدية:
-هانيـا فيــن يـا زيـن ؟ .. خدوهـا ؟ ... يعني ماعدتش في البيـت ؟ .. رد عليــا !
و أمسكه بياقتي قميصه ، فضغط "زين" جفنيه بشدة و هو يردد بفحيح حانق مغتاظ:
-الله يخربيتها يا شيخ ... دي لو سحرالك ماكنتش هتقدر تعمل فيك كل ده !!!

"المظفار و الشرسة"🚫حيث تعيش القصص. اكتشف الآن