متنساش النجمه يقمري ★♥
الحلقة ( 33 ) - علي درب اليأس - :
" سبب الوفاة - هبوط حاد في الدورة الدموية - " ..
هكذا صرح التقرير الطبي المبدئي لمستشفي المدينة المركزية ..
أن الفتاة أصيبت بنزف حاد بجدار الرحم أفضي بها إلي الموت خلال خمسة و ثلاثون دقيقة من بدء النزف ..
طالع "إياد" هذا التقرير بتركيز واجم ، أدرك كل حرف فيه جيدا .. ثم ألقي به فوق المكتب ..
إلتفت إلي طاقم الأطباء و قال متجهما بصلابة:
-تقريركوا مبدئي يا دكاتره .. ماينفعنيش الكلام ده ، انا عايز اعرف ايه اللي حصلها بالظبط.
تكلم الطبيب المسن حديثا و الذي يتصدرهم:
-بصورة تلقائية يا حضرة الظابط المستشفي استدعت انهاردة الصبح لجنة مكونة من اعضاء هيئة الطب الشرعي ، هما هيتحققوا من التفاصيل بدقة اكتر و هيسلموا حضرتك تقرير مفصل و شامل بكل التفاصيل اللي ممكن تحتاجها.
آتي "وليد" في هذه اللحظة مهرولا ، و قال:
-إياد باشا .. عايزك في موضوع مهم.
إستأذن "إياد" من الأطباء ، و مشي صوبه .. سأله عابسا:
-في ايه يا وليد ؟؟
إقترب منه "وليد" خطوة و هو يقول في خفوت حذر:
-من شوية كلموني في القسم و قالولي انهم لقيوا حاجة مهمة اوي في الاوضة اللي في البانسيون.
توسعت عينا "إياد" بلهفة ممتزجة بالآمل ، فسأله:
-لقيوا ايه ؟؟؟
-لقيوا موبايل واقع في الاوضة .. احتمال كبير يبقي يخص القضية ، لو كده اكيد هيفيدنا و يوصلنا لحاجة !
-محدش عرف عنه حاجة ؟؟
-لا يا باشا ، انا قلتلهم محدش يفتحه و لا يجي جمبه الا اما حضرتك تيجي.
توهجت عيناه و هو يتنفس بصوت مسموع كمتوحش ، ثم يقول بخشونة ضارية:
-اكيد هيوصلنا لحاجات مش حاجة واحدة بس .. يلا بينا !...........................................................................
ذهب عقلها ..
منذ قالوا لها الخبر المفجع .. آبت أن تصدق ، واجهتهم جميعا بالرفض القاطع ..
و من وقتها و هي لم تعود إلي منزلها .. بل راحت تجوب الطرقات بحثا عن إبنتها ..
لم تترك شارع و لا زقاق إلا و بحثت فيه ..فتشت عنها في كل مكان ..
و لا زالت حتي الآن تبحث في يآس .. علي آمل أن تجدها ..
فها هي "قوت القلوب" .. تجر خطاها التعبة الثقيلة تحت آشعة الشمس الحارقة ..
تناجي إبنتها بلوعة و نبرة معذبة وسط المارة .. :
-هنــــــــااا .... بــت يـا هنـــااا .. مابترديش علي امك ليه يا بت ؟
ردي عليا .. يـا هنـــااا ...... يا حبيبة امك ياختي ... سيياني كده ليه يا ضنايا ؟
تعــالي شوفي امك بقي حالها ازاااي يا حبيبتي ؟ .... يــاااا هنـــــــااااا
هكدا راحت تهتف و لا من مجيب ، و بذلك النواح الحار .. إجتذبت "قوت القلوب" نظرات جميع من حولها و قلوبهم ..
و تابعت سيرها علي الحالة ذاتها ، فبقيت محط الأنظار أينما حلت ...***********************************
وسط باحة المنزل الرئيسية ..
ترجل من سيارة والده في روية و رفق .. فإرتكز علي عصا من خشب الزان المستقيمة الجذع الملساء اللحاء ..
حضر والده إلي جانبه مسرعا ليسنده ، بينما سمعا صوت صياح "دينار" و "رضوي" آتيا من الداخل ..
فإجتازا الممر المؤدي للباب الداخلي .. و ما أن وطأت أقدامهما عتبة الباب ، حتي إنطلقتا الأم و الإبنة تجاههما ..
كانت "دينار" تبكي و تضحك في آن و هي تحتضن إبنها في شوق جم ، و تمسح علي شعره الناعم بعاطفة أمومية ..
و بدوره إحتضنها "مروان" و هو يقول:
-خلاص يا ماما .. خلاص بقي .. اهدي يا حبيبتي بتعيطي كده ليه بس ؟ .. ما انا كويس قدامك اهو.
واصلت بكائها و هي تضمه إلي صدرها أكثر فأكثر .. ثم أبعدته عنها قليلا و أخذت تتآمل وجهه الوسيم مليا و الدموع تملأ عينيها و تسيل ..
فعادت تضمه مرة أخري و هي تقول من بين دموعها:
-الله يسامحك يابني علي اللي عملته فيا .. ليه يا مروان تعمل كده في امك ؟ .. ده انت حياتي ، عمري كله .. لو خسرتك ابقي خسرت حياتي.
-بعد الشر عليكي يا ست الكل.
قالها بلطف و هو يقبض علي يدها من فوق كتفه و يقربها من فمه ليقبلها ..
مسح لها عبراتها التي أغرقت وجهها تماما ، ثم دني برأسه منها و طبع قبلة علي خدها ، و قال مداعبا:
-خلاص بقي يا ديدي .. انا كويس اهو ، مايبقاش قلبك خفيف كده .. ابنك اسد ماتخافيش.
إبتسمت له بخفة قائلة:
-ماشي يا اسد .. تعالي بقي عشان الغدا جاهز ، و لا تحب تطلع تريح في اوضتك شوية ؟؟
هز رأسه رفضا ، و قال:
-لأ انا مش تعبان .. عايز اقعد وسطكوا .. وحشتوني.