متنساش النجمه يقمري ★♥
* المظفار و الشرسة *
الحلقة ( " 44 " و الأخيرة ) - نهاية الأسطورة .. و بداية الحياة - :
في دار القضاء العالي ..
داخل قاعة المحكمة الجنائية ، التي إكتظت بالجماهير العريضة الذين كادت تفتك بهم دهشتهم ، و كادوا يتفجرون سخطا و غضبا و نقمة علي أغرب و أبشع جريمة شهدها مبني المحكمة منذ تم إنشائه ..
و من حول الجماهير ، إحتشدت وسائل الإعلام متسابقة في تسجيل وقائع محاكمة هؤلاء المجرمين التسعة داخل قفص الإتهام .. و من خلف منصة الدفاع ، وقف المحامي الذي وكله "إياد" يستصرخ بصوته المجلجل الهادر الذي يكاد يزلزل قاعة الجلسة ضمائر هيئة المحكمة للقصاص من هؤلاء المغتصبون ..
الذين هتكوا عرض فتاة طاهرة مسكينة بأبشع صورة ممكنة عرفتها البشرية منذ وطيء الإنسان الأرض ..
عذبوها بقلب بارد ، إستنزفوها .. إمتصوا روحها اليانعة ببطء و عنف حتي ذبلت و ماتت !
مضي المحامي يصرخ و يصرخ بإنفعال و عصبية مناشدا هيئة المحكمة بتطبيق أقسي العقوبات علي هؤلاء السفلة حتي يكونون عبرة لأمثالهم ، و حتي ترتاح جميع القلوب التي تآذت و توجعت من بشاعة هذا الجرم البغيض ..
و أثناء صراخ الدفاع ، كانت تنفلت بين الحين و الأخر الصيحات من الجماهير و بعض السباب موجها لهؤلاء القتلة ، و كان لأهالي المذنبون نصيبا في الصياح و الصراخ المعترض ليسكتهم القاضي بحزم حتي يكمل الدفاع مرافعته ..
إنعكس كل هذا علي الواقفين وراء قفص الإتهام بالذعر و الرعب ..
فبعضم من إلتزم الصمت الواجم ، و البعض الأخر إنهالت مدامعهم و هم في إنتظار مصيرهم الأسود ..
فرغ الدفاع من مرافعته ، و جاء دور هيئة المحكمة ..
و بعد المداولة ، هتف المنادي بصوته الجهوري:
-محكمــــــة !
لحظات ... و بدأ القاضي ينطق بإسم المحكمة ، فطفق يقول بصوت آجش صارم و مرتفع حتي يصل إلي مسامع الجميع:
-بعد الإطلاع علي المستندات ، و سماع المرافعات ... و حيث أن المحكمة هي صاحبة السلطة في صياغة تطبيق العقوبات بشكل صحيح غير قابل للتحيز أو التسويف .. إلا أننا اليوم أمام جريمة من أغرب و أبشع الجرائم التي شهدها القضاء المصري علي الإطلاق ..
بخلاف إختطاف أنثي ، و إنتهاك و إهدار شرفها و حياتها ..
لهذا .. و يقينا من هيئة المحكمة أن صلاح المجتمع أساسه تطبيق العدل في أتم صوره .. يتوجب عليتا إتخاذ حكما رادعا ، و باترا ضد هؤلاء المجرمون و غيرهم ممن تزجه نفسه لإرتكاب مثل هذا الجرم المشين المنافي تماما للطبيعية البشرية و الفطرة التي فطرنا عليها الله سبحانه وتعالى ..
لذلك ... و إعمالا للمادة 267 و 290 من أحكام قانون العقوبات ..
حكمت المحكمة حضوريا ، و بإجماع الآراء .. علي كلا من ..
إسلام صادق رشوان ، كريم نبيل صلاح ، عمر حسين عبد الظاهر ، شوقي عزت أبو رجيله ، طارق فوزي الملاح ، حسين يسري رجب ، شكري عبد الحميد عوض ، عادل عبد الله السيد ، علي بهجت جابر ... - بالإعـــــدام شنقــــا - !
في تلك اللحظة ، إنفجرت القاعة دفعة واحدة بصراخ الفرحة ، و تعالت الهتافات المنتصرة ، و الصياحات السعيدة ..
بينما صدر صراخ من نوع أخر عن المغتصبون التسعة و عائلاتهم ..
حيث كانوا في قفص الإتهام و في هذا الرداء الأبيض الخاص بالمساجين قيد المحاكمة ، تماما كطيور الدجاج ..
يتقافزون بين بعضهم ، معترضون علي مصيرهم ..
عند ذلك .. وقف "إياد" في مكانه يملي عينيه من هذا المنظر الذي لطالما حلم به و إنتظر رؤيته ..
إبتسم منتشيا لمرآي الذعر في أعينهم ، و التشنجات العصبية التي إحتلت أجسادهم ، كما كانت صراخاتهم الصادحة موسيقي جميلة لآذنيه المعذبتين ..
ظل "إياد" واقفا يتايع هذا كله ، في نفس الوقت أمطروه زملائه و رؤسائه وابل من التهنئات الحارة ، إستقبلها كلها بإبتسامة هادئة ، و ملامح مرتاحة لم ترتسم علي وچهه منذ مدة طويلة ..
إستأذن "إياد" من الجميع و أسرع إليها ..
وصل عندها ، وقف أمام قبرها ..
فقال مبتسما:
-خلاص يا حبيبتي .. حقك رجع ، و قريب اوي هترتاحي يا هنا ، انا وفيت بوعدي ... جبتلك حقك ، كل اللي عذبوكي و آذوكي كانوا انهاردة زي الفراخ جوا القفص ، آاااه لو كنتي شوفتيهم .. حاسس ان ناري بردت شوبة يا هنا.
و إلتمعت عيناه بالدموع و هو يستطرد:
-لأ .. عمرها ما هتبرد ، طول ما انتي بعيد عني يا حبيبتي !
و غلبه حزنه ... فهطلت دموعه رغما عنه ..