الفصل السابع
خطوات بريئه تتعثر أحيانا وتبتسم أحيانا ابتسامة متفائل ..مرتاح ..مطمئن ..ذلك الاحساس الذي يأتينا بين وقت وآخر ..في لحظه ..أو دقيقه....أو....أيام كامله...كلٌ حسب رؤياه ..كلٌ حسب قلبه ..فمهما كبرت مشاكل القلب يأتي الوقت الذي تشعر فيه بالارتياح ..ليس لأنها انتهت تلك المصائب أو وجدت لها الحل البديع ..بل لأنك رضيت بها ..رضيت بذلك الواقع الذي يعتريك ويسكنك ..رضيت بالقدر علي أمل أن الغد أفضل وأن بعد العسر يسر ..ولكنك لا تعلم متي اليسر فذلك الشيء بيد المولي عز وجل ..كل ما تعلمه بيقينك أنه ولا بد ان يكون هناك يسر ..الآن او الغد ..لا يهم ..المهم أنه سيكون ...الرضا ذلك الاحساس بالسكينه والارتياح
بالنظره الجماليه للحياه بكل ما فيها ..بعيوبها مزاياها....أيا كانت ..فهي حياتنا جميله ..سيئه ..لا بد وأن نعيشها ونبحث فيها عن تلك النقطه التي تبعث النور بداخلنا ..تلك كانت قرارات رقيه في ليلة أمس ..قرارات إنسانيه بحته ..تعلم أنها لن تستطيع تغيير واقعها ولكن تستطيع تجميله ..لا أن تنتظر من يأتي ويشمر ساعديه ويجمله لها ..وكأنها حديقه أهملت سنوات من العمر حتي ذبلت أوراقها
حديقه تحوي اجمل الانواع من البنفسج والياسمين ...حديقه قتلها الزمان والبشر وتبحث في التراب عن قطرة ماء علها تبعث الحياة في أغصانها مرة أخري ..لا ..لن تكون رقيه تلك الحديقه أبدا ..فهي لم تمت بعد... ما زال هناك نبض يتحرك ..يبحث ..ينتظر..اذا هي بخير ...!
تسير بخطوات واثقه ..كل اعتقادها أن دكتور يحيي غاضب بسبب تغيبها ..ستعتذر وانتهي الامر ..لابد من قتل ذلك الخوف من حياتها للابد .....
طرقت الباب برقه كعادتها فلم تسمع صوت ..طرقته مره أخري وتتمني أن لا تسمعه ثانيه حتي تغادر..نهرت نفسها علي هذا التفكير الصبياني ..يجب أن تواجه ..ماذا سيحدث أكثر..!! هنا سمعت صوته يسمح بالدخول ولكنه صوت جليدي غاضب ..صارم..ثائر بسكون ...
نظرت رقيه لذلك الواقف ينظر من نافذة مكتبه ..يهدر بسكون ..لا يعلم لما ذلك الاحساس الذي يجتاحه ..ماذا فعلت حتي يصبح هكذا ..؟؟أم انها دون قصد نبشت في ذكري الماضي ..ماذا تريد يا يحيي ..؟؟ ...لا يوجد شخص بريء ..فتلك التي ظننتها وردة مغلقه بحياء تنتظر من يلمسها ويفتح أوراقها برويه ...تكلم هذا وذاك.....
الموقف لا يستحق هذا ..؟؟؟ لا لقد رأيتها تبتسم له ..رأيت تلك الغمازتين الطوليتين وهم يظهران باجتياح للقلب ..ان لم تكن تعرفه ..ما وقفت معه هكذا..
كانت ستتركه وتمضي ....اذا فهي تعرفه حق المعرفه حتي تبتسم له هكذا ..سنعرف ..!!..أفكاره تتوالي واحده تلو الاخري وهو يزفر أنفاسه بغضب..
نظر يحيي لهذا الوجه الملائكي الناصع البياض بذلك الحاجبين السميكين بلونهم الاسود المناقض لبياضها ...زاد غيظه أكثر منها وهي واقفه بتلك البراءه
وكأنها لم تفعل شيء .....!
تكلمت رقيه بثقه لم تعلم مصدرها ...
"دكتور يحيي ..لقد طلبتني ..أكملت رقيه بثبات ونبرة إعتذار "إن كان بسبب التغيب فأنا ....."
لم تكمل جملتها وهي تري ذلك الغضب الصمت بتلك العينين الحديدتين اللتين تشعان شرارات غضب حارقه وهو يقاطعها .. :
"ماذا كان يريد ذلك الشاب ..؟؟"
اتسعت عيناها ذهولا من تلك النبره التملكيه وذلك الاحساس المخيف ..هل يعقل أن هذا دكتور يحيي ..الثابت ذو الكلمات المعدوده ..فرغت ثغرها ..لا تعلم بما تجيب الا بأول كلمه طرأت في ذهنها في هذا الوقت ..
"عفوا ...."
زاد تصميم يحيي أمام هذا الادعاء الطفولي البريء من وجهة نظره وهو يقول
"لقد سمعت سؤالي آنسه رقيه ..وعادة لا أكرر كلامي ...وانا انتظر الاجابه .."
زادت دقات قلب رقيه وهي تري هذا التصميم بعينيه ..ماذا تقول له ..؟
أتقول له أن هيثم أرد أن تساعده بشأن رنيم ..؟؟ ..أن تجعلها تشعر به ويتقدم لها
وفرضا اذا رفضت صديقتها ..وانتشر الخبر في الجامعه ..ماذا ستكون النتائج ..؟؟..وهو إئتمنها علي سره ..ولم تخذل أحدا قط ....
"يا الهي ساعدني " همست رقيه في سرها عسي أي شيء يحدث يجعله يتراجع عن موقفه ..ولكن صوته أرعبها أكثر وهو يقول ..
" أنا انتظر ..وعادة صفة الصبر ليست من شيمي "
تنفست رقيه بصعوبه ورطبت حلقها علها تجد الكلمات ...وقالت:
"طلب مني أن أساعده في أمر خاص "وكأنها بجملتها البسيطه أخرجت ذلك الثور الهائج الذي يحتاج فقط فرصه ...
ابتسم يحيي بسخريه وهو يفكر .. "أمر خاص ..هكذا اذا ...سنري صغيرتي أي أمر خاص هذا "
اقترب منها يحي بخطوات بطيئه وهي متعلقه في الارض علها تبعث فيها القوه ..تنظر لقدمها وتشبك يديها بخوف حتي أصبح لونهم أحمر قاني مثل وجهها
فلم تنتبه له وههو مقترب منها ...أمامها ..يبعده عنها بضعة سنتيمترات .. شهقة رقيه الخافته ..هي ما استطاعت أن تفعله ..وهو يحصرها بيديه االلتين تتكآن علي الباب علي بعد سنتيمترات منها وهي بينهم .. محاصره ..خائفه ..تتنفس بصعوبه بين أنفاسه التي تكاد تلفحها علي وجهها ..نظرته ساخره الي ابعد مدي ..وصوته أصبح جليدي ..خافت.. صلب ..وهويردف :
"أمر خاص ..مثل ماذا رقيه ..؟؟..لم أكن أعلم أنك تسدين الخدمات للطلاب "
قطبت حاجبيها بعدم فهم .. رقيه النقيه كالصفحه البيضاء لا تعرف في حياتها سوي الخوف والجدران والابواب المغلقه عليها خوفا من اي شيء...
ابتلعت ريقها بصعوبه تحت نظراته المسلطه علي عينيها تاره وعلي شفتيها تاره أخري...وقالت بصوت لا حياة فيه..بتلعثم شديد ..ببلاهه :
"ماذا...ماذا تقصد ...؟؟"
ابتسم يحيي بسخريه ومكر وأردف وهو يداعب حجابها الذي انفلت منه خصله سوداء ناعمه بأنامله الخشنه :
"يا لك من مدعية براءه ..! !أظن أن هذا الحجاب لكي تلفتي الانظار أكثر فيرغبوا بك ...كنت أخبريني بدلا من ذلك الشاب المسكين الذي يتوسل وكأنه علي وشك تقبيل قدميك " قال جملته الاخيره مع اقتراب شديد حتي تداخلت الانفاس وأصبح الجو بالنسبه لها غمام.. وهي ترتعش من كل شيء.. جسدها عباره عن انتفاضه مدفونه ..عيناها أصبحت ضبابيه بتلك الدموع المقهوره ..لم تعلم ماذا فعلت للآن..لماذا كل هذه الثوره ..لم تشعر للآن بقربه هذا كأنها بعثت للسماء ..لم تعد تشعر بما يحدث في الارض ..انتفضت وهو يقبض علي فكها بقوه ويقترب من ثغرها الرقيق ويقول بازدراء واضح وسخريه مؤلمه
"أريد أن أسمع صوتك الرقيق وهو يخبرني بهذا الامر الخاص ..أم أنني لا أستحق هذا الشرف ..!!"
شهقت بقوه من كلماته.. ماذا يظن نفسه ..؟؟ غبي ..حقير ..متسلط ......لم تعلم من أين أتتها الجراه والقوه لكي تدفعه بكلتا قبضتيها في صدره وهي تصرخ ببكائها الهستيري ....
"أنت حقير ...غبي ..ماذا تظن نفسك حتي تحدثني هكذا ..؟؟ ..أنـ..أنت أحقر شخص عرفته ..
دموعها ازدادت وهي تكمل ..ولكنك لست الوحيد .."
فتحت الباب بقوه وهي تهرول من هذا المكان تحت عيونه المتسعه ونبضه المتزايد ...أغمض يحيي عينيه وقبض علي خصلات شعره السوداء المصففه بعنايه ولسان حاله يقول "ماذا فعلت يا يحيي ..؟؟..ماذا فعلت ...؟؟"
أنت تقرأ
رواية نوح القلوب لكاتبة هدير منصور
Romansaعندما تكون الحياة كلمه مكونه من حروف ولا تعلم هل هذه الحروف تعنيك في شيء أم أنك مجرد دخيل عليها ......عندما نصمت وكأن الحديث لا يعنينا .......عندما نتكلم لعل الحروف تشفينا....عندما .....وعندما ....عندما تصمت دقات القلب بلا مقدمات .....وتسأل نفسك هل...