14

463 22 4
                                    

لقدْ رأت الرسالة لكن لا ردَّ فكرتُ بحذفها ، ولكن ما الفائدة الآن ؟ ، نبضاتُ قلبي تتسارعُ وتأبى السماحَ لي بالتحكُمِ فيها كل شيئٍ في داخلي مضطربْ ، دخلتُ إلى محادثة سدن لأعرفَ ما المُهم الذي جعلهَا تدفعني للقيامِ بما لم أرغب القيامَ بهِ ... ليس اليومَ على الأقلْ .

وكأنه لا يكفيني مابي فعلاً وجدتُها تقولُ " لا أحبُ الفضاء ولا أهتمُ بهِ ولكِن لأجلكِ سأفعل " ، وهنا عقلي بدأ يُقارن بلا أدنى رغبةٍ مني بينَهُما .. سُدن و أنوار كلاهما بارعتانِ في الكلامِ المعسولِ وكلاهما بارعتانِ في إرباكِ قلبي المسكينِ ، حشرتُ رأسي بوسادتي أكتُم صراخي بها فلا يسمعهُ مَن في البيتِ ، الجنونْ .. هذا مايصِفُ شعورِي الحالي . 

جاريتُها في حديثها و أخذتُ أشرحُ لها عن النجومِ و عكسَ ماتوقعتْ هي لم تذهب أو تردَّ ردودًا مختصرة لمجاملتي .. لا ، لقد كانَت مندمِجةً إندماجاً واضحًا معي في الحديثِ ولم يكُن هذا مُملاً أو مربكًا ولوهلة لقد نسيتُ أمر الرسالةِ .. الإعترافُ الذي لم تردَّ عليهِ أنوار .. لوهلةٍ فقط وعدتُ لتذكرهِ حين نظرتُ إلى الساعةِ لأجد نصفَ ساعةٍ على الأقل قد مرّت ولم أحصُل على ردٍ بعدْ ، وبالرغمِ مِن أني لم أخطط للإعترافِ أصلاً هذا جرحني ... فتحتُ محادثتي مع أنوار لأتيقنَّ أنها لم تردَّ وبالفعل لم تفعلْ حسنًا يبدو أنها كانتْ تمزحُ ولم تعلمْ أني جادةٌ في الأمرْ.. لابأس .

لم تتوقف سدن عن محادثتي وليس الفضاءَ فقط لقد تطرقنا لمختلفِ المواضيعِ وتبادلنا الأغاني .. اذواقنا الموسيقية كانتْ مُتشابهة و لقد كان بيننا مِن النقاطِ المشتركة أكثرُ مِن ما توقعتُ و لقد كنتُ أغرقُ أكثر و أكثر بعد كل موضوعٍ نتناقشُ فيهِ ، و معَ الغرقِ أتت الحيرةُ و الإرتباك .. وربما الفزع ؟ ، لم أعرفْ أيهُما قلبي يختار لم أعرفْ مَن أحِب حقًا مِنهما ، كنتُ أفكرِ في أنوارْ ولكن كلماتُ سدن هي ماكانت تجعلُ قلبي ينبضُ أقوى و أقوى .

أخبرتني أن علينا النومَ فهُناك مدرسةٌ في الغدْ ، و في الغدِّ سأرى أنوار . ودعنا بعضنا ، تحققتُ مِن محادثة أنوار لمرةٍ أخيرةٍ وكأني أنتظرُ شيئًا ولقد كنتُ بالفعلِ أنتظر و بالطبعِ لم أعترف بهذا لنفسي ، وضعتُ هاتفي جانبًا لأدعهُ يشحنُ قليلاً على الأقلْ و إلى النومِ توجهتُ .

أيقظتني والدتي كما جرتْ العادة وهذه المرةُ تناولتُ الإفطار و ببطئٍ سرتُ إلى المدرسةِ رافضةً عرضَ والدي بإيصالي ، لقد كنتُ أهربُ مِن أنوار لا أريدُ رؤيتها اليوم ، ستنفرُ مني وتبتعدْ وهذا سيحطمني كثيرًا ليس وكأني لستُ محطمةً بالفعلِ . وصلتُ إلى بوابةِ المدرسةِ أخذتُ نفسًا عميقًا قبلَ الدخول و كأني متوجهةٌ لحبل المشنقةِ لا إلى مدرسةٍ عادية . و كأن الآلهة - إن كانَت موجودة - تحقدُ عليَّ ، رأيتُها هناكَ واقفةً تُحدث إحداهنَّ و أسرعتُ خطواتي علّها لا تلحظني ولكن هيهاتْ .. إلتفتت لي و إبتسمتْ ولقد كانَت متوجهةً نحوي ، إرتجفتْ ولا أعلم هل بسببْ البردِ الغيرِ موجودٍ أو هل بسببِ مشاعري المضطربة ونبضِ قلبي العنيفِ . تحاشيتُ النظر إلى عيناها .. لا أُريدُ الوقوعَ أكثر وكأني لم أفعل بالفعلْ .

ترقبتُ السخريةَ أو العتابَ والتوبيخِ ولكِن ماحصلتُ عليهِ هو حضنٌ وقبلةٌ سريعةٌ على الخدِّ لقد فهمتُ ولم أفهم ، ولابدَّ أن نظراتي فضحتْ ذلكَ ، " لقد علمتُ مِن البدايةِ لكِن إنتظرتُ إعترافكِ ، لم أردَّ أمسْ لأنني فكرتُ أنه مِن الأفضل أن أجيبكِ وجهًا لوجهْ ، أنا أيضًا أحبكِ كثيرًا " ، لم ينتظرني الجرسُ لأستوعبَ ما سمِعتُ لتوي حتى يدقَّ صاخبًا مُفسدًا اللحظةَ كعادتهِ ولكِن أنوار لم تبتعد عني بل أمسكت بيدي في يدها و كنا نمشي سويًا . 

إذًا نحنُ حبيبتانِ الآن ؟ الكلمةُ غريبةٌ على عقلي ومسامعي التي تلقتها بعدما تفوهَت بها سهاد بمرحٍ ولم تكُن نبرتها متسائلة بالتأكيدِ هي تعلمْ .. أخبرَتها أنوار وهذا لم يضايقني في الواقع بل جعلَ الفراشاتَ تطيرُ في معدتِي .

الكثيرُ مِن الأحاديث التي تم تبادلُها في فترةِ الإستراحةِ لقد كنتُ ثرثارةً على غيرِ عادتي وعلمتُ سبب إطلالة أنوارْ ذلكَ اليومْ ، بكَت لأنها ظنَّت أني لا أرغبُ بها وهذا مُضحكْ إن سُأِلتُ ، من لا يرغبُ بأنوار المثالية ؟ لكِن بالرغمِ مِن كل تلك السعادةِ العارمةِ التي إجتاحتني و بالرغمِ مِن الفراشاتِ و الحُب الذي شعرتُ بهِ برفقةِ أنوار لقد كان يشغلُ بالي شخصٌ آخر .. شخصٌ قادرٌ على جعلي أشعرُ بالمثلْ ، سدن . لم يكُن بيني وبينها علاقةٌ ولكن لسبب أجهلهُ شعرتُ أني أخونها كما أشعرُ أني خنتُ أنوار دائمًا حينَ أحادثها ، الحُب ترافقهُ المرارة دائمًا أليسَ هذا صحيحًا جدًا ؟ . 

لم أرغب بأني أودعَ أنوار .. ليس اليومَ ، و لأولِ مرةٍ شعرتُ بأني لا أريد أن تنتهي المدرسة ، كلُّ ما أردته و أريدهُ هو أن تطولَ لحظاتي معها . 

عدتُ إلى البيتِ بطاقةٍ مرحَةٍ هذهِ المرةِ إنعكست على كلِّ مَن في البيتِ وليسَ أنا فقطْ ، قمتُ بروتيني بتفاصيلهِ و المُتغيرُ الوحيدُ هو سعادتي و دندنتي لأغانٍ لا أعرفُ مِن أينَ جلبتُ ألحانها و أنغامها ولستُ عالمةً بمتى سمعتُها حتى . وبشوقٍ حملتُ هاتفي رسائلُ أنوار هي ماكنتُ أبحثُ عنهُ ولكن لم أجدْ شيئًا لابدَّ أنها لم تتفرغْ له بعدْ ولكن بالمُقابلِ لقد وجدتُ رسائلَ سدن .. الكثيرَ منها و مثلَ ماكنتُ أشعر بنبضاتِ قلبي تتسارعُ و أنا أبحثُ عن رسائلٍ مِن أنوار ، شعرتُ بالمثلِ و أنا أرى رسائلَ سدن . لقد بدأت بفقدان السيطرةِ على نفسي و أني بدأتُ بفقدان عقلي ؟ لا يُمكن للقلبِ أن يُحب شخصينِ بنفسِ الوقتْ ، لا منطقَ ولا علمَ يدعمانِ هذا ، فكيفَ أشعرُ بشعورِ الحُب لفتاتينِ وفي نفسِ الوقتْ ؟ هذا مؤلمٌ بطريقةٍ ما . 

رددتُ على رسائلها واحدةً تلو الأخرى كما أفعلُ مع أنوار أو أيِّ أحدْ يراسلُني ، تسألُ عن يومي و تُخبرني عن يومها ومواقفها ، لم يهدأ عقلي عن التفكيرِ بوضعي ولا قلبي عن النبضِ بإسميهِما معًا وكأني داخلَ فلمٍ خيالي فالخيالُ لا يعتمِدُ على المنطقِ ، وحتى الخيال لن يجمحَ إلى هذا الحدِ .

هل أحبُ أنوار أو هل أنا واقعةٌ لسدنْ ؟ . 

حُلم | DREAMحيث تعيش القصص. اكتشف الآن