15

446 14 3
                                    

" هل أُحِب أنوار أم هل أنا مُغرمةٌ بسدن ؟ " هذا السُؤالُ كان مقيمًا في عقلي يأبى أن يغيبَ لمدةٍ قدرها ثالثُ أسبوعٍ الآن ، بعد الإعتراف كانَت العلاقةُ مع أنوار نفسها غيرَ أنه أصبحَ هُنالك حرية في التعبيرِ عَن مشاعرِنا لبعضِنا البعضِ ، سدن و أنا بتنا نتحدث أكثر في كثيرِ ومختلفٍ مِن المواضيع ولازال الشعورُ ذاته ، أُحبُ كلتاهما رغم غرابةِ الموقفِ و لامنطقيتِهِ أجدُني أفعلُ بشكلٍ أو بآخر ، لم أخبر سدن أن لديّ حبيبةً وحتى عندما سألتني أجبتُها بأنه ليسَ لديّ وماكان حقيرًا مني كثيرًا ، أنوار في الجهة الأخرى غيورةٌ جدًا ، لم تكُن تُحب أن أخرِج هاتفي أثناء جلوسنا سويًا .. وحسنًا كُنتُ مثلها .

لم أخبر أحدًا بوضعي هذا ولم أسالْ أحدًا عنِ النصيحة فمن سيتفهم ؟ من سيصدقُ أنهُ يمكن للقلبِ أن يحبَ شخصينِ في الوقتِ ذاتهِ ؟ وهكذا أنا ومشاعري المشتتة بين الفتاتينِ بقيتُ ، ليس وكأنني كنتُ سعيدةً بهذا ، كنتُ أشعرُ بأني قذرة .. كاذبة .. حقيرة .. و أيضًا ، خائنة . رغمَ كلِّ سعادةِ الحبِ الذي أشعرُ به معهما كلاهما في نهاية اليوم ، البكاء و الحزنُ هما رفيقاي .

واقفةً بجانبِ مكتبِ المُديرةِ أنتظرُ خروجَ أنوار ، لقد كانت فترة إستراحةٍ ولا أعلمُ لما تَم إستدعاءها ولكن لدي تخمينٌ أنهم يريدونَ مِنها المُشاركة في مسابقةٍ أو تنظيمَ حدثٍ ما فهي لاترتكبُ أي مخالفاتٍ ليتمِ عقابها أو توبيخها ، سأعلمُ على أي حال ، هي لاتخفي شيئًا عني . تبينَ أن تخميني كان صحيحًا بعد لحظاتٍ حينَ خرجتْ ، لقد طلبوا منها أن تكونَ المُقدمةَ الخاصةَ بالمسابقة التي ستنعقدُ في المدرسةِ السبتَ القادم ، مُسابقةٌ بين الثانويات . لقد طلبتْ مني أنوار المُشاركة وبالطبعِ جوابي كان الرفضَ ، ليس هُنالك أي شيئٍ أفعلهُ مع المسابقات وهذه الأشياء ، انا لا أحبها . 

العودة إلى البيتِ والروتينُ المُعتاد ، وهذه المرة في حديثِ سدن لم يكُن أيٌ مِن ماقالتهُ معتادًا ، هي أيضًا مُشاركةُ في مسابقةٍ المدارس .. والتي هي السبتُ القادم ! ولتُكملَ صدمتي أخبرتي أنها ستأتي إلى مدرستي والتي تعرفُ اني أدرسُ فيها بالطبع ، " شاركتُ فقط لهذا الغرض " أكملَتْ لتوضحَ لي رغبتها في مقابلتي ، وددتُ أن أكذبَ و أقولَ أني لستُ قادمةً لكن لا جدوى ، هي رأت وجهي بالفعلِ و أنا سأحضر لأن أنوار توسلتني أن أفعل ، لافائدة مِن الكذبِ فرؤيتها لي ستزيدُ الأمر إحراجاً أكثرَ مِن ما سيكونُ حين تفهم علاقتي بأنوار إذا ما أتت ونحنُ معًا . " اللعنة عليكِ ياحُلم " لعنتُ نفسي وكأن هذا سيغير شيئًا ، طريقٌ مسدود ... هذا الطريقُ الذي وصلتُ إليهِ . حاولـتُ قضاء بقية الأيامِ بدونِ أن أفكرِ بالأمر ، أبتسِم لأنوار وكأنها الوحيدةُ في قلبي وفي حياتي و أحادثُ سدن و أسهرُ معها وكأني لا أحادثُ غيرها ، أغوصُ في الشعورِ بالذنبِ والقذارةِ أكثر فأكثرْ ومع الوقتِ أنسى هذا الشعورَ و أبررُ لنفسي بأني لستُ مخطئةً ولا ذنبَ لي .. هكذا الإنسان .

رأيتُها قادمةً بإتجاهي تضمني إليها بكلِ حبٍ ، أبادلها العناق وانا أشعرُ بسعادةٍ عارمة لبدءِ صباحي برؤيتها ، الأمرُ الوحيدُ الذي يدفعني لحضورِ المدرسةِ ، أُحِب أنوار وكثيرًا ، سألتُ عن حالها وكذا هي فعلَت ، توجهنا إلى صفنا سويًا ممسكتان بالأيادي ولحسنِ الحظِ لم ترنا المُراقبة ولا المرشدة . قضينا باقي اليومِ الدراسي سويًا كالعادةِ و حين إنتهى شعرتُ بالفراغِ لفراقها و أنا موقنة تمام الإيقانِ شعورها بالمثلِ . 

فتحتُ هاتفي لأجد رسائلها ، كان هذا مايجعلني أشعرُ بشعورٍ أفضلَ نهايةَ كلِّ يومٍ ، رددتُ على رسائلها واحدةً واحدةً و أنا أشعرُ بالسرورِ والإمتلاء لأنها مَن أقضي الأمسياتَ معهُ ، الأمرُ الوحيدُ الذي يدفعني لأُحِب أرقي ، أحبُ سدن وكثيرًا ، سألتُ عن حالها وكذا هي فعلَت ، أخذنا نتبادل الأحاديثَ عن أيامنا و بعضًا مِن المُغازلةِ الرخيصةِ المُبتذلة ، ولحسنِ الحظَّ لا يرى محادثاتِنا أحد و إلّا لشكك بشخصياتِنا . قضينا بقية الأمسيةِ نتحادثُ كالعادةِ و حينَ أخبرتني أن عليها النومَ شعرتُ بالفراغ لفراقها و أنا موقنة تمام الإيثانِ شعورها بالمثلِ . 

الأربعاء ، الخميسُ وغدًا الجُمعة ثمَ يأتي السبتُ ، كان أولُ ماخطرَ بذهني حالما إستيقظتُ ، لا رغبةَ لديَّ بالحضورِ للمدرسةِ اليومْ ولا رغبة لدي بمحادثةِ أو مقابلةِ أحدْ ولا أعلمُ لماذا ، هذا الشعور .. أتى فجأة فقط و بلا سببٍ ، ذهبتُ إلى حمامِ غرفتي وملأتُ الحوض بالماء ، دخلتُه آملةً أن تقومَ المياهُ بتطهيري مِن شعورِ القمامةِ الذي أشعرُ بهِ حاليًا ، آملةً أن يغرقَ عقلي و تتوقف أفكاري عن التدفقٍِ فيهِ ، و كالحُلمِ كان هذا ، مثيرٌ للسخرية فإسمي يكونُ حلمْ . الصراخُ أعادني للعالمِ الواقعي ، تبينَ أنهُ صراخُ أمي ، هل أطلتُ غرقي ؟ خرجتُ مِن الحوضِ بدونٍ أن أردَّ عليها بهدوءِ لبستُ ملابسي وخرجتُ لألاقيها تقفُ أمامي بوجهٍ خائفَ قلقْ والذي نادرًا ما أراهُ ، إبتسمتُ وتمتمتُ باني بخيرٍ لتبدأ الإستفسار عن سبب غيابي مِن المدرسة ، لقد إتصلوا بها إذًا . أجبتُ تساؤلاتها وطمأنتُ قلبها ، لكن من سيطمأنُ قلبي الذي ما إن سمعَ رنينَ الهاتفِ توقفَ عن النبضِ ؟ إنها بالتأكيدِ أنوار .. لا أرغبُ بمحادثتها ، سماعُ صوتها سيبكيني ، هي لاتستحقُ أن يحصُل لهذا هذا ، لاتستحقُ أن تقع في حبِ شخصٍ مشتتِ المشاعرٍِ يحبُ شخصينِ في نفسِ الوقتِ ، إلحاحُ أمي جعلني أجيبُ ، وحالَ سماعي لصوتها ... نسيتُ كل شعورٍ فظيعْ .. هذا تأثيرُ أنوار .

" لقد قلقتُ عليكِ ، كان عليكِ إخباري بعدمِ قدومكِ " تحدثت بنبرتها القلقةِ وصوتها الناعمِ ، " لقد ذهبتُ للإستحمامِ ونمتُ في الحوضِ ، لم أكُن مخططةً لأغيبَ " كذبتُ وكأنها الحقيقة ، " يا إلهي حُلم ! لابدّ أنكِ كنتِ متعبة جدًا " ضحِكَت و ذبتُ أنا ، " متعبةٌ مِن التفكيرِ بكِ " وهنا كنتُ صادقةً تمامَ الصدقِ ، رأيتُ إحمرارها خجلاً في عقلي قبل أن أسمعهُ في صوتها الضاحكِ و آهِ مِن ضحكتها . لاحقًا إنقطعَ الخطُّ مِن تلقاء نفسهِ وتبين أن حديثنا كان طويلاً .. طويلاً جدا و كأنه تعويضٌ لعدمِ تواجدنا سويًا بالمدرسةِ لليومِ وفجأة شعرتُ بالطاقةِ تغمرني ، شعرتُ بالإيجابيةِ و شعرتُ أني أرغبُ بالتفكيرِ والتوصلِ لحقيقةِ مشاعرِي ولكن هذا ، كان شعورًا فقط . 

لقد جاء السبتُ .  

حُلم | DREAMحيث تعيش القصص. اكتشف الآن