𝐈

1.4K 78 90
                                    

كانت الساعةُ قُريبَ الثامنةِ مساءً، حين ولجَ الرجُل للقاعةِ فتفاجأَ برفيقهِ على الأرضِ يتنفسُ بشكلٍ سريعٍ شبهِ مضطرب، وبدا كما لو أنه كان يحاول تنظيمَ أنفاسه، فهرعَ نحوهُ وسألَ بنبرةٍ منفعلةٍ غلفها القلقُ:
"ياللهول.. لا تزالُ تتمرن؟"

رفعَ المعنيُ رأسه لمصدر الصوتِ وفكَّ الرباطَ الذي كان يُحيط بجزء من شعره الليليّ، وكما توقعَ، كان ذلك هو نفسهُ الرجلُ الذي يخرجهُ من دوّامةِ أفكاره في الآونةِ الأخيرة..

حدّق بهِ، ثم هزّ رأسهُ يُمنةً ويُسرى فحسبُ نفياً لحديثهِ بصدرٍ لايزالُ يعلو ويهبط بشكل أخف.

شربَ بعض الماءِ ثم استقامَ من الأرض بمساعدةِ زميلهِ فنطقَ أخيراً:
"هذا يكفي لليومِ، إنني وبالفعل أستعد للذهاب.. كما ترى"

قهقه الآخر بصوتٍ خفيض، مراقباً تحركات رفيقهِ الذي كان قد انتهى من جمع أشياءهِ وبدأ بارتداء معطفهِ

"كُل ما في الأمر أنني قلق يا صاح! يبدو ليَ أنك تُرهق نفسك كثيراً!"

"لستُ أفعلُ يا سوكجين.. ما مِن داعي للقلق"
أجابَ ببساطةٍ ثم أكمل مشيراً برأسهِ نحو الباب:
"هيا، لنذهب"

مشى المدعوُّ بسوكجين مع الأقصر وخرجا بصمتٍ، ولم يدمُ الصمتُ كثيراً، فحالَ خروجهما من هناكَ سألَ ذو الشعراتِ الليليةِ زميلهُ:
"أتملكُ ولّاعةً معك الآن؟"

حدّق سوكجين به قليلاً ثمَّ نفى برأسه
"لا"

"مؤسف"
تمتمَ هو بعد سماعِ إجابةِ سؤالهِ أثناءَ مشيهِ مع سوكجين حيثُ موقف السيارات، ولم يحاول فتحَ أي موضوعٍ أو حديث حتى.

على عكسِ سوكجين، فقد كان هذا الهدوء مُريباً ومُوتراً بالنسبةِ له

لذلكَ حاول كسرَ الصمت مراتٍ عِدة، لكنهُ لم يتلقى إلا بعض الهمهماتِ والأجوبة المختصرةِ من الأقصر.

علاقةٌ سطحيةٌ جداً ولطيفة بينهما.. لكن سوكجين لم يُحبذ الأمر.. أزعجه ذلك؛ هو يحاول التقرُب منهُ مُنذ أسابيع! لمَ يستمر هوَ بدفعهِ عنه هكذا؟

تنهد بعد أن لوحَ له بيده مودعاً إياه ثمَّ أشّر لسيارةِ أجرة قد ركبها واتجهَ لمنزلهِ يفكر كيف يُقوي العلاقةَ ليتقربَ من رفيقهِ هذا..

ولم يُطل بتفكيرُه بالأمر؛ كان متعباً لبقاءه هناك لوقتٍ متأخر وانتظار فتى الليل ذاك، إضافةً لأنه لا يعلم حتى لمَ يريد التقرُب منه لتلكَ الدرجة، واعتقد أن الموضوع لا يستحق هذا القدر من الاهتمام لأنه اختيارُ الرَجلِ أيضاً.. لا يمكنهُ إجباره على أن يصبح صديقهُ المقرب إن كان كل فعلٍ منه يصرخ بأنه لا يُريد.

يُ،مِ | البجعةُ السودَاء.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن