𝐗

314 26 4
                                    

قبل إحدي عشرَ سنة

٤:٣٠صَ

"جيمين! إستيقظ يا ولد! أمامك يومٌ كبير!"
صاحَ بهِ والدهُ بقلةِ صبر وهو يصفعُ ظهره، بدا وكأنه قد حاول إيقاظهُ من نومهِ مراتٍ عديدة بالفعل، لكنهُ عجِزَ أمام عناد جيمين

لذلك، في نهاية المطاف، استفاقَ الفتيُ حين رشّ والدهُ بعضاً من قطرات الماء الباردة على وجهه النائم، وحين فعل، صرخَ به والدهُ مجدداً:
"اللعنة عليك! أتعرفُ كم الساعة الآن؟ ألم أنهيكَ عن السهر قبل أيام مهمةٍ كهذه؟؟"

ردَّ جيمين بحاجبين معقودينِ وهو يفرك وجههُ مبعداً الماء عنه:
"أبي، الشمسُ لم تشرق بعدُ حتى.."
تنهدَ ثم أكمل:
"العرض التجريبيُّ هذا.. آه، سيكونُ في المساء..."

"... إنهض!! أمامك مدرسة أيها الأهوج!"
صرخَ والدهُ وهو يصفع مؤخرة رأسِ ابنه

ولم يكن للفتى خيارٌ آخر سوى أن يطيعَ ويتجهَ للحمام.. وكالعادة، أطالَ جيمين هناك.. لطالما أحبَّ البقاء تحت الماء لوقتٍ طويل

لدرجةِ أنه حين خرج، كانت الشمسُ قد أشرقت قليلاً.

حينَ انتهى من اللباس، اتجهَ للمطبخِ بشعرهِ المبلول، ورحبَ به والدهُ بتوبيخٍ آخر.. كان يوبخهُ هذه المرة على تأخرهِ بالحمام، ويصيحُ بكلامٍ مثل: "أترى الآن لماذا أيقظتك قبل الشروق!"

لكن رغم أن والدهُ كان يوبخهِ بكثرة، ويضربهُ ويصرخ عليه ويشتمه، كانت بينهما رابطةٌ قوية، وحبٌ ودفء متبادل، وكانت بينهما ثقةٌ لا تُكسر.

وكان جيمين معتاداً بالفعل على توبيخ والده، وصوتهِ العالي، وكان يعلم أنه لم يكن جاداً في كلامه.. كان يعرفُ أباهُ جيداً.

لذا اكتفى بالقهقهةِ وهزِّ رأسهِ بقلةِ حيلة بينما كان يصنعُ القهوةَ لنفسه ولأبيهِ الذي كان يحضِّرُ الفطور، والذي كان عبارةً عن شطيرتينِ بسيطتينِ بالجبنة.

لم يكن جيمين يعيشُ أفضل فتراتِ حياته، لكنه كان حتماً سعيداً بما كانَ يمتلك.. كانَ سعيداً بوجود والده..

"لم أرى أمي بعد.. ألا تزال نائمة..؟"
سألَ جيمين وهو يجلس على المائدةِ بجانب والده الذي رفع كتفيهِ بلا مبالاة

"ربما عادت للنوم.."
تنهد
"لا أفهمُ والدتكَ هذه الأيام يا بُني.. تتصرفُ كما لو أنها تشمئز مني! هذا محبط"
أنهى حديثهُ بهزةِ رأسٍ طفيفة قبل أن يرفع كوبهُ ويرتشفَ منه.

"..."
بعدَ أن حدقَ جيمين بوالدهِ قليلاً، أنزلَ رأسهُ محدقاً بطبقهِ وكوبِ القهوةِ بيده، كان عاجزاً عن الرد.

يُ،مِ | البجعةُ السودَاء.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن