𝐈𝐈𝐈

461 49 83
                                    

نائمٌ بسلام هذا الصغير، بجانب الامرأةِ التي تضع ذراعها حول إبنها.. أو بالأصح، هو من وضع ذراعها حولهُ مبتغياً بعض الأمان

كانت قد ازدادت تقلُبات أمهِ على السريرِ وابتعدت ذراعها التي كانت تُحيط بالصغير، حتى شعر الفتى بتلك التحركات وفتَح أعينهُ منزعجاً، وسرعان ما تحولت تلكَ النظرات المغتاضة لأخرى خائفة ومرعوبة.

كانت المرأةُ تتحرك بشكلٍ غريبٍ، وكأن بها صرعٌ ما..
فجأةً ارتفعَ جُذعها، وجلست بشكلٍ مستقيمٍ وبسكونٍ وثباتٍ ناظِرةً للأمام بفمٍ مفتوحٍ بالكاملِ وعينين غُلفتا بالسوادِ بل وحتى الدمعُ الذي نزل منهما كانَ أسوداً.. ثمَّ بدأت تصرخُ بهستيريةٍ وبألمٍ شديد.. أسفل أنظار الفتى المُرتعب، والذي أصبحَ عاجزاً عن الحركةِ، الكلام، الصراخِ والتنفسِ كذلك..

ولا يعلم أحد ما حدث بعد ذلك
فقد استفاق جيمين فجراً من نومه مفزوعاً، صدره كان يهبطُ للأعلى والأسفل مع جبينٍ متعرق..

وكالعادة.. كان هذا كابوساً آخر.

بينما كانَ يحاول تهدئةَ نبضاتِ قلبهِ الخائفة، وضع كلتا يديه على رأسه وتنهد بثقل مسترجعاً ما حدث قبل ساعات من الآن

كرهَ حقيقة أنه قد اضطر ليلةَ البارحة مداواةَ دانييل وإخفاء ما سببهُ من أذىً له، فقط كي لا تخاف أمهُ أو تستغربَ الكدماتِ على قُبح وجهه فيأكلها القلقُ.

كرِه أنه اضطر لأن يُهدئ نفسه، كرهَ أنه لم يستطع التمادي، وأكثر ما كرههُ هو أن أمه قد وقعت بشباك هذا الوغد.

فلا يمكنه فعل شيء، لا يمكنه أن يصيبَ هذا الرجلَ بأذىً بالغ؛ حتماً لا يريد أن يجن جنون أمهِ أكثر..

هو لن يقدر على الهروب من هذا الجحيمِ حتى، لا يستطيع تركها لوحدها معهُ ولا يستطيع إبعاده عنها

رأى نفسهُ عاجزاً، وكرهَ هذا أيضاً.
فدانييل قد كان مصدرَ أذىً لجميعِ من في هذا المنزل.. وليسَ فقط لأمه.

مسح وجهه بيديهِ ثم نهضَ من سريره بعدما مدد عضلات جسدهِ، وراحَ يشقَّ طريقهُ نحو الحمام يكمل روتينهُ اليوميّ الممل.

الفرق الوحيد هو أنه لا يملكُ أيةَ تدريباتٍ لليوم

أخذَ احتياجاتهِ من الغرفةِ وأقفل الباب بالمفتاح، ذهبَ بعدها وطلَّ على والدتهِ، وحين رأى أنها نائمة بعمق، زفرَ بارتياحٍ وأغلق الباب خلفه بحذرٍ.

نزل الأدراجَ لغرفةِ المعيشة حيث كان دانييل مستلقياً على الأريكة فحدّق بهِ جيمين بأكثر النظراتِ فراغاً، اقترب منهُ وهزّهُ متأكداً من عمقِ نومه هو الآخر، وارتاحَ جزء منهُ حالما تأكد من ذلك
فيبدو أنه سيحضى بصباحٍ هادئ.

يُ،مِ | البجعةُ السودَاء.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن