𝐈𝐈

552 53 67
                                    

بوجهٍ مشرق ككُل يوم، ومزاجٍ قد عُكر بسبب صباحهِ في منزله، دخل للقاعةِ حيث زملاءُه، وأجبر نفسه على الإبتسامِ ببساطةٍ ثم الانحناء بخفة كتحيةٍ.

فبعضهم رحب بهِ بخفوت، أو بلا صوتٍ مكتفيين بتحريكِ شفاههم،
وبعضٌ آخرُ منهم كانوا مشغولين بالإحماء فلَم يردوا التحية.. وآخرون منشغلونَ أيضاً، يرقصون بحركاتٍ عشوائيةٍ ينتظرون قدومَ المدرب.

وكان جيمين من هؤلاء الذينَ بدأوا بالإحماء ولم يلقوا بالاً للمحيطِ حولهم.

إنقضت ربع ساعةٍ وربما أقل، ثم صدعَ تصفيق المدرب في القاعة مُشتتاً انتباه الراقصينَ وسرعانَ ما تحركوا وتوقفوا عندَ مواقعهم استعداداً للتدريب.

بدأ عازف البيانو بتحريك أناملهِ على المفاتيح، وبدأ الجميع يرقص بتزامُنٍ وبراعةٍ أسفل إرشاداتِ المدربِ وايماءاتهِ الراضية عن راقصيه.

ولكن بعدَ مدةٍ مرّت.. رفِع المدرب يدهُ، فأبعد العازف أصابعهُ عن آلتهِ وتوقف الجميع عن الرقص، وبانفعالٍ طفيفٍ واستغرابٍ صاحَ المدرب:
"كيم! ما بالُك يا رجُل!"

تنهدَ البعض بضجر.. ثمَ ردّ المعنيُّ بينما يستجمع أنفاسه:
"حضرةَ المُدرب جونغ.. أرجوك فقط.. أخبرني أين الخطأ في رقصي!"

كان الجميعُ ينظرُ نحوَ سوكجين الذي باتَ مرتبكاً، عدى جيمين.. الذي لطالما فضّل الصمت فقط، والتوقف عن الاهتمام بشؤون الآخرين

كانت هذه واحدةٌ من الأشياءِ التي لم يندم عليها يوماً.

تنهدَ هوسوك
"سوكجين، بحق الإله.. شرودكَ واضحٌ على جسدك.. وكنت تخطئ في حركاتٍ عدة.. ما خطبكَ اليوم كيم؟.."
صنعَ حركاتٍ بيدهِ دلّت على استيائهِ من الأمر بينما يحادث الراقصَ الذي كان مصغياً بكل احترامٍ.. مع عقدةٍ صغيرة كانت متشكلةً بين حاجبيه
"سبق وأن كررتُ وكثيراً أنك حين ترقصُ عليك نسيان كل شيء في تلك اللحظةِ وتصب كامل تركيزكَ على اللحن، على جسدك، على الرقص.. الرقص! الذي يفترضُ أن تشعر به بكل حواسك.. بل بروحكَ!"

صمتَ قليلاً بمنتصفِ كلامهِ وأخذَ نفساً يرخي بهِ أعصابه، ثم وزّع أنظارهُ بين الجميعِ وأفصحَ بحزمٍ مذكِّراً إياهم:
"وهذا لا ينطبق على سوكجين فقط، بل عليكم جميعاً! كررت هذا الحديثَ مراراً.. وسأضلُ أذكركم بهِ حتى يصيرَ هذا الحديث منحوتاً محفوراً بقلوبكم وأذهانكم، حتى أراهُ بتحركاتِكم بكل وضوح!"

أخذَ ينظر إليهم شخصاً شخصاً، وكأنه يتأكد من أن الجميع قد انتبه لِما يحدثُ به، ثم أكمل بنبرةٍ عالية:
"هيا، مرةً أخرى!"

كانت نبرةُ هوسوك ناصحةً ومشجعةً بها بعضُ الغضب والعِتاب، رغم أنه حاول جعل نبرتهِ ليّنة ومُهتمة قدرَ الإمكان، إلا أنه لم يستطع.

يُ،مِ | البجعةُ السودَاء.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن