لعنة الكيان الرمادي

الفصل الثالث: الســاحر

"الحياة لعينة يا عزيزي...أليس كذلك؟ "

تمتم "جون قنسطنطين" بأسى، بينما انبعثت من فمه رائحه الخمر، فاكتفى النادل بهز رأسه وأكمل صب الخمر بأكواب رواد الحانة، الذين اختلفت هيئاتهم ما بين بشر وكائنات سحرية عجيبة..

لم يبدُ على "قنسطنطين" أنه لاحظ رد فعل النادل، فأكمل قائلًا:

"الحياة لعينة، وتلك خمر لعينة تليق بهذه الحياة...صبّ لي كأسًا آخر! "

أخذ النادل منه كوبه، واحضر له كوبًا آخر عجيب الشكل، وضعه أمامه ثم عاد لإكمال ما يفعله..شرب "قنسطنطين" ما يعادل نصف الكوب في مرة واحده، وزفر بعدها في قوة وقد اتسعت عيناه الخاملتين...

" انت شخص جيد، وهذه حانة رائعه، لا مثيل لها في ذلك الكون القذر..لكن من أنت؟ وما هذا المكان يا عزيزي؟ "

عبس النادل، ثم اجابه في ضيق:

"أنا (جيم روك) وهذه حانة النسيان، لقد أكثرت من الخمر هذه الليلة.."

أشاح "قنسطنطين" بيده، وأجاب متلعثمًا نتيجة السكر :

"كلا يا عزيزي..بل إني أريد كوبًا آخر..."

أجابه "جيم روك": " لا داعي...انظر للكوب"

نظر "قنسطنطين" فوجد الكوب قد امتلأ وحده لهيئته الأولى مرة أخرى، قهقه ضاحكًا بصوت عالي، وغمز بعينه للنادل، بينما يصفق بشكل مسرحي...

" هذه حانة رائعة يا عزيزي..كوب ثابت المقدار لا يفرغ ولا يمتلئ...هذه هي الحياة يا عزيزي..هذه هي الحياة"

ثم أخذ يفتش في معطفه قليلاُ، ثم بصعوبة أخرج سيجارة وضعها في فمه، وبعدها أكمل البحث في معطفه، فلما عجز عن إيجاد المراد، تمتم في حزن:

" اين قداحتي يا (جيم)؟ أين القداحة اللعينة؟ "

فرقع "جيم" بإبهامه فظهرت شعلة صغيرة طافية بجانب وجه "قنسطنطين" تدعوه لإشعال سيجارته، فهز رأسه نافيًا، وقال:

" كلا يا عزيزي..أريد قداحتي، فنيرانها تعطي للتبغ مذاقًا مختلفًا.."

ثم انتبه فجأة وكأنه تذكر شيئًا ما، فانحني على ساقه اليمني واخرج من جوربه قداحته المعدنية..

" اها...ها هي قداحتي القذرة...شكرًا لك يا (جيم) على إحضارها..شكرًا لك "

هزّ "جيم" رأسه، ثم عاد لغسل الاكواب المستعملة...

ألقي "قنسطنطين" ببعض العملات أمام النادل، وصاح:

" أراك غدًا يا عزيزي..سعدت بثرثرتك، يبدو أننا سنصير أصدقاءً "

سار مترنحًا ناحية باب دورة المياة، ثم انتبه لخطأه، فعاد سائرًا ناحية المخرج..

*********************