بسم الله الرحمن الرحيم
# حدث_بالخطأ
سلسلة "حينما يتمرد القدر"
بقلم "دينا العدوي
البارت الاول من الجزء الثاني
# سيال_العشق
ــــــــــــــــــــــــ
السيل الأولان سألوني عنكِ
سأجيب انني لم أتعمد عشقك
وان القدر من قادكِ نحوي، بظرفًا ليس لكِ دخلًا به
وانني ظننتك محطه عابرة، ولم أدرك انكِ نهاية المطاف والمرسى..
اقسم انني حصنت قلبي ضدك وانتأيت عنكِ قصدًا
ومع ذلك فشلت في حماية قلبي منكِ
ولا ادري متى حطمتي حصوني وتسللتِ أعماقِ
لتبيتِ أنتِ شغفي وجنون قلبي
أحببتك..أحبك..وسأحبك ألى نهاية عمري...
ـــــــــــــــــــــــــ
لم تستعب جود ما حدث، في الثانية الأولى كانت تستعد للموت وفي الثانية التالية شعرت بجسد يحتويها ويسقط فوقها، أفرجت عينيها بجزع، وما زالت لم تستعب شيء ولا تدرك هوية من يجثم فوقها، لكن قلبها بدأ يطرق بشدة في عظام صدرها، وأنفاسها تناغمت مع هدره، حينما زحفت رائحة ألفتها اليها، جعلت كيانها يهتز كله وجلًا..بينما مجددًا تحمل على ذاته وحاول ازاحة جسده عنها، لكنه لم يستطع، حتى آت كلًا من اسر وسليمان مسرعين وساهما في تحريك جسده وابعاده عن جود، التي بدأ يكتنفها الادراك الصاعق لهوية المتأذي، حينما هرع إليها اسر وساعدها على النهوض، واطمأن على سلامتها، ثم وجه بصره نحو أدم الغارق بدمائه وانحنى بجسده يقيس نبضه، فوجده مازال على قيد الحياة، فأسرع بالتوجه للمشفى يستدعي احد الاطباء..
ما أن اعتدلت جود، حتى وقع بصرها على جسد أدم الغارق بدمائه، وكانت رؤيتها له كخمد السكين بقلبها، فهناك ألم قاسي اجتاح قلبها وتجلى على ملامحها وانسابت العبرات تشق طريقها على اخاديد وجهها، فتحركت زاحفه تلك المسافة القليلة الفاصلة بينهم وعيناها تلتقط شحوب وجهه، فازداد الالم المتجلي على ملامحها وغامت عيناها بالحزن والاسى حتى انتبهت الى رفرفت عينيه وتمتمته بكلمات التقطها أذنيها وهو اسمها، فأسرعت تجذب وجهه وهي تهتف قائلة من بين نحيبها:-
- أنا هنا يا أدم، أنا هنا، اطمن انت هتكون بخير..
بينما هو ابتسم بشحوب لها وهو يهتف قائلًا:-
-مش مهم اني بخير، المهم انكم بخير واني وفيت بوعدي ليكِ جود، حمايتك انتِ وابني..
قالها ويداه ترتفع تلقائيًا حيث معدتها، وكأنه يمسد على طفله، الذي ربما لن يتثنى له رؤيته، فاستطرد قائلًا وهو يشعر ان تلك هي النهاية المحتومة له:-
-اهتمي بأبننا وحفظي عليه واحكي له عني، اوعي تمحيني من حياته، كان نفسي اموت بعد ما امنحه كل حقوقه واسمي، بس دا قدري وأنا راضي مادام انتم بخير..
وتلك كانت اخر كلماته لها، وهو يعتقد انه ربما هي النهاية الأمثل له ولهم أن يختفي نهائيًا من هذا العالم، وهكذا انزلقت يداه من على رحمها كما اسدلت جفونه ستائرها على عيناه مستسلمً لشبح الموت الذي يحوم حوله، وقد خفتت تدريجيًا نبضات قلبه ألى أن تلاشت معلنة نهاية الحكاية، أو ربما هي فقط البداية...
حينها طالعته بنظرات يغلفها الهلع والرفض لفراقه، وبدأت تصيح به قائلة:-
-لا يا أدم أنت مش هتموت، أنت هتعيش، أنا مش عايزة ابني يعيش يتيم، اصحى يا أدم عشان خاطري، عشان خاطر ابننا، انت كده ما وفيت بوعدك زي ما فاكر، انت وعدت تفضل دايمًا معانا وجانبنا، ودلوقت عايز تمشي وتسبنا ارجوك اصحى يا ادم، أرجوك ما تموتش، ابننا محتاجك..
كانت تهتف بنبرة يغلفها الشعور بالقهر عليه وعلى صغيرها، لا تريده أن يذيق اليتم من قبل ولادته مثلها، وعيناها تنساب منها العبرات التي تشق طريقها عبر اخاديد وجهها وألمًا ينهش بقلبها بوجعًا لا يطاق تحمله، حتى آتى آسر ومعه الاطباء والممرضين متقدمين من أدم المسجى، فهالُه رؤية حال جود التي تصيح عاليًا، فتقدم منها يبعدها عن جسد أدم، حتى يتثنى للأطباء فحصه، لكن جود لم تحتمل رؤية جسده الفاقد للحياة امامها وشعرت بألم غائر يكتسحها وسقطت غائبه عن وعيها في أحضان آسر الذي التقطها بين يديه بذعرًا تجلى على سيمائه وهتف بأسمها مناديًا، إلا انها لم تجيبه، ولوهله شعر بالتيه وعيناه تتحرك بينها وبين أدم وهو يراقب الاطباء يسرعون بحمله الى الداخل، فتحرك بها ايضًا بمساعدة إحدى الممرضات التي آتت من أجل أدم...
ومن بعيد كانت كلًا من سناء وشاهي يراقبنا ما يحدث، ليكتنف القلق والتوتر عقل سناء التي هتفت بجزع قائلة:-
-مش كان لازم أن ادم هو اللي يتصاب ويموت، كان لازم هي اللي تموت، مخططك فشل وهيضيعني ويخسرني كل حاجه..
كان الحقد يرسم ملامح شاهي التي ترى بعينيها فشل مخططاها، ليخترق عقلها كلمات سناء التي تلومها، فهتفت قائلة لها:-
- حتى لو أدم مات انتِ مش هتخسري حاجه، بس لو لعبتيها صح، لازم تلعبي في دماغهم ان جود السبب، حتى ينفروا منها ويرفضوها هي وابنها، وكده كده بنتك مراته يعني هتورث فيه وكمان انتِ سبق وقولتي ان اخته مرات ابنك يعني كده كده مش خسرانه..
كلمات شاهي أنبهت سناء لما هي غافلة عنه، فجعلتها تصول بأفكارها وتجول، تقلب كلماتها برأسها، فأدركت صحة كلماتها بموت آدم ليست بخاسرة ابدّا، كما أن ابنها هو من سيتولى أدارة الاعمال بالطبع وليس ذاك الفاشل نادر، وستكون هي سيدة المنزل كما حلمت تمامًا، لذا لمعت عيناها ببريق شيطاني مخيف وهى تشعر بنشوة الانتصار وترتب افكارها للتخلص من تلك الجود العائق المتبقي لها...
حتى انها لم تهتم لكلمات شاهي التالية وهي تهتف قائلة:-
-كل اللي يهمني دلوقت أنهم
ما يمسكوش الغبي دا ويقدر يهرب، لأن لو اتمسك دلوقت مش في صالحي ابدًا لو جاب سيرتي..
لكن انتبهت حواسها لها حينما تابعت قائلة:-
-وأنتِ لازم تفكري وترتبي افكارك دلوقت وتعرفي إيه هي خطوتك الجاية وأنا هتصل على ابني الحمد لله أننا بعدته عن المستشفى ..
هنا وامأت لها
وبدأت تحدثها عن خطوتها التالية، ثم سريعًا ما ودعتها وتحركت مبتعدة حيث الداخل وهي ترسم حزنًا زائف على محياها وهلع وقد عقد عقلها خيوط خطتها وأولها تبرير وجودها ألى الأن بالمشفى ومن عليها مهاتفته اولًا وايصال ما حدث له، واخيرًا كيفية انقلاب موازين اللعبة لصالحها، والتي ستنتهي مؤكدًا بأعلان انتصارها في كلتا الحالتين، ان مات ادم فهي ليست بخاسرة وان لم يمت ايضًا لن تكون خاسرة وستقضي على تلك الجود عاجلًا ام أجلًا...