السيل الحادي عشر

13.4K 529 90
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
# حدث_بالخطأ
# سلسلة "حينما يتمرد القدر"
    بقلم
# دينا_العدوي
السيل الحادي عشر من الجزء الثاني
# رواية
# سيال_العشق
ـــــــــــــــــــــ
آتيتك ملتجئًا.. هاربًا من الحزن والآسي
أتيتك مبعثر الروح..منكسر الوجدان..
اتيتك متطلبًا....محرومًا..ظمأنًا
يشتاق لأحتواء، عشق، وأهتمام
أتيتك خاسرًا، مهزوًمًا، ومحترق
فتقبلتني راضيًا... واثقًًا...
مرتضيًا بي بكل جروحي النازفة
وبدأت ترميمِ.. وعلاجِ.. منتزعًا مني الآسي
وبقلبك وجدت لي متسعًا.. بل صرتُ مليكًا له
فأمسيت وطني وأليك وحدك أنتمي
ــــــــــــ

ماذا لو علم الاحبه أن الحياة قصيرة للغاية، واللحظات الحلوة اقصر في عمرنا، وان لحظه بقرب من نحب تعادل الدنيا وما فيها، فقد يداهمك الموت في غفله منك، دون أن
تدري تجده يحوم حولك دون أن تنهي كل ما رغبته وتمنيته يومًا، وهو أكثر الناس علمًا بهذا، فهو المهدد به في أي لحظة أن لم يتغلب على مرضه الذي يفتك به ويضعفه يومًا بعد يوم..

وتأكيد هذا كان شعره الذي بدأ بالتساقط وقد لاحظه  بالأمس، فأدرك سوء حالته، لذا لم ينتظر واتخذ قراره بعقد قرانه عليها كما خطط،  سيحقق ما حلم به وظنه مستحيلًا أن تكون زوجته.. ملك يمينه ويحظى بقربها.. حتى ما أن انتصر عليه مرضه وفتك به،  تكون اخر لحظاته معها..بين يديها وعيناها آخر ما قد يري، حتى ولو أنكر وتظاهر بغير ذلك، إلا أنه متيم بها، قلبه ملكًا لها، أنها نيرة من هواها منذ عشرة أعوام وظل عشقها موشومًا بقلبه ألى الأن لم يزل، رغم خيانتها وقهره منها لما أصابه بسببها إلا انه يعشقها ولا يملك بيده غير عشقها ويرغب بها بجنون وسيحقق اليوم حلمه وتكون له وأنتهى...لن يمنعه شيئًا عن هذا..

أنتهى من ارتداء ثيابه، تزامنًا مع طرق باب غرفته، فأذن للطارق بالدلوف، فطل تيام الذي قام بالتصفير ما أن وقعت عيناه عليه قائلًا:-
  - احلى عريس دا ولا أيه!..
لوى ثغره ببسمه متهكمه وغمغم بسخرية مؤلمه وهو يلتقط العصاة الذي يعتمد عليه للسير:-
  - عريس!..
أماء له تيام قائلًا:-
  - ايوة عريس واخيرًا هتتجوز البنت اللي حبتها طول عمرك..مين يصدق القدر اللي جمعك بيها بعد كل السنين دي واخيرًا هتتجوزها وهتخلف ولادك وانت هتخف بأذن الله  وهتكونوا أحلى عيلة..
  ابتسامة اكتفى بها أجابه عليه، إلا يظن أنه  يتمنى ذلك ان يحيا حياة مطوله، سعيدة،  برفقتها هي وصغاره!، لكن فكرة انتصار مرضه عليه وموته تسيطر عليه ويشعر أنه حتى لن يتمكن من رؤية صغاره.. 
استغفر ربه متنهدًا بقوة وهو يتحرك نحوه قائلًا:-
  -يلا عشان ما نتأخرش..
اماء له برأسه مبتسمًا وتقدمه قائلًا:-
  -مستعجل أنت عارف..  واخيرًا بعد عشر سنين هتتجمعوا...
رفع عصاه له مهددًا، فقهقه تيام بخشونة وهو يتحرك من أمامه قائلًا:-
  - خلاص هنزل أنا وأسبقك، سليمان باشا متحمس أكثر منك وهو اللي طلب مني استعجلك، هنزل اقوله إنك نازل وهنستناك في العربية..
ثم تحرك مغادرًا، بينما هو اتجه نحو غرفتها المجاورة لغرفتها وطرق الباب بخفه قائلًا:-
  - نيرة خلصتِ..يلا بسرعه عشان متأخرين...
  فتحت الباب له،  لتطل عليه بطله ملائكيه... فستان ابيض من الشيفون يصل حتى كاحلها، ضيق من الاعلى يتسع من اسفل الصدر، فأنعقد لسانه واتسعت عيناه وهو يراها بهذا الهيئة خاصة وشعرها الغجري منسدل خلفها، ظل يطالعها للحظات مسلوب الأنفاس قبل أن تنعقد حاجبيه بتساؤل لارتدائها هذا الثوب الذي لم يبتاعه في اغراضها، فحمحم يجلي صوته قبل أن يغمغم بنبرة خشنه:-
  -منين جبتِ الفستان دا...
بدى عليها الاستغراب لثوانًا قبل أن تجيب قائلة:-
  - "ام احمد" هو اللي جابه ليا الصبح.. أنا  فكرت انك انت اللي بعته.. 
حرك راسه برفض وكأنه ينفي عنه تهمه ما:-
  - مش أنا اللي بعته طبعًا..إحنا مش اتنين بيحبوا بعض وهيتجوزوا فأفاجئك بفستان ابيض، إحنا هنا بنتجوز بس عشان انتِ حامل في اولادي اللي عايزهم يخدوا اسمي مش اكتر...
اوجعته كلماته كما اوجعتها، فلم يحتمل قلبه نظرة خيبة الامل التي طلت من مقلتيها يليها نظرة ألم رشقت بقلبه كنصل حاد فأدمته وأوجعته، ما باله يتأرجح بين رغبة أيلامها والتألم لتألمها.. 
نظرته بخيبة وألم دام للحظات قبل أن تقرأ بعينه الندم مختلط ببعض الألم، فرق قلبها الذي يدرك تمامًا أن قلبه يمتلأ بعشقها تمامًا كما هو ممتلئ بعشقه، فتنهدت قائلة بنبرة يشوبها بعض الحزن المفتعل وقد تلبستها شخصيتها الماكرة:-
  - لو مضيقك هغيرهُ
  اندفع قائلًا:-
  - لأ ما تغيروش..
  قبل أن  يصحح كلماته قائلًا  بارتباك:-
  - قصدي مفيش وقت إحنا متأخرين..
  امأت برأسها له،  فحمحم يتقدمها بينما هي تحركت خلفه بخطوات بطيئة حتى وصلا ألى  الأسفل حيث تيام ووالده ينتظرهما بالسيارة،  فساعدها آسر على استقلالها من ثم صعد بجوارها،  ليستدير سليمان برأسه لها وغمغم متسالًا:-
  - عجبك الفستان!.. يارب ذوقي يعجبك..
  اومئت براسه له ببعض الحرج،  وقد ادركت الأن  من جلبه لها،  فقد ظنته تيام الذي اندهش هو الاخر من فعلت والده وكذلك آسر الذي صمت ولم يعقب،  ليشير لتيام بصمت بالتحرك،  فأذعن له وقاد السيارة بصمت وصولًا الى مكتب المأذون لعقد قرانهما..
ترجل سليمان من السيارة وقام بفتح الباب ل نيرة ليساعدها على الترحل،  بينما نزل آسر من الجهة الاخرى وكذلك تيام الذي انحنى أليه  هامسًا:-
  - صحيح يا أسر نسيت اقولك بخصوص عم جمال وحفيدته اللي طلبت مني اتكفل بعلاجها،  أنا  لما روحت اكتشفت أن حساب المشفى مدفوع بالكامل من حد موصى ان اسمه ما يظهرش ومش بس كده دا موصي توصية كبيرة على البنت لدرجة أن  في دكتور مشهور جاي من لندن مخصوص عشان يعملها العملية..
  استغرب آسر لثوانًا قبل أن  يهتف قائلًا:-
  - مش مهم دا كله،  مين ما يكون، يكفي أن  ربنا زرع في قلبه الرحمة لينقذ طفله صغيرة زي دي...
ثم تحرك يلبي استعجال والده له،  ليحلق به تيام ألى  الداخل،  حيث جلسوا جميعًا وتم عقد القرآن وكان  ظافر الذي حضر، قبلًا ينتظرهما كما اخبره آسر صباحًا وكيلًا لها بينما تيام ووالده سليمان شهودا عليه..
بعدما انتهى عقد القرآن حتى قام ظافر بضم شقيقته نيرة وهمس بجانب اذنيها بنبرة سعادة واضحه:-
  - ربنا يفرحك يا حبيبتي ويسعد قلبك وتكمل سعادتك بولادة اطفالك بخير وشفاء جوزك..
  تبسمت له بسعادة قائلًا:-
  -شكرًا يا ظافر.. شكرًا انك جانبي ومعايا.. شكرًا انك جيت وما سبتنيش لوحدي..
تبسم قائلًا:-
  - اسيبك دا إيه!..  أنا  موجود دايمًا وقت ما تحتاجيني وبعدين لازم يعرف بوجودي وإني مش هسمح له يزعلك ابدًا..
  توسعت ابتسامتها قائلة:-
  -آسر مفيش اطيب من قلبه بس هو مجروح  شوية مني وأنا  كافيله أداوي جرحه..
غمز لها قائلًا:-
  - واثق إنك ادها وأدود..
  ثم ابتعد عنها  مهنئًا لآسر وهو يضغط على يديه ببعض الخشونة المقصودة وهو يوصيه بشقيقته قائلًا:-
  - نيرة أمانه عندك واجبك تحافظ عليها مادام اختارت تكون معاك بأراداتها.. وتأكد إني  دايمًا موجود في ظهرها..
  تفهم آسر قلقه على شقيقته واكتفى بأمأه من رأسه له،  فعاد إليها  قائلًا:-
  - لازم أمشي لأن عندنا مناسبة كتب كتاب كمان في البيت النهاردة كتب كتاب ادم وجود  ..
  وتعمد ذكر جملته الأخيرة لتصل لمسمع آسر الذي انقبض قلبه بقلق للحظات عليها وقد شعر تيام به فغمغم سريعًا:-
  - ممكن احضر كتب الكتاب.. أنا  بعتبر جود زي اختي وحابب امون موجود باعتباري واحد من اهلها..
  تردد ظافر لبعض الوقت قبل أن يومأ برأسه بقلة حيله مع اصرار الاخر وأخبره أن عقد القران بتمام السابعة مساءٍ،  من ثم غادر سريعًا لينهي تحضيرات الحفل، كذلك غادر الباقي عائدين ألى المنزل، بعدما اعلمهم سليمان أنه طلب اعداد مائدة مناسب احتفالًا بزواجهما...
ــــــــــــــ
"وأذا صمت لساني وعجز عن البوح بما يكمُن بقلبي لكِ.. فأكتفي بالنظر ألى عيناي الصارخة بالهوى.. فهما دائمًا ما تفضحاني وتبوحان بما يكبته قلبي ويخفيه عنكِ من عشق فياض حبيبتي.."
اكتفى بتلك الكلمات الذي جاهد كثيرًا لكتابتها من شغاف قلبه الوله بها على تلك البطاقة التي ألصقها بالصندوق الكرتوني المزين بشريطه حمراء، من ثم ارسلها أليها مع الخادمة لتصعد بها،  فقد عجز عن مواجهتها وهو يقدمها لها، ليس إلا  لضعف نفسه أمامها،  فلا يضمن قدرته على التحكم بذاته حينما يري فرحتها ولمعة عيناها فتثور مشاعره وتهتاج تطلبًا لوصالها فيسلم لها، فهو يلجم ذاته عنها بشق الأنفس حتى يحرص على ليلة عُرس مميزة من أجلها...

سيال العشق  (مكتمله) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن