السيل الثاني عشر

10.9K 567 54
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
# حدث_بالخطأ
# سلسلة "حينما يتمرد القدر"
    بقلم
# دينا_العدوي
السيل الثاني عشر من الجزء الثاني
# رواية
# سيال_العشق
ـــــــــــــــــــــ
منذ ألتقيتك وغرامك بات غايتي
وأنت بتُ وجهتي.. بك وجدت سعادتي
ومعك تكون راحتي.. أنت الحب الذي ابتغيته
والأمان الذي ناشدته... معك يطمئن قلبي
ونظرة لعينيك تدفئ روحي.. لن أكذب وأخبرك أن لحظه معك تكفي.. أنها ابدًا لا تكفي عاشق طامعًا مثلي، أنا أريد عمرًا بأكمله أقضيه معك...لأنعم ب سعادتي.. راحتي.. اماني...واطمئناني...
ـــــــــــــــــــ
ما أجمل تلك الليلة التي تجتمع فيه مع من تحب،
حينما يصبح قربه يحل لك... فتبيت معه كيانًا واحدًا.. تندمج اجسادكم وأرواحكم معًا وترتبطان برباط العشق الأبدي.. عشق توج بلذة الحلال.. فيبارك به الرحمان...

زينت بالأبيض كثوبًا يرمز لبداية جديدة وصفحه جديدة بيضاء سوف يملأنها سويًا بالحب والاحترام الذي يكنُه كلًا منهما للآخر....

قاد السيارة عائدًا ألى منزله،  الذي وأخيرًا بات منزلهما سويًا وسوف ينعم بقربها الدائم ينتهي يوم معها ويبدأ بها بأشراقة وجهها، كفه كان يحتضن كفها والاخر يقود به سيارته، شاعرًا بالامتنان لركان من اجل تلك الليلة المميزة وأيضًا لأصراره ببقاء عمران الصغير برفقة ندى هناك بالقصر تحت رعاية الخالة سعدية بنفسها، فوافق رحيم وغادر بصحبة سارة التي عاندت بالبداية لكنها اذعنت مع أصراره عليها...

شردت في مشوار حياتها وما عانته خلاله من ظلم وانتهاك وفقد وأذلال على مدار سنوات عدة،  ظنت فيها أن هذا قدرها وعليها أن ترضى به، ليفاجئها القدر بتمرده على احزانها وظلمها مكتفيًا من الألم الذي لحق بها، ليسعد قلبها بعد عجاف سنوات عمرها المرير، مانحًا أياها أملًا جديد.. بحب جديد...بل حب أوحد لم يسبق لقلبها الشعور به، فقد كان قدرها رحيمًا بها ومنحها رحيم.. أتى ليرحمها من كل رزايا ماضيها، قاضيًا عليها واحدًا تلو الأخرى، حتى حررها منها وانتشلها ألى عالمه حيث محبته واجتماعها بصغيرها بعد ظنًا بالفقدان له عاشته سنون عدة، تلظت فيها بنيران الألم...
والآن اصبحت تملُك كل شيء بعدما كانت لا تملك شيء وما أجمل ما تملكه الأن من دفء العائلة ومحبة زوج وأحساس الأمومة...لقد رضيت بالأمس بماضيها وألمها واحتسبت عند الرحمن أجرها، طامعة في كرمهُ.. فأغدق عليها به بفيضًا...

انتشلها من شرودها توقف السيارة وترجُله منها مستديرًا حولها، فاتحًا الباب ..يمد يديه لها.. اطرفت شفتيها بأبتسامه له تحمل شتى مشاعر الحب..الاحترام..والامتنان له.. لرجل يستحق أن تمنحه كل الحب الذي بقلبها.. يكفيها أنه سعى لأيجادها..لرد حقها لها... فوقع بغرامها...ولازم قربها..مراقبًا لها...منتشلًا إياها قبل الوقوع في هوة جديده ستقضي عليها مؤكدًا.. محتجزًا إياها في منزله..حاميًا اياها من أي اذى قد يلحق بها...متوعدًا إياها بالحب والسعادة والانتماء لها... فأعطته كفها...بل زمام أمرها..ومقاليدها.. بكل ثقتها أنه لن يخذلها أبدًا...وترجلت من السيارة بصحبته وقادها داخل المبنى حيث المصعد الذي ما أن  أغلق عليهما،  حتى فقد لجام صبره وألتف اليها يميل برأسه نحوها يلتقط بشفتيه ثغرها بقبله مجنونه تاق لها... حلم بها...تخيل كيف يكون مذاقها... احساسه بها.. وكيف أنه تفاجأ كليًا بما أنتابه حينها..أنها بمذاق الجنة ونعيمها...فقد ارتعد جسده.. بل ارتعد قلبه الخشن الذي تراخى وأمتثل لهجوم عشقها...
وكان المثل لها.. حيث تفاجأت بفعلته وقبلته التي ألهبت مشاعرها.. نبضات قلبها تقافزت دون رحمه، وركبتيها ارتعشتان، فأرتعد جسدها كله بالضعف الذي سري بكيانها كله، ولأول مره تشعر بكل تلك المشاعر من قبلة روت لها كل ما يكنُه لها من عشق فياض ورغبة مجنونه بها...
حرر شفتيها مبتعدًا عنها بشق الانفس، مستندًا بجبينه على جبينها بينما يلهث بجنون ودقات قلبه تدوي صوتها عاليًا كالطبول...متنهدًا بحرارة وهو يهمس لها بعاطفة جياشه قائلًا:-
  - ما تتصوريش أد أيه كان نفسي أعمل كده!..ولا من أمتى وأنا بحلم بيها..وماقدرتش امسك نفسي اكثر من كده، وحبيت اختبر أحساسي بيها اللي ياما تخيلته يا استاذة واللي ما كان نقطه في بحر أحساسي بيها...بحبك يا أستاذة.. بحبك حب مجنون من اول نظرة ملكتِ قلبي وتمنيتك ليا...وكنت محظوظ بقدري اللي ما خذلنيش وجعلك من نصيبي.
أسبلت اهدابها بخجلًا وجسدها ما يزال يرتعد آثر قبلته الجامحة، فتبسم لها قائلًا:-
  - مش قولنا نبطل كسوف يا استاذة الله يكرمك...عايز  أدلع أنا..
انكمشت على نفسها اكثر بخجل وتوتر، في الوقت الذي توقف المصعد فيه بالدور المعني أمام شقته،  فانفرج بابه،  فتبسم وهو يشير لها بالتحرك، فتحركت للخارج ورأسها مطرق بخجل مازال يكتنفها، فتتبعها هو بأبتسامه رجولية وعينين تلتمعان وهي تجوب على انحاء جسدها الملفوف بفستان زفاف اختاره بنفسه وكم لاق بها حتى وصل امام باب الشقة، فاخرج مفتاحه وقام بفتحه، من ثم استدار لها يشير اليها بيده لتلج ألى الداخل، فتحركت تتخطاه ألى الداخل، لكن ما كادت أن تفعل حتى باغتها بحمله لها بين يديه فجأه قائلًا:-
  - عيب عليا اسيب الاستاذة تدخل الشقة على رجليها يوم فرحها والله....
ثم تحرك بها وهو يستطرد مغمغمًا بنبرته الماجنه مع غمزه عابثه:-
تمت نجاح خطة المداهمة(أ) دون الاحتياج للخطة الاحتياطية (ب) وقبضت على المتهم الرئيسي قلبك ومشاعره وكلبشتك بيا بكلبشات من فولاذ واتحكم عليكِ بالسجن مدى الحياة في سجن قلبي وحان الأن موعد تنفيذ حكم ربطك بيا للابد مصاحب لأشغال شقه مؤبده تتلخص في الاهتمام بيا وحبي وتدليلِي يا أستاذة ومش من حقك طلب النقد...
ثم اكمل قائلًا وهو على اعتاب غرفة النوم قبل أن يلج إليها ويغلق الباب بقدمه:-
  - عايز اتنين..ثلاثة..نص دستة أولاد وبنات منك... عايز عيلة  كبيرة تخصنا...أنا وعدت عمران كمان تسع شهور ونجيب له اخت صغيرة وأنا ما بحبش اخلف في وعدي أبدًا وهعمل اللي عليا بضمير والباقي على ربنا...
**
ولج ألى الغرفة بعد فترة من الوقت تردد فيها بالدخول حتى حسم أمره وفعل، وقعت عيناه عليها غارقه بالنوم، اغلق الباب برفق وتحرك بخفه حيث هي وجلس على الفراش بجوارها وعيناه تتأملنها بعشقًا فياض لا ينضب ولا يقل، بل شعلته متوهجة بقلبه لا تنطفئ رغم إعصار خداعها وخيانتها إلا أن عشقها راسخ بأرضه.... عيناه ثبتت انظارها على شفتيه يزدرد ريقه في مقاومه عنيفة لرغبته في اعادة الارتشاف من رحيقها، منذ تذوق شهدها وهو لا يفكر إلا في تكرارها، فانحنى يلثم شفتيها برقة ثم أبتعد مرغمًا ذاته على هذا حينما شعر بتململها وظل ثابتًا فقط يتأملها، انتقل ببصره نحو  معدتها المنتفخة رفع يده ومسد بكفه عليها حيث أطفاله بالداخل، فشعر ببضعة حركات خافته منهم، دمعت عيناه بتأثر وغمغم قائلًا بهمسًا اجش:-
  - انتم عارفين أني لحد اللحظة دي مش مصدق وجودكم.. وانكم حقيقه مش حلم ومستني اللحظة اللي اشوفكم فيها وألمسكم واشم ريحتكم.. عارفين كمان أني خايف أموت قبل ما أشوفكم...مش خوف من الموت.. أد ما كان نفسي أعيش عشانكم.. عشان اربيكم واشوفكم وانتم بتكبروا قدام عيني... أنا بدعي ربنا انه يشفيني عشانكم..
مش عايز أموت إلا ما أشفكم...
لم تستطع منع ذاتها من التظاهر بالنوم أكثر، فقد شعرت به منذ قام بتقبيل شفتيها، لكنها تظاهرت بالنوم حتى لا يبتعد واستمعت ألى ما قال من كلمات دبت الذعر بقلبها ففتحت عينيها تطالع شموسه المشرقه، تعتدل في جلستها وهي تهمس بنبرة صوت مختنق قائلة:-
  - أن شاء الله هتخف وهتكون بخير وهتشوف ولادك ونربيهم سوا، أنا يستحيل اقبل بغير كده..يستحيل اقبل بخسارتك تاني بعد ما لقيتك..ربنا كبير ورحمته واسعه واكيد هيشفيك..اكيد القدر مش قاسي كده عشان يحرمني منك بعد ما جمعني بيك...
وبجرأة لطاما اتصفت بها وعززتها قبلته منذ قليل  قربت وجهها منه وعيناها ماتزال على تواصل بعينيه لم تقطعه حتى لمست شفتيها شفتيه برقه وهي تراهن ذاتها أنه لن يبعدها عنه وكالعادة كسبت رهانها، فقبلتها الصغيرة آججت نيرانه الخامدة منذ أكثر من عشرة سنوات مضت، نيرانه التي كانت خامده وأشعلتها قبلتهما الأولى، فآججتها الآن مبادرتها،  وقبل أن تبتعد كان هو يمنعها عن ذلك بقبله أشد عاطفة.. أشد جموحًا... قبله عاصفه بشتى المشاعر...قُبله متطلبه اهتاج لها الوجيب واشتعل لها الجسد، فأستسلم للجموح والرغبة بالوصال ناسيًا.. متناسيًا لوعود قطعها بالابتعاد والأيلام لمن تسببت له بالعذاب، ليخترق سكون الليل ضجيج  الغرام والمناجاة الحارة....
**
اصر ظافر على ايصالهما بذاته ألى فيلا ركان القريب، بسيارته التي قام بتزينها بالورود، متعللًا أنه يمنحهما ليلة عُرس كاملة تنتهي بزفة العروس، كاد أن يرفضها ركان رفضًا قاطعًا لكن لمعة عين بوسة والسعادة التي علت ملامحها عقب حديثه جعلته يتراجع عن الرفض، مانحًا أياها كل ما يسعدها الليلة، وبالفعل توجه نحو سيارته وساعدها على استقلال المقعد الخلفي ثم جلس بجوارها، حتى آتى ظافر الذي انهى حديثه مع آدم، واستقل موضع السائق راسمًا ابتسامه واسعه  تظهر صفي اسنانه باستفزاز مغمغمًا:-
  - عمري ما كنت اتخيل أني هزفك بنفسي يا حضرة الضابط لأ وبعربيتي اللي زينتها بالورد عشان ازفك كمان..بس يلا عشان الورد يتسقى العلاق.. وكل يهون عشان القمر اللي جانبك دي...
لاح شبح ابتسامه على شفتي بوسه بأدراك  لمناكفته ل ركان، لكن سريعًا ما تلاشت حينما نظر أليها بتلك النظرة الغاضبة،  ثم رفع يده وهوى بها على كتف ظافر ببعض الخشونة وقد فقد لجام غضبه قائلًا:-
  - طب لم نفسك بقى وأسكت عشان ما أتهورش عليك،  وعدي الليلة يا ظافر فاهم...
قهقهه ظافر عاليًا وغمغم قائلًا:-
  - الله يا ركان في إيه مالك فك شوية وخليك أسبور،  الواحد لازم يتقبل تعبير اللي قدامه عن الجمال...
  - يتقبل تعبيره عن الجمال...دا كده تركيب قرون رسمي وأنا افضل اكون رجعي ومتخلف ولا اكون بقرون.. فحط لسانك جوا بوقك.. وبص قدامك لحد ما نوصل فاهم...
قهقهه ظافر مستمتعًا وهو يهز رأسه ويقود سيارته حيث الفيلا القريبة وخلال دقائق كان وصل إليها، فأوقف سيارته أمام بوابتها الأمامي، فترجل ركان منها واستدار ليساعد بوسه على الترجل بفستانها الضخم، بينما كذلك ترجل ظافر واستند على سيارته ينظر إليهما حتى خرجت بوسه من السيارة، فقادها رمان للتحرك الى الداخل،  أوقفه ظافر قائلًا:-
  - ركان
  استدار له مغمغمًا بنزق:-
  - نعم عايز إيه!..مش زفتنا وخلاص..ارجع على بيتك بقى..
تبسم ظافر تلك الابتسامة التي تظهر صفي اسنانه والتي تنجح دومًا في استفزاز ركان واردف قائلًا:-
-خد بس هقولك عايزك في موضوع كده...مصلحه.
تقدم نحوه بغيظ منه قائلًا:-
  - عايز ايه اخلص..
  اخرج من جيبه احدى تلك السجائر الملفوفة قائلًا:-
  - حبيت امسي عليك.. دي سيجاره كده متكلفه وهتعمل معاك الواجب..
  توسعت عين ركان بصدمه وهو ينظر ألى ما بيد الآخر وغمغم بذهول:-
  - يخربيتك..أنت بتمسي على ضابط شرطه بسيجارة حشيش!.. انت اتجننت.. أنت عارف أنا ممكن اعملك فيك إيه دلوقت.. ممكن احبسك حالًا بتهمة الحيازة..
ثم اردف بقلق حقيقي:-
-اوعى تكون بتتعاطى الزفت دا
  تشدق ظافر ساخرًا:-
  -  تقبض عليا وحيازة وبتعاطي ..دا جزاتي أن انا لفيت وسألت وسعيت عشان اروق عليك وما تكسفناش الليلة.. بس أنت الظاهر ما بيطمرش فيك.. أنا غلطان اني كنت عايز اوجب معاك..
  -مش عايز زفت واجب من دا!.. أنا تمام ومش محتاج حاجه من دي.. امشي يا ظافر روح بيتك..
أردف بتلك الكلمات وهو يجز على نواجذه بغضب يلجمه عنه، فغمغم ظافر بتذمر:-
  - أنا ماشي يا عم ما تزقش.. دي خسارة فيك والله وآهوه..
ألقاها على الأرض وقام بدهسها وتحرك مغادرًا وابتسامته لم تنضب..
بينما ضرب ركان كف بكف مستعجبًا منه وعاد نحو زوجته المنتظرة، فتبدلت ملامحه لابتسامه ونظرة عشق وهو يتطلع بها قائلًا:-
  - يلا ندخل بيتنا...
  ثم جذبها للتحرك معه قائلًا:-
  - مش من هنا..هندخل من البوابة اللي كنتِ بتدخلي منها.. فتبسمت له بخجل، فتحرك بها نحوها وقام بفتحها ووقف على اعتابها مغمغمًا:-
  -طريقة دخولك الليلة هتكون غير..
وبغته كان يحملها بين يديه ويدلف بها ألى الداخل حيث الممر الممهد بالورود والشموع كما طلب من ظافر، والذي انبهر برؤيته الأن، بينما هي لمعت عيناها بذهول وفرحه تداعب قنايا قلبها وعيناها تجول بمحجرها على ما فعل من اجلها، ألى أن وصل نحو الشجرة الضخمة التي كانت تتسلقها فقد كانت ملفوف غصنها بالانوار المضاءة ويتدلى منها أرجوحه مزينه حبالها بالورود الصناعية انبهرت بجمالها وصوته يتسلل ألى مسمعها هاتفًا:-
  - حبيت الليله اصنع ليكِ هنا ذكرى جديدة في كل مكان  كنتِ فيه لوحدك بتراقبيني وأنا بعيد عنك.. واي شعور ألم  مضي هزرع مكانه فرحه..
  وقام بأجلسها على الأرجوحة وبدأ يحركها بخفه من الأمام بابتسامة عاشقه.. حانيه على ثغره..   

سيال العشق  (مكتمله) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن