_الفصل السابع_
دخلت الأم وأنفال لترتيب الفوضى بالمنزل.. وقبل أن ترفع أنفال شيئًا اقتربت من الأوراق التي كانت أمام أبيها قبل ذهابه، رأت عددا من الاقتباسات مكتوب على ورق الملاحظات الملون، كلها توحي بالحزن والخذلان.. جميعها تحمل معاني المعاناة.. لكن مما كانت تعاني هذه الفتاة! لا تعلم. سؤال آخر.. لماذا اتهمها والدها أنها سبب هروب أفنان؟ نظرت للكشكول الأصفر بأعين زائغة، الإجابة على هذا السؤال تكمن بين هذه الصفحات، أمسكت به وفتحته، أخذت تقلب صفحاته بحثًا عن شيء يخصها، الكثير من أرقام الهواتف لأصدقاء أفنان والعائلة، اقتباسات أخرى، ألعاب كانت تلعبها وأَهِلَّة وقت فراغهما، وأخيرًا...
"سبحان الله، مش عارفة ازاي ممكن إنسان يعيش بوشين، وش بيخلي الناس كلها تشوفه حد جميل وطيب وكويس، ووش كله غدر وخيانة ومكر.. ازاي هي كده وازاي ما حدش في البيت كاشفها!! لا وكمان بتنصح الناس وبتوعظهم، في الوقت اللي هي ما بتعملش أصلا بربع الكلام اللي بتقوله."
هذا إذًا ما وجده والدها فاتهمها أنها سبب هروب أفنان! لكن لماذا لا يسمع كما يحب أن يُسمع له؟ لماذا اتهمها بالباطل دون أن يسألها! لماذا رأى أنها هي الموجه لها هذا الكلام! لمَ لم يفكر في غيرها!
ما زالت تتألم، وما زال قلبها يُدمي جراء ما حدث منه منذ قليل.. تذكرت أمر هذا المكتوب منذ أشهر مضت، وقع كشكول أفنان صدفة في يدها وقرأت المكتوب فيه، وحينما واجهتها به قالت أفنان في خجل من نفسها:
- بصراحة إلهام صحبتي كانت حكت لي عنك كلام كتير كرهني في تصرفاتك.لم تفهم أنفال حينها ما تقصده، ما دخل إلهام بشيء كهذا؟ تابعت أفنان:
- إلهام يا أنفال أخت مريم صاحبتك.فهمت أنفال الأمر، إنها مريم إذًا! مريم تلك كانت صديقة الثانوية والجامعة، لم تكونا مقربتين لدرجة البوح بالأسرار لبعضهما، ولم تكن علاقتهما بالقوة التي تجعل إحداهما تتصل هاتفيًا بالأخرى في منتصف الليل كي تخبرها أنها ليست على ما يرام! فقط صديقتي طريق، وأحيانًا مذاكرة، كان يدور بينهما حديث عن المشاكل الاجتماعية في الحدود التي لا تصل بإحداهن للتشاجر من أجل وجهة نظر، كلها كانت أمورًا عابرة. إضافة إلى أن مريم لم تكن بالفتاة التي تحب أن يتقدم عليها أحد في أي شيء، لذلك بعد مرور أعوام على رفقتهما لبعضهما اكتشفت أن تلك الفتاة لا تصلح أن تكون صديقة، فهي تُخرب سمعتها وتتحدث عنها بما يضرها، لم تواجهها في الواقع، ولكنها آثرت أن تقلل التعامل معها، وأن تحترس من التحدث عن أي شيء غير الدراسة.. عداوة لا مبرر لها في الواقع غير أنانية من مريم تلك... وصل الأمر بها أن حاولت الإيقاع بين أنفال وأفنان عن طريق أختها إلهام التي كانت صديقة مقربة لأفنان أيام دراستهما، ولقد نجحت في هذا فترة من الزمن حتى كشفت إلهام نفسها بنفسها حينما تحدثت مع صديقة ثالثة لهما وأخبرتها عن مدى غباء أفنان وانقيادها خلف كل ما يُقال لها...
أنت تقرأ
أنفال ٢
General Fictionبين هذه السطور المرصوفة كلماتها يكمن جزء كبير من الحقيقة، والبعض الآخر يحمل زيفًا ربما مبالغ فيه، وربما هو أقل بكثير مما حدث في الواقع، المهم أن بعضًا من تفاصيل الحقيقة لا بد وأن تختفي تحت طيات الكذب؛ لئلا تثير بلبلة أصحابها الذين يخشون فضح حقيقتهم،...