_الفصل الثاني عشر_
استقلا السيارة وانطلقا إلى بيت الجد، وقبل أن تترجل هيا عن السيارة قالت بنبرة راجية:
- مش هتنزل؟
- الوقت ما سمحش لسه.
قالها آدم وهو يُدير وجهه للجهة الأخرى، لم تُرِد أن تضغط عليه، فقالت باسمة:
- بسيطة.. يلا أشوفك يا.. يا بن عمي.
التفت ينظر إليها، لكنها نزلت وولجت للبيت، تنهد بقوة وهو لا يعلم ما عليه أن يفعل، لا يدري الخطوة التالية، ولا إن كان سيتمكن من إخاطة ثغرات نفسه بابنة عمه، إنه على شفا جُرفٍ من خوض تجربة لا يدري عن نجاحها أو فشلها نسبة! سيترك كل شيء للوقت، لا يملك حلولًا غير ذلك.اتصل بيزيد الذي أعلمه أنهم بالمشفى، فقاد إليها سريعًا غير مدرك أنها ستكون مكانًا للمبيت لفترة طويلة قادمة. وصل إليهم آخذًا معه وجبة تكفي الجميع، تحدثت إليه أمه إن كان قد أنهى أموره بالجامعة وإن كان ينقصه شيء ما، سأل بعدم فهم عما تتحدث، فأخبرته أن يزيد أطلعها أنه لم يأتِ معه في الصباح لأمور ينهيها بالجامعة، التفت بناظريه لصاحبه الذي يتحدث مع نعيم ومصطفى، ثم تنهد وبداخله امتنان كبير لذاك الشاب الذي كان لقاءه به صدفة في حياته. بعض الصدف حياة. أكد أن كل أموره بخير، سأل عن حالة سارة وعرف أنه لا جديد للآن. وبقي الأمر على ما هو عليه حتى حل الصبح بنوره وأخباره.
خرجت الممرضة تزف خبر أن الفتاة استعادت وعيها، دخل إليها الطبيب سريعًا، وبعد بعض الاختبارات والفحوصات الشاملة خرج إليهم يخبرهم حالتها التي تحسنت بعض الشيء، حتى أمر تشوش الذاكرة قد عولِج إلهيًا، بينما أمر النطق فهو شيء غالبًا بسبب تعرضها لصدمة ما، سألت هبة إن كانت قادرة على رؤيتها فأكد الطبيب ذلك، ولكن دون ضغط عليها. ولجت بصحبة أنفال التي ما إن اطمأنت بابتسامة صديقتها حتى خرجت تترك مجالًا كاملًا للأختين، لربما كان الشفاء بأمر الله على يد هبة!
جلست جوار رزان، لكن يزيد أتاها يطلب التحدث معها على انفراد قليلًا، تعجبت في بادئ الأمر، لكنها تحركت معه بعيدًا عن الجميع حينما أخبرها أن الأمر بخصوص سارة. سأل إن كان أمر سارة قد يكون بسبب المس، تصلبت أنفال في مكانها لبعض الوقت، سارة لا تصلي، ولا تقرأ القرآن، لا تستجيب لأي شيء غير تناول الطعام بقلة وشرب الماء، وأحيانًا يلفت نظرها المناظر الطبيعية، كما أن السهاد يراودها في بعض الليالي والبعض الآخر لا تطيق النوم أو إغماض عينيها، أحيانًا تستيقظ فزعة من نومها، وأحيانًا تنتبه فزعة في يقظتها، تطيل البقاء في دورة المياه كلما دخلتها، كثير من الأشياء التي انتبهت أنفال توًا لها! كيف لم تفكر بالأمر من قبل، لم تحاول جرها للصلاة، أو حتى قراءة الرقية الشرعية عليها! تحدثت أخيرًا:
- ممكن يكون مس فعلًا، لكن.. لكن أنا.. يعني أنا ما أعرفش حد ممكن يساعدنا.
- بصي، أنا شكيت في الأمر زي موضوع الذاكرة، أصلًا كتير من تصرفات سارة بتدل على حالتها، وأنا فاكر مرة وأنا في الدراسة كانت والدتي بتعاني من المس.. وحالتها كانت انعزال تام عن الناس.
- طب مين عالجها؟ فاكر؟
سألت أنفال بشغف وقد زارها أمل كبير، لكنه نفى فتنهدت بقلة حيلة، وفجأة طرأت على عقلها أنفال، ربما تستطيع تقديم مساعدة لها في هذا الأمر، بما أنها فتاة تحب العلم الشرعي وتسعى فيه كما أوضحت في كثير من منشوراتها عبر صفحتها الشخصية. عرضت الأمر على يزيد الذي طلب أن تُسرع في التواصل معها، وبالفعل أرسلت لأنفال رسالة أنها بحاجتها، لكن أنفال لم ترد على الرسائل السابقة حتى، هذه الفتاة تمر بظرف صعب على الأغلب، اضطرت للمحادثة زوجها، وطلبت منه رقم هاتفها من أجل التواصل معها لأمر هام، فأعطاها إياه، ولم تنتظر لدقيقة، بل اتصلت بها على الفور، وأخيرًا ردت.
أنت تقرأ
أنفال ٢
Ficțiune generalăبين هذه السطور المرصوفة كلماتها يكمن جزء كبير من الحقيقة، والبعض الآخر يحمل زيفًا ربما مبالغ فيه، وربما هو أقل بكثير مما حدث في الواقع، المهم أن بعضًا من تفاصيل الحقيقة لا بد وأن تختفي تحت طيات الكذب؛ لئلا تثير بلبلة أصحابها الذين يخشون فضح حقيقتهم،...