_الفصل العاشر_
انتهى الشيخ عبد الناصر للتو من إنهاء خطبته القصيرة بعد صلاة الظهر، تحرك تجاهه عمر ينوي التحدث معه، ولم يبخل عليه الشيخ بوقته، إذ جلس يستمع لسؤاله عن الأشخاص الذين يرافقهم الجن، وكيف يمكن أن يُستخدم الجن في الخير دون الشر، كان الشيخ يستمع باهتمام كبير كعادته في أصغر الأمور وأكبرها، اننظر حتى انتهى عمر من كل ما أراد قوله والسؤال عنه، وأتى دور الشيخ كي يُعطيه الرد، فقال:
- شوف يا بني، فيه فرق بين إن الشخص يكون عليه جن، أو الشخص مسخر جن، الشخص الأول له علاجه، وغصب عنه اللي هو فيه، والبعض حالته مستعصية، أما الشخص الثاني فهو كافر لا شك ولا محالة والعياذ بالله.. طيب الشخص اللي عليه جن هل متاح له استخدامه، آه يا بني، يستخدمه في الخير أو في الشر، وطبعا في وقتنا الحالي قل ما تلاقي اللي بيستخدم الجن في أمور الخير فقط، لأنه ببساطة النفس أمارة بالسوء يا بني، واللي بيشوف نفسه صاحب ميزة زيادة عن غيره بيحب يستعرضها، إلا من رحم ربي.- طب أنا ما عنديش علم الشخص اللي هلجأ له ده ماشي في الخير ولا بيمثل ده، أعمل إيه؟
سأل عمر محاولًا كسب ما سيفيده من معلومات الشيخ الذي أجاب:
- ولو أن الله لا يبتلي العبد إلا ليختبر صبره، وحبًا منه أن يعتمد العبد كليًا وجزئيًا على ربه إلا إننا بنسعى للحل الأقرب.. في الإمكان تجرب طرق كتير لحل مشكلتك يا بني، ولو كل الطرق مقفولة فخذ بالأسباب وتوكل، بس تكون على علم ويقين إن الشيء ده لا يمس الحرام من قريب أو بعيد.أومأ عمر متنهدًا ببعض الراحة؛ فهم ما أراد أن يفهم. شكر الشيخ على وقته واستأذن الذهاب، لديه مهمة عليه إنجازها الليلة، ووعد يفي به.
حل الغروب، ووصل معه عمر والعم صابر إلى بيت والد أنفال، وبصحبتهم ذاك الرجل الذي سأله العم صابر المساعدة من قبل. جلس ثلاثتهم مع والد أنفال الذي لم يسأل شيئًا ولم يعطِ كلمة في أي مما يتحدثون فيه، كان الرجل الغريب بينهم يُدعى أيمن، قال موضحًا:
- أعوذ بالله من الكفر ومن الشرك، تسخير الجن عمل السحرة والمشعوذين والدجالين، أما أنا فربنا ابتلاني بميزة زيادة عن البشر، وهو إني بالبلدي كده ملبوس، يعني مرافقني جن، والجن يا عم علاء ويا عم صابر زي البشر في القول، يصدق ويكذب، لما جاني الحاج صابر وقال لي في عيلته واحدة ما تعرفوش مكانها فين ووصفلي عنوان بيتك يا عم علاء- أراني الجن إن البنت موجودة في حي عين شمس، لكن أنا للصدق ما بصدقش كل اللي بيقولوه، عشان زي ما قلت لك.. أحيانا بيصدقوا وغالبًا بيكذبوا.كانت يده تتحرك مع لسانه بحركات تؤكد على ما يقول، كأنه يتحدث لنوعين من البشر: المعافون، والصُّم. تابع بعد قوله يُضيف:
- اديت الحاج صابر طرف الخيط وقلت أكيد لو ليكم حد هناك هتبدأوا تدوروا عنده.- طب وحكاية إن البنت ما خرجتش بمزاجها؟
سأل عمر فأجاب أيمن على الفور:
- ده كمان عرفهولي الجن، البنت خطت على سحر معمول لحد غيرها، ولأنها ما كانتش محصنة نفسها ولا مؤدية فرضها ولا قرأت أذكارها فشربت جزء من الطبخة المطبوخة لغيرها.
أنت تقرأ
أنفال ٢
General Fictionبين هذه السطور المرصوفة كلماتها يكمن جزء كبير من الحقيقة، والبعض الآخر يحمل زيفًا ربما مبالغ فيه، وربما هو أقل بكثير مما حدث في الواقع، المهم أن بعضًا من تفاصيل الحقيقة لا بد وأن تختفي تحت طيات الكذب؛ لئلا تثير بلبلة أصحابها الذين يخشون فضح حقيقتهم،...