الفصل الرابع عشر

407 22 0
                                    

لم تعرف لكم ساعة ظلت تنتحب وهي تتذكر كيف قام ويليام بإخراجها من المشفى بعد أن حقنها بذلك العقار الذي جعلنا تشعر أنها مشلولة، كانت تصرخ لكن يبدو أن الصراخ كان في عقلها ولم يتعداه لأن من حولها لم يلتفتوا لها، كانت تشعر بالذعر، تحاول سماع صوت ريمون... لابد أنه سيظهر في أي لحظة، استفاقت في تلك المصحة التي ذاقت فيها من العذاب ألوان.

كادت تصرخ بكل ما تملك من قوة عندما فكرت في تلك التمثيلية الرخيصة والقصة الملفقة التي قامت أمها بتلفيقها لتخرجها من المصحة، لم تفعل ذلك إلا لأن جدها يبحث عنها، ترى لو لم يكن يبحث عنها هل كانت ستتذكرها؟

ريمون... آه يا ريمون، لم تعرفني.. ستة أشهر لم تعرف أن من تعيش معك هي جيسي؟ كيف؟ عندما كانت بين ذراعيك لم تشعر بالفرق، صوتها.. طريقة حديثها، شعرت أن قلبها يتمزق ألماً.

***

نظر ريمون إلى ابنة عمه التي كانت خارجة من غرفتها مطأطأة الرأس، عندما نظرت له كانت عينيها منتفختان:

- هل أنتي بخير؟ إنك تبدين كمن قضت ليلتها في البكاء.

قالت له بشراسة:

- لا شأن لك.

بعد أن قالت الجملة كأنها تبصقها في وجهه ابتعدت، لحق بها وأمسك بذراعها، تفاجأ عندما استدارت ودفعته بقوة:

- لا تلمسني.

رفع كفيه:

- جيسي... اهدئي هل جننتي؟ ماذا حدث لكل هذا؟

شعرت أنها على وشك الجنون عندما سمعته يدعوها جيسي، تقدمت منه خطوة وقالت له بحدة:

- إياك ان تلمسني مرة أخرى.

وقف مصدوماً وهي تبتعد مسرعة بطول الممر قبل أن تنزل الدرج راكضة، ظلت طوال اليوم شاردة وكلما وجّه لها أحدهم حديث كانت تتأمله صامتة، في نهاية اليوم سألها والدها بقلق:

- هل أنت بخير يا ابنتي؟ هل يؤلمك شئ؟ يمكننا أن نذهب إلى المشفى.. أخبريني يا صغيرتي.

امتلأت عيناها بالدموع إزاء حنان والدها الذي امتلأت عيناه قلقاً، كان يتحدث معها وهو يتلمس خدها وكأنه يخاطب طفلة، تمالكت نفسها لكي لا ترتمي بين ذراعيه وتطلق العنان لأنهار الدموع التي تكاد تغرق روحها، هزت رأسها:

- لا تقلق يا أبي أنا بخير.. إنه مجرد صداع.

دارت بعينيها محاولة صرف الدموع التي كانت تتزاحم في عينيها، تلاقت نظراتها بنظرات ريمون الذي لم يتوقف عن تأملها منذ صدامهما صباحاً.

كان ريمون يتأمل ابنة عمه وقد تجددت هواجسه التي استمرت في تعذيبه طوال الأيام الأخيرة، بدت كأنها تكرهه، بدت أنها تريد غرس سكين بين ضلوعه، رفع حاجبيه بدهشة عندما نجحت في إخفاء تلك الدموع التي كانت منذ قليل تملأ عينيها وقالت متظاهرة بالحيوية:

التوأم للكاتبتان ايمان ابو الغيط و فاطمه الصباحيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن