بعد تفكير دام لمدة ليست بطويلة قررت مريم التنازل ولو لمرة واحدة على حساب ضميرها حيث حياتها أهم بكثير الآن
فهي وإن ماتت هنا فلن يعلم أهلها بما حدث لها وهذا أسوأ ما قد يحدث بالنسبة إليها
وبينما الأفكار تتلاحم برأسها داخل ملحمة ذهنية شديدة هدّأ من شدة الالتحام الحادث بذهنها صوت أحمد
«قررتي اي؟! بصي أنا عارف إن القرار هيبقى صعب عليكي، مهما كان محطوط قدامك حاجتين أصعب من بعض..حياتك وضميرك»
قال أحمد بحزن ثم تابع حديثه بنبرة جادة
«بس أنا شايف إن مهما كان انتي تعرفي حاجات حتى لو بسيطة عن ازاي تساعدي الناس وكدا هما هنا ميعرفوهاش»
وجدت مريم كلام أحمد منطقيًا، فبالرغم من كل الصعوبات التي تكمن وراء تلك المهنة..هي ستقدر على إيجاد حلول
حتى إن كان المرض يصعب علاجه فوصفات بسيطة يُمكنها التخفيف من حدة الألم
ولكن سرعان ما لمعت فكرة داخل رأسها
«ثانية أنا مبمشيش من غير مسكن، في جيبي شريط بنادول فـ الألم الصعب اللي مش هنعرف نداويه هنديله بنادول بس بما إن مش معايا غير شريط فـ للحالات الصعبة بس»
قالت مريم بفرحة غامرة
عندما علمت رحيق بموافقة مريم على الأمر ذهبت سريعًا لإخبار الكاهنة«ميريت» بالأمر
وما إن سمعت ميريت بموافقتها حتى نمت ابتسامة بسيطة على ثغرها
___________________
عند مريم وأحمد
اجتاح مريم شعور رهيب بالنصر وكأنما حررت القدس أو أنقذت فلسطين من براثن الاحتلال
تزاحمت عدة مشاعر متضادة داخل رأسها الذي لم يعد يتسع لكل تلك الأفكار والاضطرابات التي أهلكت رأسها الشاب
شعرت وكأنها غير كل الفتيات، إحساس فتاة مختلفة مُغايرة للواقع مُضادة للمجتمع بأسره، فهي إن لم تحظى بمهنة سامية بزمنها الذي لا يُقدّر العقول المُبدعة
ستحظى هنا بأسمى مكانة وأرقى مهنة تقاتلت لتصل إليها كل فتاة طموحة بعصرها
كل ما ستتمناه سيأتي لها خاضعًا على طبقٍ من ذهب
شقّت بسمة صغيرة طريقها لتزيّن محياها، كانت تلك الابتسامة بمثابة النهر الذي روى الأرض القاحلة التي شابت من قلة المياه
نظر إليها أحمد عند رؤية بسمتها النّابعة من قلبها التي ولأول مرة يراها تتبسّم بفرحٍ كتلك المرة
«بقولك اي احنا لي مفكرناش هنرجع ازاي لحد حالا؟»
قال أحمد مُقاطعًا لحظة الصفاء التي قد تمتعت بها بعد أسبوع حافل بالإجهاد والإرهاق النفسي والجسدي
«يبني انت مش هاين عليك تسيبني أفرح شوية وأتخيل لازم تقاطعني كدا وتعكر مزاجي»
قالت مريم وهي تزفر الهواء بضيق فهو قد عكّر صفو ذهنها الذي لم تتمتع به لشهور وأيقظها من أحلامها التي تخدع بها نفسها
هدم سقف طموحاتها بجملة واحدة منه، ماذا لو تحدث لبضع ثويناتٍ أخرى؟!!
تخشى أنه إن تفوّه بحرفٍ آخر ستغرق سفينة آمالها ببحر اليأس الذي لن تجد به طوقًا للنجاة
«بص احنا نخلص اللي جينا عشانه وبعدين نفكر في الحوار دا»
قالت مريم لتحسم الحديث بذلك الموضوع وكأنها تتهرب من مواجهة الواقع المرير
فهم أحمد مقصدها لذلك آثر الصمت
بعد دقائق ليست بالكثيرة
دخلت رحيق لتُعلمهم أن ميريت قد أعدّت لهم غرفهم فهم سيظلون بالمعبد
وجد كلًا من أحمد ومريم الفرصة سانحة أمامهم فبقاؤهم بالمعبد سيُزيد فرص اكتشافهم لسر تلك المادة
فأومأ كلاهما بإيجابٍ ليتبعوا رحيق التي أدخلتهم إلى غرفهم البسيطة قديمة الطراز
عند دخول مريم الغرفة شهقت بإعجاب لذلك الطراز الفرعوني الذي قد طغى على تصميم الغرفة
كما أنها وجدت تمثال لإلهٍ ما فزعمت أنه للإله حورس فهم بكل حال داخل معبده
أخذت تمثال ذلك الإله لتضعه بعيدًا حتى لا يؤرق نومها لأنها تخاف التماثيل وخاصةً المماثلة لذلك التمثال
بينما بالغرفة المجاورة تمامًا لخاصة مريم
يجلس أحمد على أحد الكراسي لينظر لأرجاء الغرفة بإعجاب واضح فهو لم يتخيل أنه سيُعجب بطرازٍ يصل إلى آلاف السنين يومًا
ووجد تمثالًا مماثل للقابع بغرفة مريم، كان سيحطمه ولكنه تذكر أنه تحت ضيافتهم فلا يجب عليه لمس شئ لا يمتلكه
فتملّكه الغضب ولكنه سرعان ما نفض تلك الأفكار عن عقله المُهترئ إثر احتدام الأفكار اللا نهائي الذي يُعاني منه منذ جاء إلى هنا
أنت تقرأ
Red mercury-الزئبق الأحمر
Fantasyإكسيرٌ للحياةِ مدفونٌ على أعماقٍ من أرض هذه الصحراء القاحلة، ولكن عند استخراجه سلب حياتهم جميعًا كان كالورم الذي فشل استئصاله كالفيروس بلا عقار كفصيلة الدم المخالفة تمامًا للمريض ما إن يتم مزجها بدماؤه حتى تُكتب عليه تلكَ النهاية.. لم يكن مجرد سفر ب...