في حين كلاهما يندب حظه إذ بامرأة تقترب منهم، بدت مألوفة كثيرًا
أخذت مريم تحاول تذكر متى قابلتها وحين تذكرت خلعت نعلها لتقذفه بوجه تلك السيدة، ولكن أحمد انتزعه منها ليرميه أرضًا ويعتذر لها
«آسف على تصرفها الطائش»
قال أحمد وهو ينظر إليها بضيق فتلك السيدة هي آخر أمل لهم فلا يُريد منها هدم جميع آمالهمفهو يرى تلك السيدة كطوق النجاة الذي سينتزعهم من أعماق بحر اليأس ليُلقِ بهم على شاطئ الأمل
تساءل الملك عمن يكونون حتى تُسوّل لهم أنفسهم أن باستطاعتهم تعطيل موكب الملك
فسألهم بغضب
"من تكونون؟!! بسرعة قبل أن ينالكم غضبي!!"
تمكنوا من رؤية الشرار المُتطاير من عينيه ليتحدث أحمد سريعًا للمرأة أمامهما بالرغم من عدم فهمه للكلمات التي تفوّه بها الملك
«قوليله إننا كنا بنشتغل مع الكاهنة ميريت وإن مريم طبيبة المعبد بس احنا مش من هنا فـ مش هنفهم كلامه..»
أومأت لتُخبر الملك بقصتهما
عند سماعه للأمر أراد أن يُعين مريم كطبيبة وسيكون أحمد مُساعدها ولكنها لن تكون طبيبة للمعبد بل ستكون طبيبة الملك
وهذا أسوأ ما قد يحدث لها!!
سرعان ما ترجمت لها المرأة لتتسع أعين مريم بصدمة فكيف لها أن تفعل ذلك؟!
فحياة الملك ليست بلعبة بيديها!! كانت سترفض إلا أن القابعة أمامها أخبرتها أنه لن يترك لها فرصة الرفض لذلك اضطرت للموافقة
أمالت على أذن أحمد لتتحدث وهي تصر على أسنانها
«شكلها احلوّت، يومين بس ورقبتي تكون مفصولة عن جسمي..»
عدّل أحمد كلامها ليقول
«رقبتنا»
نظر الملك إلى المرأة التي تطايرت خصلة شقراء لتتمرد وتخرج خارج الوشاح التي تغطي به شعرها
"وأنتِ ستأتين معي أيضًا حتى تترجمي لي ما الذي يتفوّه به هذان التافهان.."
نظرت مريم للمرأة لتقول
«بيمدحني صح؟!»
ضحكت الأخرى على بلاهتها ثم ذهبوا جميعًا ليتبعوا موكب الملك وصولًا للقصر المتواجد بِتل العمارنة
عندما دخلوا للقصر دُهشوا من فخامة التصميم، فالطابع الفرعوني يغلب على المكان بمشهد شديد الجمال
يلتقي به النحتُ مع العمارة بمشهد خلّاب تُسحب له الأنفاس
والعرش كان من الذهب الخالص رأوا الملك يتجه ناحية العرش ليتربع عليه
كان الملك صغيرًا للغاية، كان بمقدمة شبابه في حين جلس على العرش وارتدى تاجه المطلي بماء الذهب وتُزيّنه قطع الألماس لتُضفي عليه رونقًا وجمالًا
على الرغم من عمره المُتقارب معهم إلا أنه جلس على العرش بوقارٍ شديد
رأت مريم بأوجه المُحيطين له الكره الشديد، فهم يُكنّون له الحقد والكره داخل أفئدتهم
ومع ذلك بدا وكأنه يعلم بكل تلك المكائد التي تُدبّر له من وراء ظهره بل بدا وكأنه غير مُبالٍ أيضًا
فبنظره الوحدانية شئ أسمى من أن يبيعه فقط لأجل إشباع شهواته بحُب الشعب
لا يُبالي إن أحبوه أم لا، كل ما يجول بذهنه هو أن يكون هو راضٍ عن ما يفعل
فحتى والدته تعبد آمون وتُخالفه تمامًا كما أنها من الساخطين عليه تحت مُسمّى أنه ملعونٌ من قِبل آمون
بعدها أشار لهم فمَثَلوا أمامه
"ذلك الحارس سيأخذكم إلى غرفكم وإن احتجتكم بشئ فسأرسله لكم"
قال الملك وهو ينظر إليهم بوقار
ترجمت لهم ما قال ليذهبوا إلى غرفهم ولكن بالطريق
تحدث أحمد مُخاطبًا تلك المرأة التي تسير معهم
«أنا أكون أحمد، هل لي بشرفِ معرفة اسمكِ؟»
أجابته بابتسامة
«بالطبع أُدعى فاتن»
بينما سخرت مريم منهما وتحدثت بصوتٍ مُنخفض
«والله وأم طرحة لموني طلع اسمها فاتن!! اي اللي فتنها دي بشعرها الأكرت اللي عامل زي اللي مكبوب عليه بوهيا..»
سمع أحمد ليبتسم ويُكمل حديثه لفاتن
«وتلك تُدعى مريم وهي صديقتي..»
«مبصاحبش ولاد!!»
ألقت مريم كلماتها عليهم ثم دخلت إلى غرفتها وأغلقت الباب بوجههم
كانت الغرفة شديدة الجمال، ظنت لوهلة وكأن لها مكانة مرموقة بالقصر على الرغم من أنها تخشى أن يُقطع رأسها ويُعلّق على باب هذا القصر الجميل إن فشلت بعملها كطبيبة
أنت تقرأ
Red mercury-الزئبق الأحمر
Fantasiaإكسيرٌ للحياةِ مدفونٌ على أعماقٍ من أرض هذه الصحراء القاحلة، ولكن عند استخراجه سلب حياتهم جميعًا كان كالورم الذي فشل استئصاله كالفيروس بلا عقار كفصيلة الدم المخالفة تمامًا للمريض ما إن يتم مزجها بدماؤه حتى تُكتب عليه تلكَ النهاية.. لم يكن مجرد سفر ب...