L . Byron

280 41 6
                                    

بعد شهر من العمل دون أجر تم توظيفي رسميا و صرت أتقاضى أجرا جيدا إلا ان العمل بات اصعب بغياب الطبيب الذي كان يشرف علي و في وسط العاصفة التي كنت أعيشها في المستشفى و اهوال العالم الذي بات أسودا بشكل لا يطاق تذكرت شيئا... غدا تمر سنة كاملة منذ إختطافي و موتي المفبرك لذا قررت أخذ يوم عطلة و قد كان هذا الطلب موضع نقاش حاد بيني و بين الدكتور و الذي إنتهى بأخذي لنصف يوم الأمر الذي اعتبرته ممتاز.
_________
ينصح بالاستماع إلى
Sonya_ just for me
_________
بمجرد عودتي من العمل قررت صنع كعكة لهذه المناسبة مما أضحك دابي الذي آتى باكرا "نسبيا" و نسبيا تعني السابعة مساءً
"اذا مرت مرت سنة على موتك ؟" قال و هو ينظر إلى ما أفعله واضعا رأسه على كتفي
"نعم... مرت سنة و انا غير موجودة. و هل تعلم ما يريحني؟ لم يتغير شيئ! الحياة لا تزال نفسها.... موتي لم يحدث تغييرا كبيرا كما ظننت" قلت و انا أصنع كريم الشوكولا التي أخذ دابي يأخذ منها رغم تأففي ثم قال
"لقد حصل تغيير... الم تلاحظيه؟"
نظرت إليه بتساءل فقال مقبلا رقبتي
"أنا حي الأن... "
إبتسمت معانقة إياه و شاكرة لكونه معي و بينما إنتبهت ان  حبنا المتوهج ليس الشيئ الوحيد الذي يحترق...هرعت إلى الفرن لأجد ان الكعكة التي اعددتها قد تفحمت. بقيت أنظر إليها واضعة يدي على خدي بينما كان دابي يدخل سكينا فيها على أمل ان تكون قد احترقت من الخارج فقط.
"لم ينجو شيئ... لا بأس سنجد حلا "قال بمرارة تشوبها بعض السخرية
"حسنا... لما لا نأكل الكريمة فقط "قلت و انا لا أزال اتحسر على الكعكة التي تعبت في إعدادها
"موافق... تبدين على وشك البكاء يا كاميل، انت لا تبكين على مرضاك و هم يموتون  و ستبكين على كعكة ؟" قال مربتا على ظهري.
"لن أبكي لكني فقط... إنسى الامر". قلت و انا أحضر الملاعق ثم أضفت" ألن لنأكل؟"
جلسنا على الأريكة و نحن نشاهد فلم "ممثلة الألفية" بينما نأكل الكريمة
"هل تؤمن بتناسخ الأرواح ؟ اعني عيش الإنسان لعدة حيوات" قلت و انا أتكئ على كتفه
"يبدو امرا غريبا لكنه ممكن... ماذا عنك ؟ "قال
"لا أدري... انا من عائلة مسيحية بروتستانتية" و نحن لا نؤمن بمثل هذه الامور، أعتقد انها مجرد ترهات "
"هممم... هل كنتم تذهبون الكنيسة كل أحد" قال و هو يلعب بشعري
"أحيانا... عندما كنا نذهب كنت ابقى مع ابي بينما تذهب امي للحديث مع صديقاتها، اعتقد انه كان يذهب بسبب إصرار أمي لا ازال مؤمنة لكن في ذلك الوقت لم أكن احب الذهاب هناك لأن القس كان مخيفا." قلت بينما ضحك دابي فقلت
"و انت ؟ هل كانت أسرتك تؤمن بشيئ؟"
"نعم، لكنني لم افهم يوما ما هي ديانتنا اعتقد انه كان مزيجا من ديانة الشينتو اليابانية و البوذية كان احد والدي يؤمن بتناسخ الأرواح ، كانت تريد ان تصبح ناسكة في الجبال في حياتها القادمة و تؤمن انها كانت حوتً في حياتها السابقة مما بدا غريبا لي... لكن اتعلمين... لم  يطبقا ما يؤمنان به يوما. كانا يتخذان الدين غطاء لهما عندما يدركان انهما على خطأ، دائما ما يكرران الترهات نفسها.... مرارا و تكرارا غير عابئين بما يفعلانه أو يقولانه كالمغفليْن" قال و قد شعرت انه يحدث نفسه اكثر مما يوجهه لي فقلت و انا اقف فجأة" لقد مللت من الجلوس لما لا نرقص قليلا." أردت ان الطف الجو قليلا فأنا أعرف أثر الذكريات الحزينة و كيف تعكر مزاج المرء . نظر إلي ثم نهض و هو يجذبني إليه قائلا" هيا إذا"
بدأنا نرقص الفالس على ألحان لا يسمعها سوانا، قال دابي و هو يضع يده على خصري بهدوء
"إن كان التناسخ حقيقة... مالذي تعتقدين انكِ كنتيه في حياتك السابقة ؟ "
"لا أعلم... ربما كنت ممثلة مغمورة في الستينات و مِتُ بسبب الاكتئاب لانني لم أحصل على الدور الذي كان سيمثل انطلاقتي" قلت و انا اتأمل عينيه فرد
"تبدو قصة جميلة... أتعتقدين اننا إلتقينا من قبل ؟ "
"ربما... قد نكون إلتقينا مئات المرات في كل حياة و ربما تكون هذه أول مرة نلتقي فيها" قلت و انا احني برأسي على صدره بينما إستغرق هو في تفكير طويل، توقف عن الرقص و جلس على الأريكة و هو يقول لو  انني عشت قبل هذا ،اتعلمين ما كنت ؟" فإتجهت إليه قائلة بحماس
"من كنت ؟"
فجذبني إليه بقوة لأقع على ركبته و همس في أذني بهدوء
" اللورد بايرون "
اللورد بايرون؟ كان بايرون شاعرا إنجليزيا في الفترة الرومانسية و الان بعد تفكير اعتقد انه محق في تشبيه نفسه به. كان اللورد بايرون معروف بمزاجه المتقلب و انفلاته من كل ما فرضه عليه مجتمعه من قيود. كان يريد ان يكون حرا و أن لا يتحكم أحد فيه و في مزاجه الحاد و نوبات غضبه المرعبة أحيانا... كانت كتابات بايرون بالغة القسوة و الوحشية تارة و ناعمة رقيقة تارة أخرى مثله تماما...
"انت تشبه قصائد اللورد بايرون... كأنك خرجت من إحداها... "قلت و انا اعانق دابي، فقال و هو يربت على رأسي
"بعد تفكير فإن فكرة تناسخ الارواح سخيفة بالفعل... إن كنا نعيش عدة مرات لفقدت الحياة طعمها "
"هممم... هل يمكنك إذا تخيل عدد الأراوح التي خلقت منذ بداية العالم؟ الملايين و الملايين من الناس التي تحمل قصصها الخاصة، يفترض اننا سنلتقي بهم جميعا يوما ما..."
"أين... "قال
"في البرزخ، حيث يتم تطهيرنا من خطايانا حتى ندخل الجنة جميعا في النهاية "( هذا الاعتقاد السائد في بعض الطوائف  المسيحية)
"و ما يدريكي اننا لسنا في البرزخ؟". قال دابي بسخرية
"لا أظن...البرزخ مكان غريب و سريالي "قلت
"إن دخلت البرزخ فلن أخرج من كثرة خطاياي" قال دابي و هو يقبلني لكني أوقفته قائلة
"لا تقل هذا... أنا متأكدة انك عميقا في داخلك شخص جيد."
"شخص جيد؟ لا تضحكيني يا دميتي البريئة، إنكي فعلا أنقى من توجدي في هذا العالم و هذا ما يجعلني..."
بقيت مترقبة لما سيقوله لكنه توقف و أمسك وجهي قائلا بإبتسامته الساخرة" قد لا أقول هذا كثيرا لكن  أنا فعلا أحبك"
إبتسمت بخجل و قلت" أحبك أكثر...
أحبكي أكثر قال و هو ينقر جبهتي
أحبك أكثر و أكث...
عانقني بشدة بحيث لا اتكلم  قائلا
شششش إن بدأنا هذه اللعبة فلن ننتهي أبدا. أحبكي أكثر لدرجة انكِ إن متي سأحنط جثتكِ   حتى تبقيْ معي إلى الأبد...
"هذا مخيف نوعا ما..." قلت مستغربة فقال ببساطة
"ماذا عساي أفعل؟... احبك. "
____________________________________
قرأت مجموعة من قصائد اللورد بايرون بعدما أعجبتني شخصيته في فيلم "marry Shelley" و أعجبت بطريقة تعبيره السلسة و التي توصل مشاعره المتذبذة و حسه بالعدالة الإجتماعية. شكرا على دعمكم

Pink périodeحيث تعيش القصص. اكتشف الآن