الفصل الاول 3

247 10 5
                                    

(الحلم الميت)
مرت عدة ايام كان كل من مي ونعيم يقرءآن بجد وبالرغم من المنافسة الشديدة بينهما إلا أنهما يتعاونان على شرح ما يصعب عليهما الواحد للآخر وكانت درجاتهما متقاربة في جميع الاختبارات لكن نعيم كان ذو العلامه الأعلى دائما.
كانت مادة الميكانيك هي المادة الوحيده التي يعاني منها الجميع فقد كان الأستاذ وائل صعب بطبعه وكثرة امتحاناته المفاجئة لذلك كان الجميع يرسب في هذه المادة.
ذات يوم فكرت مي بشيء ما وطرحت فكرتها على صديقتها
_يجب أن نجد حلا لهذه المشكلة فلا يمكن أن نبقى نرسب في مادة الميكانيك حتى نهاية العام الدراسي يجب أن نكلم الأستاذ وائل
_ولكنك سمعتي ما قاله في المحاضرة الأولى
_ولكن الوضع لا يسكت عليه... الا يحاسبونه على النتيجة التي ينتهي بها طلابه كل عام فيطرد
_ولكنه لم يرتكب أي خطأ.... صحيح أن الأسئلة صعبة ولا نستطيع حلها ولكن هذا ليس ذنبا يعاقب عليه
_إلى متى ستبقين تدافعين عنه؟... سوف اكلم نعيم واسأله عن رأيه بالموضوع ليأتي معي لمقابلته
_وانت لا تستطيعين فعل شيء دون نعيم... اذهبي ولنرى ماالذي سيفيدك به عندما يغضب الأستاذ وائل
_كل ما يهمك هو مشاعر وائل هذا
_اصمتي واذهبي إلى نعيم... انتي لا تتلائمين إلا معه فهو الباذنجان وانت الزيت الذي يقلي عقله بالأفكار
_هناك قلب ابيض حنون داخل الباذنجان الذي تتكلمين عنه وليس كوائل المتعجرف المغرور الذي يحمل بداخله قلب أسود
_اصمتي... انا اكرهك... اكرهك
ثم تركتها وذهبت دامعة العينين. وقفت مي لبرهه تتأمل الكلمات الأخيرة التي نطقتها رونق ثم قالت بنفسها
_انها لا تستحق أشغال عقلي فهي تصادقني لأنها وحيدة فقط... لن اعيرها اهتمامي
بحثت مي عن نعيم ولكنها لم تجده فقررت الذهاب لوحدها ولكنها كانت تشعر بانقباض في قلبها بسبب ما حدث بينها وبين أعز صديقه على قلبها.
كانت تحاول حبس الدموع في عينيها وتتضاهر بعدم الاهتمام بالأمر. وصلت لغرفة مكتب وائل فترددت قليلاً قبل أن تطرق الباب وتدخل. وقفت بارتباك أمام الأستاذ وائل فبدأ الحديث
_اسمك مي أليس كذلك؟
_نعم
_أظن انني اخبرتكم بأنني لا احب رؤية أحدكم في غرفة مكتبي وان كان لا بد من المجيء فإن العريف وحده من يحق له مقابلتي
_ولكن... لا أحد يجرؤ على الحديث بهذا الموضوع لذلك بادرت بهذه الخطوة... أستاذ... أرجوك اسمعني
_انا لا اريد سماع أي شيء... بالنسبة للامتحان الذي وعدتك به فلم انسه ولكنني لا أعلم لماذا أنت مهتمه فجميع اجاباتك شبيهة بالورقة الفارغة.
كانت الفتاة لا تزال تحصر العبرات في صدرها وفي هذه اللحظة فقدت السيطرة على نفسها وانفجرت باكية فعلق وائل
_لن يرق قلبي لهذه التصرفات فأنا لست مثل بعض الأساتذة الذين تأتي إليهم الفتيات فيتاثرون بدموعهن
_انا لست من هذا النوع من البنات ولم آتي من أجل نفسي بل من أجل الجميع
ثم مسحت دموعها وأضافت
_انا اسفه يا استاذ ولكنني متضايقه من موضوع اخر وهو سبب دموعي فأرجو المعذرة.... لقد أتيت إلى هنا لاطلب إليك السماح لنا بمناقشة موضوع الامتحانات وإيجاد حل لهذه المشكلة
_هذه ليست مشكلتي....
اخذ فترة صمت يتأملها وهي تمسح دموعها كطفله صغيرة ثم قال
_هل استطيع مساعدتك؟
تعجبت سؤاله ولم تتكلم فأضاف
_اذا كنت استطيع مساعدتك في الموضوع الذي يضايقك فأنا حاضر لمد يد العون... ما بك هل تتعجبين هذا الموقف؟ صحيح أنني شديد مع طلابي ولكنني انسان
_ولكنني كنت أظن أنك قاس...
ثم سكتت ووضعت يدها على فمها بسرعة ولكنها سرعان ما شعرت بالاطمئنان من ردة فعله حيث بدأ بالضحك وهو يجيب
_هذه اول مرة أسمع هذه الكلمة... لم أكن أتوقع أن طلابي ينضرون إلى شدتي وحزمي بهذه الطريقة... لم تجيبي على سؤالي هل استطيع المساعدة؟
_لا أن الأمر ليس بهذه الأهمية فقد تشاجرت مع صديقتي وهذا ما يزعجني
فارتسمت على وجهها امارات التعجب مره اخرى عندما ضحك للمرة الثانية وهو يقول
_هذا هو سبب بكاؤك؟... انتن البنات غريبات الأطوار
_وما الغريب في الأمر؟ ألئنني أحب صديقتي وتضايقت لسماعي كلمه منها ازعجتني؟
_وهل يمكنني معرفة هذه الكلمة؟
ردت بشرود وبنبره حزينه
_قالت بأنها تكرهني
وسالت دموعها للمرة الثانية. كان وائل يحدق بها وبهذه اللحظة غمره شعور غريب فكلم نفسه بلهجة عطف
_انها فتاة حساسة جدآ
مسحت دموعها بسرعة ثم سألت
_ماذا عن الموضوع الذي أتيت من أجله؟
_سأفكر بالأمر وأحاول إيجاد حل للمشكله
فارتسمت على وجهها ابتسامة
_شكراً لك أستاذ
عند المساء رن جرس الهاتف ولكن رونق لم تجب عليه رن لمره ومرتين حتى وصلتها رساله اعتذار من مي وفي نفس الوقت كانت تطلب اليها الرد على الهاتف ففتحت الخط قائله
_مرحبا مي... انا من عليه الاعتذار عما بدر مني... إن حالتي النفسية غير مستقرة لذلك تفوهت بكلام بلا معنى... انا لم أكن أعني ما قلته
_صحيح أن كلمتك الأخيرة أثرت في كثيرا ولكن دعينا ننسى الموضوع وكأن شيئاً لم يكن.... أتعلمين لقد فعلتها وكلمت الأستاذ وائل... لقد ذهبت لوحدي وكلمته فوافق على التفكير لإيجاد حل للمشكله... لقد اكتشفت أن نضرتي له لم تكن صائبة فهو يملك قلباً طيباً
_اذا يجب أن تتعلمي أن لا تحكمي على الآخرين من مضاهرهم... أريد معرفة ما حدث بالتفصيل
_ساخبرك بالتفاصيل عندما نلتقي.... اخبريني الآن هل بدأت الدراسة للامتحان؟
_لا ليس بعد
_حسناً بما أن غداً عطلة فما رأيك بوصف طريق منزلك كي آتي غداً لندرس سويه؟
_ها.... لالا... لا داعي لأتعابك معي... أه... أقصد يعني سوف يضيع الوقت باللهو والكلام وقد ننسى أمر الدراسة
_لا تقلقي بهذا الشأن فأنا حريصة على اجبارك على الدراسة طوال اليوم... وإذا كان ذلك يضايقك فيمكنك المجيء انت إلى منزلي
_انا؟... لا أستطيع فوالداي لا يستطيع البقاء لوحده ثم إنه لا توجد أية مضايقة
_اذا سآتي انا.. سأكون عندك منذ الصباح الباكر حتى المساء وسأحضر معي بعض الشطائر و الفواكه
_وهل تظنين ان الامر يتعلق بالأكل؟ هذا كل ما تفكرين فيه.... أيعقل أن استقبل ضيوفي حاملين معهم غدائهم؟
_لا تغضبي فأنا لم أقصد شيئاً في كلامي...اسفه ان كنت قد ضايقتك بما قلته ولكنني لا اعرف لماذا تتحسسين عندما أرغب بدعوتك أو دفع بعض النقود عنك
_انت تظنين أنني فقيرة وتحاولين الدفع بغرض الشفقة ليس إلا
_لم اكن أقصد ذلك أبداً
_بل تقصدين.... هل كنت سترضين بهذه التصرفات لو كانت قد بدرت مني؟
_انا اسفه ولكن لا تغضبي مني
_حسناً أراك غداً...إلى اللقاء
_إلى اللقاء وأحلام سعيدة
أحلام سعيدة
أغلقت كل منهما الخط ففكرت مي بنفسها
_لماذا رونق حساسة لهذه الدرجة؟... مع أنني لاحظت من قبل أن مصروفها قليل ولكنني لم أفكر كما تظن بل كنت أفعل ذلك على أننا صديقتين ولا حرج بيننا ويمكن أن ادعوها وتدعوني... كما أنه لا بأس بأخذ بعض الشطائر معي... على أية حال ما دام ذلك يزعجها فلن أخذ معي شيء.
أما رونق فقد ذهبت لوالدها متردده طرقت الباب ثم دخلت بعد أن سمح لها.
السيد حافظ في الأربعينيات من العمر هزيل الجسم كثيف الشاربين وله شعر طويل متدلي على كتفيه أسود اللون بخصل بيضاء كلون شاربه تماما وبشره ذات سمره قليله. كان النضر لهذا الرجل يثير الرعده في الجسد.
وقفت رونق امامه خائفة مترددة فبدأ الحديث بلهجة غاضبة
_ ماذا تريدين؟... لم انت واقفه هكذا؟ تكلمي
_غداً...
_ ماذا هناك؟ انطقي... آه... جئت من اجل المصروف أنسيتي أن غداً عطلة؟
_لم انس
_اذا تكلمي ماذا هناك؟
_سوف تأتي صديقتي... إنها تريد مساعدتي على الدراسة
تغيرت لهجته من الغضب الى السخرية
_ارى أن قصة الدراسة راقت لك... لا مانع لدي شرط أن تجلسا في غرفتك كي لا تضايقاني بجلوسكما في الصاله
_وماذا عن.... واجب.. الضيافة؟
_أهذا سؤال تطرحينه؟ انت تعلمين اننا لا نملك ما نقدمه للضيوف سوى الماء
_ولكنها ستأتي في الصباح ولن تغادر حتى المساء
_وما شأني بذلك؟.. ادخليها لغرفتك ولن اتضايق من وجودها
_أه... أقصد... الغداء
قالتها بهمس ولكنه سمعها فصرخ بغضب
_إياك والتفكير بهذا فنحن لسنا مسؤولين عنها لنقدم لها الغداء
_ابي.. هذه اول مرة تزورني صديقه بالمنزل
_قولي لها بأن عليها إحضار الغداء معها... ولا تنسى حصتنا
_أرجوك ابي لا تحرجني مع صديقتي
_انا احرجك!!.... أرى أن ذهابك إلى الجامعة ساعد على إطالة لسانك هيا اذهبي واخبريها بأن لا تأتي أن كانت قادمه من أجل الغداء
_أبي....
_اصمتي ولا تقولي أبي... هيا اذهبي ولا أريد رؤية وجهك
ذهبت الفتاة لغرفتها بعينين مغرورقتين بالدموع فرمت نفسها على السرير حتى نامت باكية

الحلم الميت عنوان اليأسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن