الفصل الأول 6

265 15 4
                                    

(الحلم الميت)
رن جرس الهاتف فحملته مها وقالت
_انها رونق... هل تودين الحديث معها أم أنك متعبه؟
_ناوليني الهاتف...مرحبا رونق ما الأخبار؟ 
_لا جديد... كيف حالك الآن؟
_الحمد لله فقد ذهبت إلى الطبيب وأصبحت أفضل
_جميع الطلاب سألوني عن سبب غيابك وأولهم نعيم وعندما علم بمرضك ظل يسألني ما هو مرضك وكيف حالك وهذه الأسئلة الروتينية فاخبرته أنها حمى بسيطة مع زكام
فتمنى لك الشفاء العاجل
_هل هذا يعني أنه افتقدني؟
_يبدو ذلك... كما أن بعض الأساتذة سألوا كذلك انت مهمة في القسم
_ههههههه.. ليس لهذه الدرجة لقد احرجتيني

بعد يومين ذهبت مي وبصحبتها رونق لغرفة مكتب الأستاذ وحيد. كان يجلس امامه شاب وسيم أزرق العينين أسود الشعر متوسط الطول حليق اللحية والشارب ذو وجه طويل وملامح عادية إلا أن مضهره انيق جذاب
رحب وحيد بالفتاتين حال وقوع نضره عليهما
_أهلا بإبنتي العزيزتين تفضلا... اعرفكما على ولدي نبيل طالب ماجستير في كلية القانون... هذه مي تعرفها ابنة جارنا
_مرحبا مي... كيف تسير الدراسة معك؟
_بخير والحمد لله وانت أين وصلت برسالتك؟
_انا على وشك الانتهاء منها

كان نبيل قد نهض لمصافحة مي أثناء حديثهما ثم اتجه بنضراته لرونق فتابع وحيد تقديمها له
_هذه رونق صديقة مي وزميلتها
_أهلا بك تشرفت بمعرفتك
_ولي الشرف
فقالت مي
_ارجو المعذرة أستاذ يبدو أنك مشغول ولكنني أتيت لسؤالك ما اذا كنت استطيع العمل في المختبر الآن لأنني كنت في إجازة بسبب المرض
_نعم تذكرت انتضري لحظة
تدخل نبيل
_لا داعي للانتضار يا أبي فأنا ذاهب الآن وسنكمل حديثنا في وقت لاحق
_حسناً
ودعت رونق صديقتها
_انا ذاهبة يا مي سوف أبقى في الحديقة للدراسة وسانتضرك هناك
_حسناً
مشت رونق خارجاً خلف نبيل الذي خرج قبلها. نزل الدرج المؤدي إلى ممر الخروج وعندما وصل نهاية الدرج سمع صوت صرخة فاستدار ليرى رونق تتعثر وتهبط الدرج انزلاقا حتى وصلت للنهاية فأسرع بمد يده ليساعدها على النهوض
_هل أنت بخير؟... هل تأذيتي؟
مدت يدها هي الأخرى وهي تجيب
_قليلا... شكراً لك
نهضت وهي تكافح الألم ثم انحنت لتلقي نضره على ساقها ونضر هو الآخر
_اوه.. لقد جرحت ساقك دعيني اخذك إلى المركز الصحي
_شكراً لا داعي لذلك سوف أذهب بنفسي
_ماالذي تقولينه؟ ليس من الرجولة تركك لوحدك
هناك في المختبر ساعد الأستاذ وحيد مي على فهم التجربة ثم تركها لوحدها تعمل وبقي يتمشى في المختبر ويطلع على بعض الأجهزة حتى دخل الأستاذ وائل
_لدي عمل كثير... انا الآن اعمل على بحث عملي واذا نجحت فستكون نضريتي ذات اهمية في اختراع جهاز جديد لتوليد الطاقة
_وفقك الله يا ولدي... اوه لقد سقطت سيجارتي أين هي؟... تعالي يا ابنتي وانضري أين سقطت السيجارة فأنا لا أرى جيدا يجب أن نطفؤها
بحثت عنها ولكنها لم تجدها فقال لها
_لابأس اتركيها واكملي عملك قبل انتهاء فترة الاستراحة... قد تكون سقطت تحت الطاولة وسيقوم عمال النظافة بإخراجها عند تنظيفهم المكان... انا ذاهب فلدي عمل وان احتجتي لشيء فهذا الأستاذ وائل يمكنه مساعدتك
وحال خروجه توجه وائل نحو مي
_هل تحتاجين إلى المساعدة؟
_اه... لالا... شكراً أستاذ
_هل تعلمين خطورة الغاز الذي تتعاملين معه داخل الزجاجة؟
_نعم.. إنه سام واستنشاقه يؤدي إلى الموت
_نعم سام وسريع الاشتعال لذلك كوني حذره
_حسناً
دخل احد الأساتذة فنادى
_أستاذ وائل... أريد التحدث معك بأمر ضروري هلا أتيت خارجاً؟
_انا قادم
وقف الاستاذين أمام باب غرفة المختبر ليتناقشا وفجأة سمعا صوت تحطم زجاج تتبعها صرخة ثم اشتعال لهيب النار داخل المختبر.
_مي في الداخل
قالها وائل بانفعال وهو يحاول اجتياح النيران فامسكه الأستاذ الآخر
_كيف تريد الدخول وسط هذا اللهيب؟
_اتركني... مي بالداخل
تشبث الأستاذ به ولم يتركه ليدخل وثارت ضجة في المكان حيث تجمع الطلاب والأساتذة وتعاونوا على محاولة إطفاء النار بينما كان وائل يقاوم
_اتركوني... دعوني ادخل ستموت الفتاة... يجب أن انقذها
حاول مجموعة من الأساتذة تهدئته ومنعه من الدخول.
وصلت رونق فأسرعت نحو الأستاذ وحيد
_ماالذي يحدث هنا يا استاذ؟ أين مي؟
_انا السبب فقد أسقطت سيجارتي في المختبر وبعد سقوط قنينة الغاز من مي وانكسارها حدث هذا الحريق
_ياالهي... ومي بالداخل؟... داخل هذه النيران الملتهبة؟
_نعم... إنها غلطتي
وقفت رونق متسمره في مكانها وهي تراقب  ما يحدث امامها بشرود لا تكاد تصدق فغطت وجهها بكلتا يديها وهي تنتحب بشدة.
بعد جهود مبذوله من الطلاب والأساتذة تمكنوا من إخماد الحريق أخيراً فتركوا وائل يدخل راكضا وهو ينادي
_مي... أين أنتِ؟
دخل بعض الأساتذة ليطمئنوا على الفتاة وخلفهم رونق باكية العينين وهي تنادي بهمس
_لا تتركيني يا مي... انا بحاجة إليك... أين أنتِ؟... لا أرجوك... أرجوك لا ترحلي
ثم سقطت مغشيا عليها وحملوها خارجاً.
وهناك في أبعد زاوية من زوايا المختبر كانت مي تجلس مستندة على الحائط فاقدة لوعيها وهي تغطي نفسها بقطعة حديد من حاجيات المختبر لتحمي جسدها من الحريق فأسرع وائل نحوها وهو يسعل
_مي... هل أنت بخير؟... ردي علي
دفع قطعة الحديد برجله وجلس إلى جانبها
_اح اح اجيبيني يا مي اح اح
أصيب الشاب بالصدمة لرؤيته نصف وجهها الأيسر مشوه من الحريق فاغمض عينيه بشدة متألما  من هذا المنضر.

الحلم الميت عنوان اليأسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن