جائعون! جائعون!

1K 174 116
                                    

(لا تدع القراءة تلهيك عن الصلاة، وذِكر الله).
استغفر الله • الحمد لله • الله أكبر.

××××××××××××××

«كتفاي يؤلمانني» قلت ذلك مُتَنَهِّدةً، وأنا أُمَدِّدُ أطرافي بتعب، الكتابة مُنهكة بحق!
أكتب ثلاث فصول في الأسبوع على الموعد، لا عجب أن ظهري يؤلمني، لكنني فرحة بهذا كثيرًا، بذلت مجهودًا لا يُضاهى بمجهود أعمالي السابقة!

ضغطت على زر النشر، ثم أغلقت الحاسوب، وما أن وقفت لأخرج من غرفتي، فإذ بصوت إشعار ما يصدر من حاسوبي.

انتابني الفضول، وعدت لفتحه، كان إشعارًا عن تعليقٍ من إحدى قُرَّائي:
- «متى الفصل القادم؟ أرجوك، قومي بنشره اليوم أو غدًا، رجاءً».

مـا...ماذا؟ هل هي تمزح معي؟ لقد نشرته منذ ثوانٍ فقط!
تنهدتُ بانزعاج، وقمت بالرد قائلة بأن الفصل يُنشَر دائمًا في وقته المحدد، فلا داعي للقلق من عدم نزوله.

استمر رجاؤها دون توقف، فأغلقت الحاسوب بامتعاض وخرجت من غرفتي.
يا للجرأة!

قضيت يومي في الجلوس ومشاهدة التلفاز، حتى حل الظلام ونمت بتعب دون فتح حاسوبي، راحتي أهم من أي شيء آخر.

ومع بزوغ فجر يوم جديد، استيقظت لأصلي، وبعد أن انتهيت، وقفت بجانب النافذة، لمشاهدة الشارع صباحًا، وأصوات زقزقة...لا، لا يوجد أصوات زقزقة عصافير كما يتخيل البعض، ستسمع صوت كلب الجيران فقط، والذي أكاد أذهب لخنقه حتى الموت، ما هذا الإزعاج في الصباح الباكر!

فجأة بدأت ألاحظ قدوم مجموعة من الناس من نهاية الشارع، بدا وكأن هنالك جمعًا قادمًا نحو جهتنا.

بدأ الارتياب يطرق أعصابي، هل أنا أتخيل، أم أنهم قادمون نحو منزلي؟
هم بلا شك قادمون نحو منزلي! تأكدت من ذلك عندما لمحت أحدا من بعيد يشير نحو منزلي.
اقتربوا أكثر فأخفيت وجهي بجانب الستار، وبدت أشكال الجمعِ تتوضح لي أكثر، بدوا لي وكأنهم أموات أحياء (زومبي)! بلا مزاح!

دب الرعب في قلبي، عندما وصلوا لسور المنزل، فأغلقت الستار، وركضت للاتصال بالشرطة، فجأة كُسِرَت النافذة خلفي، وقفزت علي أحد هؤلاء الأشخاص، متمتم بشيء لا أفهمه، رميته أرضا، فاتضح أنها فتاة على ما يبدو!
وقد كان شكلها وكأنها كانت في مجاعة طيلة حياتها لدرجة تثير الفزع في النفس! من شدة ضعفها يمكنك أن ترى عروقها وعظامها بارزة!

-«جائعون...أريد غذائي!»
صرختُ بها وأنا أدفعها بعيدًا: «ابتعدي عني، خذي أي شيء في الثلاجة! أو خذي الثلاجة نفسها! فقط ابتعدي عني!»
ورغم أنها شبه ميتة، إلا أنها قوية بحق!

قفز المزيد منهم داخل المنزل، من النوافذ  والأبواب يتمتمون بوهن «جائعون.. جائعون..» وجاءوا نحوي يمسكون بأطرافي حتى خارت قواي
أضافت تلك المجنونة التي تبدو وكأنها زعيمتهم: «وجبة البارحة لم تكفِ...نريد المزيد الآن!».

وجبة...البارحة؟ ما الذي تتفوه به؟
قاموا بحملي ووضعي أمام الحاسوب، وقد دخل الآن كل الأموات إلى المنزل، مالئين غرفتي دون أن أفهم شيئًا.
- «ماذا تنتظرين؟ ألن تُحَضِّري الطَّعام؟» قالت إحدى المجاعات.
نهضت لتحضير الطعام، وأطرافي ترتعش بخوف، فقامت بدفعي وإجلاسي على الكرسي مرة أخرى قائلة: «ذلك الطعام لا يُغنِي جوعي! نريد فصلًا الآن!».

لحظة، هل هؤلاء...قرائي؟
بدأت أكتب وأكتب وأكتب، دون توقف، ومر يوم كامل وأنا على هذه الحال أكتب القصة أمامهم، حتى تعبت وأنهِكت، تحرقني عيناي من النظر للحاسوب، حتى انتهيت! لقد أنهيت القصة حتى النهاية في يوم واحد! وكلهم يزالون يقفون خلفي محدقين بي!

ضغطت على نشر، ونشرت الفصول كلها حتى النهاية، ابتلعت ريقي ببطء، ونقلت نظري لهم، تدريجيا بدأوا بالتغير للأفضل، يكتسبون بعض العضل فوق كل العظام البارزة تلك ويختفي ذلك الشحوب المخيف إلى ألوان البشرة الطبيعية ينظرون لي مبتسمين بشكل مريب.
أخرجوا هواتفهم وبدأوا يتصفحون في أماكنهم.
بدأ حسابي يتلقى الإشعارات عن التصويتات التي تصلني وعن تعليقات التهنئة بنهاية القصة الجميلة.
إذا هؤلاء هم قرائي فعلا!
نقلت بصري إليهم وبدأوا بمغادرة منزلي وكأن شيئا لم يكن، ويالهم من أشخاص مؤدبين كثيرًا يغلقون الباب خلفهم!

أخذت مطرقتي وكسرت بها هذا المربع الإلكتروني الذي لا يجلب إلا المصائب كما تقول أمي ورميته من النافذة للمرة الألف، حتى أعيش بسعادة إلى الأبد.

×××××××××××××××××
كم مرة رميت الحاسوب من النافذة؟ ومازال العدد في تصاعد!

الكاتب بشر، يشعر ويأكل، ويشرب، ويُفكر، وله طاقة وجُهد مُعَيَّن، لم يُخلق للكتابة فقط، فالفصل الذي تقرأونه في نصف ساعة أو ساعة، يأخذ منه يومًا كاملًا أو أكثر.

ولا ننس التعديل الذي يفعله بعد الكتابة...

فرجاءً، الضغط على الكاتب لن يُفيد، قل خيرًا أو اصمت.
إذا أردت فصلًا، يمكنك أن توضح ذلك بلطف، كأن تُعَبِّر عن حماسك وتشوقك للفصل القادم مثلًا -أعتمد هذا XD-.

أما أن تكون متطلبًا، وتطلب فصلًا بتسلط ووقاحة، فلن يُجدي نفعًا ولن تأخذ شيئًا عدا الحظر من قِبَل الكاتب. :)

وعليكم السلام قُرائي الأعزاء، نأسف على التأخير في الفصول.

فكرة وتعديل: أيقونة.
إخراج وكتابة: بيتا.
XD XD XD

طقَّت مرارتي! -قيد التنقيح-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن