(( ميثاق الحرب والغفران))
_ الفصل الرابع عشر_التفت بلال للخلف بتعجب على اثر سماعه لاسمه فاصطدم بذلك الشاب الذي كان يقف بظهره ملتصق به، ارتد للخلف مزعورًا والآخر لم يتثنى للحظة بل أشهر عن سلاحه الأبيض ووجهه نحو بلال ينوي طعنه، ولسوء الحظ أنه بلال لم يتدراك هجومه من البداية بسبب صدمته لكنه حاول تفادي الطعنة التي موجهة له قدر الإمكان ولم يستطع فقد أصابه بجرح عميق بالقرب من جانبه.
انطلقت صرخة مرعوبة من حور عندما رأت ذلك المنظر وعلى أثر صرختها التفت الجميع ولاحظوا ما يحدث بين بلال وذلك الشاب فركضوا لهم وكبلوا الشاب من يده ثم اسقطوا السكين من يده على الأرض، وكان بلال يقف يتلوى من فرط الألم الذي يجتاح جرحه العميق واضعًا كفه مكان الجرح محاولًا وقف نزيف الدماء.
اقترب أحد أصدقائه على أثر الجلبة والصراخ وهو يحاول أن يخترق بنظره بين الحشود ليفهم ماذا يحدث وفور رؤيته لبلال بهذه الحالة ركض نحوه مسرعًا وأمسك به وساعده مع بقية الشباب ليقتربوا من أحد المقاعد ويجلس فوقها، ركضت حور نحوهم وتسللت بين الجميع لتصل له ثم وقفت أمامه ونظرت لجرحه الذي ينزف فارتعدت أكثر وتسارعت دقات قلبها، بينما هو فقد كان بدأ يفقد قوته وصموده تدريجيًا من فرط الألم والدماء التي تسيل منه، نزعت عن عنقها شالًا صغير كانت تضعه ومدته بيد مرتعشة لصديقه الذي يجلس بجواره تقول له برعب:
_ حطه على الجرح عشان يوقف النزيف لغاية ما توصلوا المستشفى
كان بلال يغمض عيناه بتعب يسمع ما يحدث حواليه لكنه فاقد القدرة على فتح عيناه، ففعل صديقه كما اخبرته بالضبط وقال يحدثه بقلق ونبرة قوية:
_ بلال أنت سامعنا.. بلال
رد بصوت ضعيف:
_ سامعك يا مؤمن سامعك
أمسك بيده يساعده على الوقوف هو وبعض أصدقائه وقال له بجدية:
_ طيب قوم يلا محمد جاب عربيته عشان نروح المستشفى بسرعة.. أسند علينا وقوم
وقف بصعوبة معهم وحين فتح عيناه وقعت على حور التي كانت تتطلعه بارتيعاد واهتمام حقيقي في عيناها لكن نظرته لها كانت عابرة وسريعة وأكمل سيره بمساعدة أصدقائه حتى استقل بسيارة صديقه وانطلقوا متجهين نحو أقرب مستشفى.
ظلت هي متسمرة مكانها عيناها عالقة على أثره بزعر وخوف ملحوظ على ملامحها ولم تفق سوى على صوت صديقتها التي هزتها في كتفها بخفة هاتفة في صدمة:
_إيه اللي حصل ياحور هنا؟
لم تجيب على صديقتها وبقى عقلها مشغول بالتفكير به في خوف وقلق عليه لكن الأخرى هتفت بإلحاح:
_ ما تردي عليا يابنتي إيه اللي حصل دي الكلية كلها مقلوبة.. وأنتي بتعملي إيه هنا؟
جلست فوق أحد المقاعد لتهدأ من حدة أنفاسها المتسارعة وردت على صديقتها بعقل شارد:
_ بلال
هتفت الأخرى بعدم فهم:
_ مين بلال ده
قالت حور موضحة وقد تحدثت بوعي هذه المرة:
_ الولد اللي كان تلفونه معايا هو اللي راح المستشفى
اتسعت عيني صديقتها بصدمة وقالت بفضول:
_ طيب هو كويس ولا كان تعبان جامد وحصله إيه؟
شعرت بالضغط عليها أكثر مما تشعر هي به فقالت بضيق وعين دامعة:
_ مش عارفة يانور سبيني اهدى شوية أبوس إيدك أنا مش قادرة اتلم على أعصابي أساسًا
تفهمت صديقتها حالتها فبالتأكيد ما رأته ليس هين وخصوصًا وهي تدرك أنها تكن إنجذاب له حتى لو بسيط.. فسكتت ورتبت على كتفها بلطف محاولة تهدأتها ولم يلبثوا للحظات حتى لمحوا أستاذ الجامعة ورئيسها وهو يسرعون في سيرهم نحو ذلك الشاب الذي مازال بين يدي الشباب ينتظرون وصول الشرطة حتى يسلموه لهم وبالفعل كانت قد وصلت الشرطة واعتقلوه ودار حديث بسيط بين مسوؤلين الجامعة والضباط.. من بعدها رحلت سيارة الشرطة ولحق بهم أستاذ الجامعة بسيارته.
***
داخل غرفة عمران بمنزل إبراهيم الصاوي.....
انتهت آسيا من حمامها الدافيء وكانت تقف أمام المرآة تجفف شعرها المبتل من المياه بعينان ثاقبة تتطلع لنفسها في المرآة، حتى سمعت صوت الباب ينفتح ظنته في البداية عمران رغم أنه خرج للتو للعمل فالتفتت برأسها للخلف تنتظر ظهور الدخيل الغامض، إذا بها ترى إخلاص أمامها وهي تقف على مسافة بعيدة نسبيًا منها تطالعها بغضب وغل.
التزمت آسيا الصمت وأبدت عن برود أعصابها التام وهي ترمقها بابتسامة مستفزة، مازال حديثها بالأمس عندما رأتها وهي بين ذراعين زوجها عالق بذهنها ولم تنساه، ربما تكون أخطأت بالقدوم إليها الآن.
تقدمت إخلاص منها بخطوات متريثة وهي تقول بسخرية:
_ وقعتي على راس ولدي من وين معرفش
كان رد آسيا بالصمت وهي ترمقها بقوة تليق بها فتوقفت إخلاص أمامها مباشرة وهتفت بغيظ:
_ على آخر الزمن ولدي سيد الرچال كلهم يتچوزك أنتي يابت جليلة.. ده أنتي متتحسبيش على الحريم حُرمة حتى .. وناسك كأنهم ما صدقوا خلصوا منك چوزوكي لولدي ومحدش سأل عليكي منهم من ساعة ما چيتي إهنه
اختفت ابتسامة آسيا وتبدل برودها لنيران ملتهبة على استعداد لالتهام إخلاص بعد ما تفوهت به من إهانة قاسية وجهتها لها، لكن إخلاص لم تنتهي وأكملت بعصبية ووعيد:
_ عمران عمره ما وقف قصادي ولا حاسبني على حاچة.. وأنتي اللي لساتك مكملتيش يومين هتخربي بيني أنا وولدي، بس وغلاوة عيالي قريب هخليه يطلقك عشان ترچعي لناسك اللي معاوزنيكش دول
رغم أن آسيا كانت تشتعل كالقدر من الداخل وتحاول البقاء هادئة قدر الإمكان لكن بعد عبارتها الأخيرة قررت أن تنثر القليل من البهارات الحارة على غضبها لتشعلها أكثر ولم تستخدم أسلوبها المعتاد والشرس في المواجهة بل اتبعت أسلوب جديد ومختلف عليها وهو البرود عندما قالت لها فقط لتثير جنونها أكثر:
_ ومين قالك أن ولدك هيطلقني.. هو أنتي مشوفتهوش امبارح كيف كان خايف عليا وبيهتم بيا وواخدني في حضنه.. لو هتستني اليوم اللي هيطلقني فيه تبقي هتستني كتير قوي ياحماتي
![](https://img.wattpad.com/cover/302975205-288-k862938.jpg)
أنت تقرأ
رواية ميثاق الحرب والغفران
Romanceالرواية رومانسية واجتماعية ❤️ المواعيد : الأحد والثلاثاء والجمعة اسم البيدچ الخاصة بيا علي الفيس بوك قصص وروايات بقلمي ندى محمود