غادري أفكاري

1K 25 1
                                    

#لعنة_الطاغي
(1) غادري أفكاري.
-------------------------

بدت حديقة القصر كخلية نحل، حركة دؤوب في كل مكان، لا راحة لا سكون، يسودهم جو من التوتر، خاصة بعد خضوعهم لتفتيش دقيق، من قِبل رجال الأمن، والتحقيق مع كل فرد منهم على حدا، ليبدوا الأمر من الوهلة الأولى، وكأنه حفل رئاسي ضخم، وكيف لا! وذاك الحفل يُعد من أهم حفلات العام، بل هي الأهم على الإطلاق.

وفي مكانه الذي رُتب ليكون به، وقف يُلاحقها ببصره وهي تؤدي عملها، لا يدر لما استحوذت على عينيه، فأحس وكأنه سقط في شباكها، كطير مجهول الهوية تمتصه خيوط العنكبوت، لا يعلم لما منذ أصطدم بها وكاد يُسقطها أرضًا، وتشبثت به أحسها لصقت به، لا بل هي تسربت لداخله، لتُلهِيه عن نفسه، نهر نفسه بقوة وكاد يصفع وجهه لخطئه ذاك، الذي قد يعرض الجميع للخطر، فلم يجد أمامه غير تصرفه الغريب الذي فعله، ليبتعد عن خطرها الذي يهدد أمنه وسلامه وسلامة الجميع.

--------------------------

زفرت بحنق لإحساسها بالإهانة، بسبب تفتيش ذاك الرجل لها، لعنته ببعض الكلمات النابية، وهي تُبدل ثوبها وترتدي زي العمل الخاص، وغادرت الغرفة المُعدة لهم، لتصطدم بإحدى الفتيات التي بادلتها الابتسامة، وعقبت على عبوسها قائلة:
- أول مرة ليكِ هنا، ولا جيتي اشتغلتي قبل كدا.

زمت ذكرى شفتيها وأجابت بصوتٍ حانق:
- مش أول مرة بس هتبقى آخر مرة، بصراحة الوضع بقى لا يطاق ولا يُحتمل، أنا مش فاهمة على إيه كل دا، تفتيش وتحقيق كأني داخلة القصر الرئاسي، وكله كوم والراجل السمج اللي واقف على البوابة الإلكترونية كوم، قال لازم يفتشني بالجهاز اليدوي، علشان يتأكد أن مش معايا أي حاجة مخالفة، كأني مثلًا هاجي شغلي لفة حولين وسطي حزام ناسف.

ربتت الفتاة فوق كتفها وأردفت:
- متزعليش هما عملوا معانا كلنا كدا، بس بصراحة حركة الأمن دي لأ، كان في بنت هي اللي كملت تفتيش البنات، بصي أنتِ شوفي أي حد من الإدارة، وبلغيه على اللي عمله بتاع الأمن، علشان ميطاولش عليكِ أكتر من كده.

شكرتها ذكرى وقبل مغادرتها، مدت يدها وصافحت الفتاة وأردفت:
- على فكرة أنا متعرفتش بيكِ، أنا ذكرى من ضمن فريق الفندق، وأنتِ؟

صافحتها الفتاة وأجابتها:
- أنا دنيا من ضمن الفريق اللي خطط لتنظيم الحفلة، بس تقدري تقولي كدا الفريق التاني، اللي مكتوب عليه يشتغل، وغيره اللي يقف فالصدارة.

لوت ذكرى شفتيها، وهمست ببعض الكلمات الساخطة، ثم هتفت بصوتٍ عال نِسْبِيًّا: -
والله يا دنيا كلنا فالهوا سوا، بنشتغل وبنبذل أقصى ما في وسعنا، وبنراعي ربنا وللآسف فالأخر حقنا مهضوم، يعني أنا مَثَلًا مفروض ضمن الأشراف زي البشمهندس سراج، لكن من أسبوع جت واحدة كدا ومعاها توصية، وعلشان ميزعلوش الاسم المكتوب فالكارت، قالوا يزعلوني أنا مش مهم، وأخدوا مني مكاني للهانم التانية، ونزلت أنا من الأشراف للتقديم، يلا الحمد لله على كل حال.

رواية لعنة الطاغي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن