بيدق في يدك أم..!

154 11 0
                                    

#لعنة_الطاغي
(6) .. بيدق في يدك أم..!
---------------------------------

لم يكن أبدًا رجل لعوب هين العقل، هو يعترف بأنه جُبن وتراجع عن موقفه، بسبب قوة سفيان البدنية، ولعلمه بأنه كان سيفتك به من أجلها، انفعال سفيان بشأنها كشفه، وحتما إسراء لا تربطها أي صلة به، لذا عليه أن يتأكد من ذلك، ليرد الصفعة لكلاهما.

بات سراج ليله يفكر ويدبر لخطواته التالية، التي عليه أن يتخذ الحيطة والحذر فيها، عليه أن يجمع ما يريده من معلومات بترو كي لا يفتضح أمره.

وقد كان له ما أراد فسراج ليس برجل غر، هو سكن ولكن استغل ما حدث بينه وبين سفيان، سارع بالذهاب لمقر المؤسسة، وقدم استقالته وتعمد اظهار كدمته، تعمد أن يترك أنطباع يزرع داخل العقول الظنون، رمى بعض الكلمات بأحاديثه العرضية، وعلى الجانب الأخر، دفع سراج باثنين من رجاله بتقصي أثر إسراء فهي دومًا ما كانت تختفي في بعض الأيام بوقت راحتها وتعود لتظهر ويبدو على ملامحها الكثير من الحزن، حزن يجعلها تبدو بنظره شهية، وعليه الأن أن يُدرك وجهتها تلك لعله يصل إلى شيء يفيده بسعيه، أما سفيان فهو يعلم أن لا غبار عليه، ولكن لكل جواد كبوة، ولعل القدر يضع كبوة سفيان أمام عينيه.

تابع سراج خطته التي وضعها، لتتسع ابتسامته في نهاية الأمر، فإسراء سقطت بقبضته دون أن تدرك، باتت ملك يمينه وحتمًا هو لن يدعها تفلت منه أبدًا، وسيجعلها هي من ترد الصفعة لسفيان، ذاك المغرور بقوته وبعمله مع داوود، وقبيل فجر اليوم الثالث لاستقالته، أرسل سراج بضع رسائل لبعض أصدقائه بالمؤسسة، وأغمض عينيه بارتياح يُمني نفسه، بالتنعم بإسراء بين ذراعيه دون عناء.

في صباح اليوم التالي بالقصر، بات الجميع على علم بأن سفيان أجبر سراج على تقديم استقالته، وسلبه منصبة من أجل إسراء، التي وضح لهم خلال الأيام السابقة أنهما على علاقة ما؟
فحديثهما دومًا سويًا ما يكون إما بالمكتب، أو بالحديقة بعيدة عن السمع، وحرص سفيان على عدم أختلاط إسراء بأي رجلٌ آخر، واضح للعيون بأنه يُعلنها للجميع أنها تخصه، وعليهم الأبتعاد عنها، الكل يتحدث بعيدًا عن سمع سفيان وإسراء، سفيان الذي تولى على عاتقه مهام أعمال سراج، لم يعبأ بنظرات البعض تجاهه، أغمض الطرف عنها كي يستكمل مسئوليته المزدوجة، تأمين الوفد ورعايته على أكمل وجه، وحماية إسراء التي كانت تقف له كالند، تعترض على كل كلمة وقرار، لتنصاع في النهاية ما أن يوضح له مغزى أمره أو طلبه.

ومنذ استلمت إسراء عملها بذاك المكتب، وهي غافلة تمامًا عما يقال عنها همسً في الخفاء، وَرَغْم ارتيابها إلا أنها لم تضع الأمر بتفكيرها، وانهمكت بمتابعة أوامر سفيان، التي يتركها فوق مكتبها بدفتر المهام، وعلى الرغم من غروره وتعاليه في التعامل إلا أنه نال استحسانها، فهو كمدير منظم ودقيق، ومن يقرأ ملاحظاته، يظنها لرجل مخضرم بالعلاقات العامة، لم يترك أمر صغيرة أو كبيرة إلا ورتبها لتبدو مثالية، ووضح ذلك على وجوه أفراد الوفد، الذي على ما يبدو بأنهم رجال من أعتى رجال الصناعة بالعالم، والذي وضع سفيان على كل فرد منهم حراسة مشددة، لا تبدو للعين ظاهرة لتخدع الأخريين، زفرت إسراء بعد قضائها أكثر من تسع ساعات، تعمل بشكل متواصل، وأخيرًا وبعد أن أنهت أداء مهامها، لنصف اليوم كما يصفها سفيان، وقفت عن مكتبها وتمطت، تطرد عن جسدها الم تيبس عضلاتها، مسدت عنقها ودلكت جانبي جبهتها، وتنفست بقوة، ليقع بصرها على ساعة الحائط أمامها، عقدت حاجبيها حين أدركت أنها أمضت الكثير من الوقت، ولم تلحظ بأنها أضاعت فترة استراحتها، تذمرت فهي تأخرت كثيرًا عن موعدها، ولوت شفتاها بحنق، وهي تسب سفيان بمهامه المثالية التي سلبتها الوقت، وزاد من أمر حنقها ابتعاد زملائها الدائم عنها، فهم يعاملونها مؤخرًا وكأنها اختفت من المكان، مالت إسراء فوق شاشة حاسوبها، وضغطت فوق بضعة أزرار، وأرسلت ما أنهت من عمل إلى سفيان، وأغلقت جهازها وغادرت مكتبها، وعلى وجهها ارتسم عبوس طفيف، ليزداد عبوسها حين أشاحت زميلة لها لوجهها بعيدًا عن وجهها، حين ابتسمت لها إسراء، مطت شفتيها بحيرة واستأنفت سيرها نحو مكتب سفيان، طرقت بابه وما أن سمعت دعوته للدخول، حتى ولجت ووقفت بالقرب من الباب، أدرك بإحساسه أنها معه، فرفع سفيان وجهه ونظر إليها، وسالها بجدية فرضتها عليه ظروف العمل:
- خير يا آنسة إسراء سايبة مكتبك ليه؟

رواية لعنة الطاغي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن