خطوة نحو النهاية

116 11 2
                                    

#لعنة_الطاغي
(16) ..خطوة نحو النهاية..
----------------------------------

بوغت فريدو ما أن ولج الغرفة برفقة الفتاة بأحدهم يكبله من الخلف وأخر يضع فوهة سلاحه أمام وجهه، فصاح غاضبًا وهو يحاول التخلص من قيده وهو يحدق بالفتاة التي ولدهشته غادرت من بابٍ آخر:
- أجننتم دعوني وألا...

قاطعه صوت أجش يقول بلهجة صارمة:
- وألا ماذا فريد، هيا أخبرني ما ستفعله أريد أن أعرف؟

تلاشى اللون من وجه فريد وادار وجهه نحو مُحدثه بخوف وازدرد لعابه ما أن وقع بصره على والده علال النُصيري يجلس بوجه مقطب متصلب، فأدرك أنه هالك بمجيء والده وسقوطه بين يداه، ترك علال مقعده واقترب من فريد وجال فوقه بنظرات قاتمة ليواجهه وعلى وجهه إمارات الغضب والوعيد، فسارع فريد وأردف:
- أبي أنا كنت أظنهم رجال أحد أعدائك، صدقني لو كنت أعرف هويتهم حتمًا ما كنت قاومت أو رفضت أمرًا لك.

رمقه علال بتهكم وعقب على كلماته قائلًا:
- أحقًا فريد أنت لا ترفض لي أمر.

ازدرد فريد لعابه وأردف مُأكدًا:
- أجل والدي أنا لا أرفــ...

بترت صفعة علال كلمات فريد وأسالت الدماء من جانب فمه، ولم يكتفِ علال بهذا فجذبه نحوه ليزرع الرعب بنفس فريد ليقينه أن والده لن يتوان عن قتله أبدًا، ليدفعه علال بعيدًا عنه فسقط فريد ارضًا بعد أن تخلى الرجال عنه ليهتف علال بصوتٍ جليدي قائلًا:
- أرسلتك إلى هنا من أجل مهمة واحدة فقط وحذرتك من التلاعب مع الآخرين فلكل كبير كبير وأنا لا أريد أن أُعادي أحد، ودونًا عن الجميع أخترت أن تتلاعب بداوود لتثبت له ولنفسك أن لك الأفضلية، ولم تتوقف عند هذا الحد بل قتلت أحد رجاله والآن وبسبب حماقتك ونومك مع تلك الغانية التي حذرتك منها وأمرتك بالابتعاد عنها، تنصل داوود من اتفاقه المبرم معي ورفض المشاركة بصفقة السلاح الأخيرة ولم يكتفِ بهذا بل أجبرني على سحب صفقة بالوادي وعليك أنت أن تدفع دية قتل الحارس.

رفع فريد كف يده وأشار لوالده بالتمهل واستند ليقف وأردف:
- تمهل أبي أرجوك أنا أعلم أني أخطأت لذا دعني أصلح الأمر، وإن كان داوود تنصل لك فأنا لدي من سيتولى أمر تلك الصفقة أما صفقة الوادي فأنا حذرتك منها سابقًا فلا أمل لك لتعقد صفقات بالجزيرة.

امتعضت ملامح علال وأشاح بوجهه عن فريد وأردف:
- حسنًا فريد سأقبل بحديثك ولكن عليك أولًا دفع الدية والاعتذار لداوود والابتعاد عن تلك الحية الرقطاء، حينها سأفكر إن كنت ساختارك أنت أم سأبحث عن آخر.

زفر فريد بقوة وأومأ قائلًا:
- سأفعل ما تُريد أبي ولكني أريد أن اسألك عن شيء يخص داوود، لما تخشى داوود وأنت صاحب النفوذ الأعلى والسلطة وتملك أن تقضي عليه بطرفة عين.

ابتسم علال بتهكم وأجابه:
- أحقًا تسأل لِما داوود، أتعلم فريد لقد علمتني السنون الماضية أن العدو الحقيقي هي الحياة لذا كان لزامًا عليا ألا أصنع لنفسي أعداء وأن أتخذ حزري من أصدقائي، وألا أعول أبدًا على المال لإن المال زائل مهما كان مقداره، وأن النفوذ غادر، والغبي هو من يظن نفسه الفائز دومًا وأنه بمأمن من الأيام، وداوود رجلٌا فُطم على التجارة وحبى بين أورقة رجال الأعمال وشب على فهم البورصة وتجارة الأسهم، أخذ خبرة أجداده ووالده وأضاف إليها ذكاءه وقدرته على التعامل مع الجميع، أتعرف بُني إن الأبواب المغلقة تُفتح داوود وليس لي دون سؤال ما أن يُشير، فهل تظن أن شخصً مثله من السهل مُعادته.

زم فريد شفتيه وعقب بحنق:
- ألهذا جعلته رجلك الأول.

أومأ وعاد ليجلس من جديد ووضع ساقًا فوق الأخرى وأردف:
- داوود ليس بالرجل الهين ووجوده بجواري فتح لي أبوابًا عديدة وخسارتي له ستقضي علينا جميعًا، لذا عليك الابتعاد عن طريقه تمامًا أسمعتني فريد.

-------------------

وأخيرًا وصلا إلى وجهتهم وسبقها سفيان حاملًا مالك بين ذراعيه ومدده فوق فراشٍ وثير واستدار ليغادر الغرفة فتصادمت عيناه بعيني إسراء، التي وقفت أمامه بوجه متجهم فهز سفيان رأسه بأسف وتجاوزها وغادر الغرفة واتجه إلى الغرفة المجاورة وولجها وهو ينزع رباط عنقه بحنق وألقاه أرضًا واتبعها بجاكيت حُلته وقميصه وارتمى فوق الفراش واغمض عيناه بمحاولة منه للهرب من أفكاره إلى النوم، وبالخارج وقفت إسراء لا تدر ما عليها فعله بعدما خلد مالك إلى النوم، ودت لو تغادر لتجلس أمام البحر زمت شفتيها وهمست سرًا:
- أكيد هيقول لأ وهيعاند معايا ماهي هتبقى فرصته علشان يرد لي الكلام اللي قولته، طب وبعدين أنا عايزة فعلًا أخرج شوية مع نفسي محتاجة أتكلم مع حالي وو...

زفرت إسراء بقوة وأضافت همسًا:
- و أيه يا إسراء أنتِ عايزة تهربي من أفكارك وعقلك اللي بيقولك أن تصرفات سفيان غير ما أنتِ فاكرة، وخايفة تعترفي أنك معجبة بيه وأنك مش عايزة تقعدي معاه فمكان واحد علشان متضعفيش، طيب ما تضعفي يا إسراء وتسندي عليه يمكن يكون مختلف ويفهم اللي عملتيه، هو مُتقبل مالك ومعاملته معاه مش معاملة واحد مستغل ولا بيكره بالعكس دا باين أنه بيحبه ومالك نفسه حبه وسمح له يقرب منه أسرع ما سمح لك أنتِ.

- طيب يعني اتصرف أزاي اروح ارمي نفسي عليه وأقوله أنا تحت أمرك لأ طبعًا أنا استحالة أعمل كده ولو هو فعلًا مختلف عن الصورة اللي كونتها عنه يبقى عليه هو أنه ياخد الخطوة ناحيتي مش العكس.

- طيب ما هو أخد الخطوة وأنتِ اللي صدتيه وديرتي وشك عنه.

- خلاص هحاول أكون أهدى فـ كلامي معاه و...

- و أيه تاني يا إسراء فهميني أنتِ عايزة أيه.

اغمضت عيناها وابتعدت عن غرفة سفيان وجلست فوق الأريكة ودفنت وجهها بين كفيها وأردفت:
- أنا عايزة أفهم ليه كان بيراقبني وليه ابتزني وليه فرض عليا أني أتجوزه والأهم ليه بيتعامل معايا ومع مالك كأنه واحد تاني خالص.

- أنا هتجنن من كتر التفكير، طيب وبعدين يا إسراء أنتِ أول مرة فحياتك تقفي عاجزة كدا ومش عارفة تاخدي قرار أو خطوة وبعدين اللي بينك وبين سفيان جواز فاهمة يعني أيه جواز يعني اللي متمش بينكم علشان واخدة جانب النهاردة مسيرة يطالبك بيه بكرة ويفرضه عليكِ ووقتها...

انتفضت إسراء من مكانها وحدقت باتجاه غرفته بفزع وهزت رأسها وصاحت بخوف:
- لأ مينفعش أنا أنا مقدرش أبدًا أ أ...

وقفت تشعر بالعجز ودموعها تسيل فوق وجنتيها ولم يكن أمامها إلا الاتجاه صوب غرفة مالك وولجتها وأوصدت بابها خلفها ووقفت تحدق بوجه مالك بانكسار وهمست:
- أنا مستحيل أسمح لحد بأنه يقلل منك ولا يعرف يا مالك وهتفضل دايمًا رقم واحد قبل مني أنا شخصيًا، واللي حصل زمان هيفضل فمكانه هناك ومنسي ومحدش هيفتح سيرته تاني أبدًا.

----------------------

بات الوضع ملتهب ما أن بلغه عدم ظهور دياجو بالنقطة المتفق عليها، ضرب سطح الطاولة أمامه بغضب والتفت إلى كارل ورمقه بنظراتٍ نارية وأردف:
- أتعلم عاقبة الأمر علينا إن لم يأت دياجو ويسلمنا ما لديه، حقًا أنا لا أصدق أن ذاك الغبي يظن أن بإمكانه التلاعب بنا وخداعنا.

صمت وعينا جوزيف تلاحق كارل الذي بات وجهه يحاكي وجوه الموتى من الخوف، ليترك مكانه ويلتف حوله ويقف أمامه يتفرس بملامحه بريبة، ورفع حاجبه وأضاف بلهجة جليدية:
- حسنًا كارل أتعلم أن دياجو بفعلته الحمقاء تلك فتح على نفسه وكل من معه أبواب الجحيم.

ازدرد كارل لعابه وسأله بصوتٍ مهتز بعدما لاحظ ريبة جوزيف به:
- ماذا تعني جوزيف؟

ابتسم جوزيف بخبثٍ واضح وأجابه وهو يربت كتفه:
- ستعرف يا صديقي ماذا أعني!

القى جوزيف قوله وغادر دون أن يضيف المزيد حينها سارع كارل والتقط هاتفه ودون سريعًا بضع كلمات ارسلها وهو يدعو ألا يكتشف جوزيف أمره.

وعلى الجانب الأخر أهتز هاتف كارلوس فعقد حاجبيه وترك عمله وقرأ ما أُرسل إليه ليزم شفتيه ويُردف:
- أحقًا تعني قولك كارل لنرى أذًا ماذا سيفعل جوزيف.

أعاد كارلوس هاتفه إلى مكانه وعاد يتابع عمله يبتسم على سذاجة جوزيف، وما أن أنهى كارلوس تقريره حتى سارع بإرساله.
بعد لحظات وصل تقرير حوى كل التفاصيل الجديدة إلى يد داوود فزفر بقوة وأشار إلى مُضيفه طائرته الخاصة وقال:
- بلغي الطيار أنه ياخد الإذن بالهبوط بمطار المؤسسة توفيرًا للوقت لأن عندي أجتماع طارئ هناك.

أومأت المُضيفة بابتسامة هادئة واستدارت لتفعل ما أمرها به داوود الذي أغمض عيناه مستسلمًا إلى النوم بهدوء.

----------------

تململت بمكانها وزفرت بقوة لصلابة الفراش أسفلها وأحست بأن الوضع الصامت الذي حاوطها يزيد من اختناقها، وقفت ذكرى وتطلعت للغرفة التي سئمت ملامحها ومدت يدها ودفعت بالفراش من مكانه، وزمت شفتيها ما أن تبينت محتواه المكون من بضع ألواح من الخشب، لعنت دياجو وغالي على ما تُعانية وهمست قائلة وهي تتذكر كلمات داوود لها:
- قال مهمة سهلة وبسيطة ومش هتاخد منك أي مجهود أو وقت، وماله كله بحسابه يا سي داوود بس أشوفك هدفعك تمن كل دا غالي، يووه ولا أنت كمان يا غالي بقى تستغلني أنا علشان تضمن أن هدفك يبقى بعيد عن العين ومحدش يعرف أنه خرج برا البلد، لأ بس أكيد في حاجة تانية تايهة عني أكيد في حاجة مفروض أني أعملها ما لو على جهاز التتبع ما كان ممكن يديه لأي حد، ياتري يا غالي عايزني أعمل أيه هنا و...

بترت ذكرى كلماتها حين وقع بصرها على أحد البراغي (مسمار) فابتسمت ولمعت عيناها وأردفت:
- أيوة كده هو ده الكلام الصح تعالى بقى يا حبيبي أنت علشان تفتح لي الباب ونخرج سوا من هنا.

بعد عدة محاولات نجحت ذكرى أخيرًا بمعالجة الباب من الجانب الآخر ونزعت مفصَّلاته وفتحته بهدوء، والتقطت بضع أنفاس وبتريث وغادرت الغرفة على أطراف أصابعها بحذر وطافت بعيناها في المكان وحين تأكدت لخلوه، اتجهت صوب الباب الوحيد أمامها ووضعت أذنها فوقه تتسمع للجهة الأخرى، فأتاها صوت أحدهم يقول بحدة:
- أرى أن علينا أن نتحدث معه فهو لا يدرك أنه يضعنا بمواجهة الخطر، والخطر تلك المرة ليست مع زمرة تُماثلنا نستطيع الفوز عليهم، بل مع أُناس لا يصح أن يتلاعب بهم، كما أن المفترض أن نُبادل الفتاة ببعض الأوراق ستُدر علينا الخير جميعًا.

انفجر أحد الرجال ضاحكًا وبعد ثوان عقب بقوله:
- يا لك من ساذج وهل كنت تظن أن دياجو سيسمح بضياع تلك الأوراق من بين يديه.

ساد صمت بينهم ليضيف أحدٍ منهم:
- اطمئن صديقي فتلك الفتاة كانت تميمة الحظ لنا بعدما طلب منه أحدهم أن يحتفظ بها ويحافظ عليها ليتسلمها منه نظير مبلغ ضخم، أما الأوراق فهي بحوزة دياجو يحتفظ بها بخزانة مكتبه.

عادت ذكرى ادراجها إلى الغرفة وجلست أرضًا تُفكر بما سمعته لتدرك أن تلك هي مهمتها عليها أن تحصل على تلك الأوراق قبل أن يظهر ذاك المجهول الذي طلب منهم الحفاظ عليها، والأن عليها أن تُفكر بطريقة تتخطى بها هؤلاء لتصل إلى مكتب دياجو دون أن يقبض عليها.
لتنتفض حين دُفع الباب وسقط أرضًا بدوي عال ووقف على اعتابه دياجو وبرفقته تلك الفتاة التي حدقت بالباب بصدمة والتفتت إلى دياجو وهتفت:
- ماذا حدث للباب دياجو ولِما؟..

أشار إليها لتصمت وولج وعلى وجهه أمارات الغضب فاعتدلت ذكرى وزمت شفتيها بسقم وقالت:
- حذاري من أن تلمسني فأنا لن أقف مكتوفة الأيدي.

رفع حاجبه ووضع سبابته فوق شفتيه لتصمت واتجه إلى الفراش وجلس فوقه وأردف:
- كنت أعلم أنك ستجدين وسيلة لتغادري المكان.

وأشار إلى الباب وأضاف:
- وكما هو واضح أنك غادرتي وتجولتي ولكني أخبريني آنستي لِما عُدتي للغرفة مرة أخرى، ولِما سلمك غالي لي من البداية؟

امتعضت ملامحها وزفرت بقوة وأجابته بصدق:
- صدقًا أنا لا أعلم لِما تلاعب غالي بنا سويًا وإن أردت الحقيقة عليك بالتحدث إليه وسؤاله لعله ليخبرك بأسبابه فتخبرني، لذا وحتى يتم ذلك دعني دون قيد فكما رأيت لو كنت أريد الهرب منك لكنت فعلت ولكني فضلت البقاء حتى أعلم سبب غدر غالي بي.

حدق دياجو بها بريبة والتفت إلى صديقته ونظر إليها لتمط شفتيها وتهز كتفيها بحيرة، بينما تابعت ذكرى حيرته بترقب تتمنى لو يوافق دياجو على طلبها ويترك لها حرية الحركة في المكان.

------------------

تسللت إلى غرفة المكتب بعد أن اطمأنت لمغادرته، استندت إلى الباب للحظات وجالت بعيناها بأركانه تنهدت بارتياح لخلو مكتبه من كاميرات المراقبة، وما كادت تتحرك حتى فاجئها صلاح بولوجه خلفها ووصده للباب، تجمدت سمرا بمكانها ليصدمها صلاح حين جذبها بين ذراعيه وقال:
- طول عمري نفسي أجرب أدخل مكتب خاطر وأحضنك هنا ولولا أني عارف أنه هيعرف كنت عملت حاجات تانية، بس مش مهم كويس أنه خرج علشان نبقى براحتنا بقولك ما تيجي نجرب الكرسي بتاعه.

ازدردت سمرا لعابها واحست بالتيه تحاول استجماع شتات أمرها وفهم مغزى كلمات صلاح، زفر صلاح ما أن لاحظ تجمدها بين ذراعيه فجذبها واتجه صوب مكتب خاطر وجلس فوق مقعده وأجلسها فوق ساقيه وقبلها وغازلها لبضع دقائق ثم غادر برفقتها واتجه إلى غرفتهم وضم جسدها المرتجف وحين همت سمرا بالحديث قبلها وعيناه تُخبرها أن تلزم الصمت ثم مال بوجهه ودفنه بعنقها وهمس بصوتٍ خافت حرص ألا يسمعه غيرها:
- متتكلميش فأي حاجة واتصرفي عادي وسيريني فاللي بقوله وبعمله لحد ما ننزل فاهمة.

ربتت سمرا كتفه فزفر صلاح وابتعد عنها وقال:
- أنا مش عارف أيه الجنان اللي عملناه دا يا سمرا، عارفة لو خاطر شم خبر عن اللي كنا هنعمله فمكتبه هيعلقني أنا وأنتِ.

أكد لها صلاح بحديثه وفعله ريبتها وظنونها باتت على يقين أنها وزوجها لديهما قناعة بأن خلف خاطر شيء يُخفيه عنهم وعن الجميع.

وعلى الجانب الآخر جلس خاطر يحدق بكيندا التي تقدمت نحوه ووقف سريعًا وصافحها مُبتسمًا، وبادلته كيندا الابتسام وجلست ورمقته بنظراتها وجالت في المكان حولها وعادت ببصرها وحدقت بخاطر، ليأخذ خاطر الخطوة الأولى للمبادرة بالحديث قائلًا:
- أنا عارف أن حضرتك دلوقتي بتقولي يا ترى أنا طلبت أقابلك بخصوص داوود ليه!

رفعت كيندا حاجبها فاتسعت ابتسامة خاطر ومال نحو الأمام وأردف بصوتٍ منخفض:
- عندي معلومة عن داوود هتقلب ميزان الأمور تمامًا والمصالح اللي وقفت والخساير اللي طالت الشركة بتاعتك كل دا هيتعوض.

استحوذ خاطر على اهتمامها فسألته كيندا بلهفة:
- معلومة أيه دي اللي هتغير كل حاجة وتخص داوود اتكلم.

حدق خاطر بها بمكر وأجابها بثقة:
- هتكلم بس زي ما أنتِ عارفة كل معلومة وليها سعر والمعلومة دي تمنها غالي أوي يا ترى عندك استعداد تدفعي علشان تُملكي رقبة داوود ولا أشوف حد تاني واديله المعلومة.

عقدت كيندا حاجبيها وأردفت تنذره بلهجة غاضبة:
- على فكرة أنت لو كنت سألت عليا قبل ما تطلب تقابلني كانوا فهموك أني مش من النوع اللي بيحب اللف والدوران، فلو عايز تبيع لي المعلومة حدد سعرك وأنا هشوف إذا كان السعر مناسب ولا مش مناسب،

لمعت عينا خاطر وأردف بطمع:
- مليون وأقولك سر داوود وأزاي تستفيدي منه لمصلحتك.

----------------------

رفض مدحت البقاء بالمقر المؤقت وطلب ترحيلة إلى القاهرة بأسرع وقت فهو لم يستطع تقبل فعلة غالي خاصة بعد معرفته بحقيقة العلاقة بينه وبين ذكرى، وقبل مغادرته وقف مدحت يتطلع إلى غالي باحتقار وهتف وهو يحمل الصغيرة ديما:
- على فكرة يا قناص أنا كنت فموقف أصعب كتير من الموقف اللي أنت كنت فيه، موقف كانت حياتي فيه على المحك ما بين أني أكمل عملية الأنقاذ اللي صممت أني أطلعها لإني وعدت ديما أني هحافظ على حياتها بعد ما أجبرتها أنها تسافر وتبعد عن مصر، وبين أني أغمض عيني عن اللي حصل لها وأقول أن نصيبها كده وأنا ماليش دعوة بيها لإنها فالأول والآخر مش مصرية، لكن ضميري المهني والشخصي رفض التنصل من الوعد وطلعت المهمة وسافرت علشان أنقذها بس مكنتش أعرف أنه كان فخ وأنهم استغلوا ديما علشان يقدروا يساوموا على اللي هم عايزينه، قضيت فترة صعبة بسبب تعذيبهم لديما اللي اتعمدوا أنه يكون أدامي بسبب موقفها من العميل المصري اللي ساعدته واللي ضحت بكل حاجة فحياتها علشانه، والأصعب لما شوفتهم بيخيروها ما بين بنتها وحياتها وقتها ديما اختارت حماية بنتها وحملتني أمانة أني أخد بنتها وأوصلها لوالدها اللي للأسف ميعرفش أي حاجة عنها، ولإن كل الطرق للتواصل مع القادة كانت مقفولة قصادي مكنش في حل غير أني ألجأ لداوود بصفته الخاصة ولإنه مكنش ينفع أبدًا يظهر فالصورة ساعدني أني أهرب بديما بعد ما قتلوا والدتها وطبعًا الباقي أنت عارفه البيت الأمن وجهاز التتبع و...

أشاح غالي ببصرة بعيدًا فهو يُدرك أنه كان عليه الأصرار على رفض الدفع بذكرى بتلك المهمة وتنظيم خطة بديلة لأحضار تلك الأوراق دون التضحية بأحد، ولكنه تعود على عدم مناقشة الأوامر الصادرة إليه حتى وإن طُلب منه التضحية بنفسه لم يكن سيرفض وكان سيُقدم على المهمة ويُتمها للنهاية، ولكن ذكرى تلك هي المعضلة فحياتها كانت دروب مُلتفة بالكذب حُبكت حولها بمهارة لتُستغل.

اغمض مدحت عيناه وضم الصغيرة إلى صدره وهمس لها بقلق:
- ياترى لما أوصلك لوالدك هقبل بيكِ بعد ما رجع لحياته وأهله ومراته ولا هيرفض وجودك لإنك بنت ديما.

-----------------------
#لعنة_الطاغي
#منى_أحمد_حافظ
#الموناليزا
حقوق النشر محفوظة
ممنوع النشر أو الأقتباس
--------------------------------

رواية لعنة الطاغي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن