خطوات محسوبة

126 9 0
                                    

#لعنة_الطاغي
(9) .. خطوات محسوبة ..
-----------------------------------

لم تعد ترى درجات السُلم أمامها، بسبب غشاوة الدموع التي احكمت سيطرتها عليها، تبكي قهرها ومذلتها على يدا كريمة، بدت ملامحها تخبر الناظر إليها أنها تساق إلى حتفها، نعم هي تسير لحتفها، فبعد كلمات كريمة وما تُريدها فعله، لن تصبح بعدها هي شجن أبدًا، توقفت أمام باب الغرفة بقلب يرجف رعبًا، وعيون لا تكف عن البكاء، ورفعت يدها لتطرقه ولكنها تجمدت بمكانها، وهزت رأسها تأبى الطرق أو النظر للغرفة، وأحست بأن هناك ما يحثم على صدرها، ومن مكانه راقبها بوجه متصلب، يُدرك أنها ستتراجع عن تلك الخطوة، فزفر بقوة ورفع الأنبوب الرفيع إلى فمه، وضبط زاويته إلى هدفها المنشود، ونفخ بقوة ليطلق سهمًا صغيرًا أنغرس بمكانه، حينها رفعت شجن أناملها ولمست عنقها بوجه شاحب وعيون مُتسعة، عقلها عاجز عن التفكير،باتت أنفاسها تتباطأ تتحشرج، تؤلمها وتُحرق صدرها، تكافح لتشهق وكأنها تنتزع أنفاسها نزعًا، شهقت بذعر وتخبطت بمكانها وهي تقبض على عنقها، تضرب فوقها تارَة وفوق صدرها تارَة أخرى، ذاغ بصرها وتراخت أطرافها، فسقطت أرضًا بعدما غشتها ظلمة مميتة، ليتقدم منها وانحنى حاملًا إياها بكل سهولة ويسر، وولج إلى الغرفة وعلى وجه نظراته المتوعدة لها.

----------------

راقبها تغادر بعيون جامدة، وغادر متجهًا إلى قصره، اكتسى وجهه بقتامة أرهبت سائقه، فكاد يقسم أنه لم يراه مُسبقًا بتلك الحالة من الغضب الأسود، وحمد ربه كونه لن يقع تحت طائلة يده، وأشفق على صاحب الحظ العثِر الذي سيكون ضحية غضب الطاغي.
التقطت هاتفه وتحدث إلى تيسير قائلًا ما أن أجابه
- عايزك تجمع لي مجموعة غير اللي عندك من الرجالة، عايز رجالة محدش شافها قبل كدا ولا يعرفها، رجالة قلبها ميت لو اتحطت أدامها ملايين الدنيا، تغمض ومتخونش، فاهمني يا تيسير.

أجابه تيسير بحزم مؤكدًا:
- فاهمك يا باشا، وعلى بالليل هيكون في القصر وحوش محدش شافها ولا هيشوفها.

زفر داوود بقوة وأردف:
- ولا يتحس بيها يا تيسير.

انهى اتصاله وباشر بمحادثة أخرى أكثر جدية برفقة كارلوس قائلًا:
- هي بالطريق كارلوس لذا أريدك أن تأمنها جيدًا، لا تغفل عنها أبدًا، كن ظلها دون أن تراك كارلوس، ولك ما تُريد.

وافقه كارلوس وسعى لتنفيذ مطلب داوود، ولم يدر أيًا منهما أنها لم تكن بحاجة للتأمين، فما أن وطئت بقدمها طائرة داوود الخاصة، حتى جالت بعينيها بمحيطها، وتفحصت الزوايا بدقة وابتسمت للمضيفة التي ظهرت إلى جوارها، وطلبت منها برقة كوبًا من الماء، فاستدارت الفتاة تُلبي طلب ذكرى، بعدما حذرها داوود من رفض أي طلب لها، والعمل على راحتها خلال الرحلة، استغلت ذكرى غياب المضيفة وسارعت وعبثت بكاميرا المراقبة التي لاحظتها واتجهت صوب كابينة القيادة فأعترضت طريقها المضيفة، وهزت رأسها بالنفي، وهي تبتسم إليها بمودة قائلة:
- بعتذر من حضرتك بس ممنوع التواجد هنا.

رواية لعنة الطاغي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن