وحش بلا إسم :
العالم الظالم يخلق وحوشاً بأستمرار
ظروفهُ تجبرهم على نسيان أنسانيتهم
القسوة من حولهم تتسرب الى قلوبهم
يصبحون كوابيساً لمن حولهم
العالم القاسي يخلق أناساً قُساة
________________
لم يكن ذنبي حينما وُجدت نطفةً في رحمٍ ما ، الخالق أوجدني بهذا العالم دون إرادة مني ، مجرد مخلوق ضعيف شديد الهشاشة جاء لهذا العالم .
دون خطايا وغير آثم ولا مقترف للذنوب ، لربما ذنبه الوحيد هو السبب الذي جاء من أجله .
نزوة ، شهوة مؤقتة ، تسميات أُطلقت على علاقة بين مجهولين رمياه حال أنتهاء تلك العلاقة !
لا أعلم ما كان بي لأُترك ولكن فليلعنكم الخالق جيشيم على إنجابي لهذه الدنيا !
______________________
في مدينة تطل على الميناء حيث هي منزوية وبعيدة عن الأعين لا يكترث أحد بأمرها من الحكام المتعاقبين على الحكم ، يغلب عليها ضيق الحال ، أناسها جائعين على الدوام ، ثيابهم متسخة مقطعة لا تقيهم برد الشتاء او حر الصيف .
هذهِ المدينة الصغيرة سكانها لصوص ولعدم وجود قوانين او سلطة حقيقية رادعة تنظم الوضع أصبح الأجرام هو قانونها .
تنتشر فيها منازل الدعارة والقتلة والمجرمون ، الجانحون وغيرهم بحيث أي طفل يولد بها أول ما يتعلمه كيف يسرق ويقتل بدل تعلم المشي والكلام !
يغلب عليهم الجهل لعدم وجود مدارس فلا أحد منهم يعرف القراءة والكتابة .
الأمراض متفشية بكل أنواعها مما يسبب موت الأغلبية .
لا توجد عوائل ولا مسمى الزواج بل العلاقات المحرمة وبنات الهوى من أعمار تبدأ من سن الثالثة عشر .
الأطفال هم النسبة الأكبر والسبب هذه العلاقات الغير شرعية !
لذا يُطلق عليها بمدينة الفساد أو بؤرة الخطايا، مدينة الشر ، مدينة الجحيم كلها تسميات متعددة لمدينة "جاواف" .
____________________________《لقيط》
______________________داخل زقاق خلفي لأحد بيوت الدعارة المنتشرة في مدينة جاواف صراخ طفل رضيع يشق السكون ، المكان مظلم والكلاب السائبة تتجول في المكان ، رائحة القمامة منتشرة تثير القرف لمن يستنشقها ، تتبعت أحدى بنات الهوى مصدر الصوت حاملةً شمعة لتبدد العتمة وتنير لها دربها بدت يافعة تلف شعرها بكعكة مبعثرة أعلى رأسها ، نحيفة قليلاً وثيابها تكشف الكثير من مفاتنها .
سلطت ضوء شمعتها على الرضيع لتنحني جالسة قربه متنهدة فرضيع آخر تم تركه ولكون قلبها قد رق عليه حملته محتضنةً إياه لصدرها بصعوبة بيد واحدة متوجهة من جديد به نحو المنزل .
دلفت لداخله ومنه لغرفة التزيين حيث أطفأت الشمعة و أستقبلت نظرات الأستنكار من زميلاتها الأكبر سناً .
همهمت أحداهما بأنزعاج :
- طفل لعين آخر تم تركه .
قالت الاخرى بغضب :
- لما جلبتيه معكِ ؟
أحتضنته لصدرها ولا زال بكاءه لم يهدأ بل وبدا عالياً ومزعجاً .
ردت بصوت عالاً تحتضنه بكلتا يديها :
-لم أستطع تركه لوحده أنه مسكين .
-كلهم مساكين .
ردت إحدى الفتيات بأنزعاج ونبرة عالية ثم أكملت بعصبية :
-نحن لسن مجبرات على تربية قذارة غيرنا أرميه حيث وجدتيه .
-لكنه رضيع ما ذنبه ؟
ردت بأعتراض تزيد من عناقه لترد صاحبة الفتاة المعترضة توافقها الرأي :
-وما ذنبنا نحن إذا كانت أمه اللعينة من تركه ؟
لترد صاحبتها الاولى مخاطبة الصبية النحيلة :
-اذا كنتِ تشعرين بالشفقة نحوه إذن ربيه إنتِ .
-سأفعل .
قالت عاقدة الحاجبين ثم أخذته وأنصرفت به تجلس على سريرها تحاول إسكاته .
ولكن بمرور الوقت وما بين الرضيع والعمل ، كايا التي وجدته ذات الستة عشر ربيعاً بدأت تشعر بالضغط يزداد عليها تدريجياً ومالت لفقدان صوابها فهي لم تكن على دراية بكيفية تربية رضيع ولم يساعدها أحد برعايته ، بكاءه كان يستمر لفترات طويلة حتى لو شرب الحليب لتبدأ بأهمالهُ تدريجياً !
ولم تتحمل الأتعاب الضئيلة التي تحصل عليها فهربت مع أحد الزبائن تاركةً إياه خلفها !
وأشتكين منه النسوة العاملات فكان يتم رميه لوحده بغرفة وهو يبكي طوال الوقت ومن تشفق عليه منهن تطعمه بعض الحليب لتقوم المالكة بعد أسبوعين من مغادرة كايا بإيجاد دار أيتام أودعته عنده على الفور .
دور الأيتام في مدينة جاواف لا تختلف عن الشارع بشيء فالأطفال يُرمون في الدار لا معين لهم يستقبلون الضرب والأهانات ويتعلمون السرقة من عمر صغير ، وتتم المتاجرة بهم وبيعهم كعبيد للأغنياء والتجار .
ومن يكون محظوظاً منهم يكبر ويهرب من المدينة وأحياناً من العاصمة بأكملها .
____
وصل الرضيع بأمان للدار موضوع في صندوق طماطم !
أستقبلنه العاملات كحال غيره من الوافدين وتم وضعه مع أقرانه الرضع حيث الأعتناء بهم يقتصر على تبديل الحفاظات وشرب الحليب ثم يتم وضعهم بأسرتهم ليبكوا طوال الليل والنهار دون أن يكترث بهم أحد !
البناية كانت قديمة متشققة بها غرف شديدة الوسع تضم العديد من الأسرة لأحتواء عدد الأطفال ، أما الأطفال فبعضهم كانوا طيبين يهتمون ببعضهم ، البعض كانوا مشاكسين يثيرون الفوضى بكل مكان ، البعض الآخر عبارة عن وحوش لا يملكون براءة الأطفال أما الأغلبية فكانوا يهربون فكان عدد البنات أكثر من الأولاد لعدم أستطاعتهن على الهرب .
أكبرهن ذو سبعة عشر عاماً والأقل منهن هن من يهتممن بالآخرين .
أطفال هذا الميتم لم يملكوا أسماء !فأغلبهم تم جلبهم وهم رضع كحال الوافد الجديد فكانوا يُطلقون الأسماء على بعضهم فيما بينهم !
الأغلبية ترميهم عوائلهم لضيق الحال او تموت عائلاتهم ويتم جلبهم .
____________لا أمان لكائنات البراءة ، لا أمل لقلوبهم الصغيرة ، يتحولون وحوشاً وآفات في المجتمع ، يؤذون أنفسهم قبل الآخرين ، تتم معاملتهم بوحشية ، كل ذنبهم هو ضعفهم ، فلم يكونوا قادرين على حماية أنفسهم ، بعضهم من مَلَكَ قلب أبيض لم تستطع الظروف تلويثه ولكن الأغلب لم يتسرب السواد فقط الى تلك القلوب بل ماتت وأختفت كل مشاعرهم .
____
الجو كان عاصفاً وبكاء الطفل يشق سكون الغرفة المظلمة ، الرعد والبرق يدويان خارجاً والمطر يهطل بغزارة كبحر يصب من الأعلى وخلال الظلام تسللت صبية تنير شمعتها لها الدرب ، ممتلئة جداً فكانت خطواتها ثقيلة على الأرضية الخشبية ، وجهها ناعم الملامح وشعرها كليل أسود مفروق من المنتصف وينسدل على جانبي خديها السمينين ويتناثر على كتفيها وصولاً لخصرها .
توجهت نحو الطفل الباكي وأضاءت شموع الغرفة ، وضعت شمعتها على الطاولة الرخامية التي تحمل شمعداناً وتعلوها على الحائط مرآة .
حملت الطفل الباكي وناولته الرضاعة ليتناول حليبه لتهمس له تحادثه كأم حنون وعينيها السوداوتين تفيضان رأفةً :
-تغذى كما تشاء يا صغيري .
كانت فتية بعمر الخامسة عشر ، وأثناء ألتهائها مع الرضيع وصلها صوت أنثوي هادئ سائلاً :
-هل تحتاجين أي مساعدة ؟
الصوت يعود لصبية أخرى شقراء نحيلة قصيرة القامة ، التفتت مومئة لها بالأيجاب وتبع الشقراء فتيات الدار المراهقات ليتفقدن الرُضع .
غنين التهويدات ليكفوا عن البكاء وقسم منهم أبدلن لهم الحفاظات والبسنهم ثياباً نظيفة .
يقمن بعمل من المفترض ان يقمن به المربيات ، بعد مدة وجيزة خلد الرضع للنوم وهدوء ساد الأجواء ، كُن خمسة مع ذات الشعر الأسود .
ندهت عليهن فتاة صغيرة من مجموعتهن التي تبلغ العاشرة من العمر وأشارت لهن للوافد الجديد قائلة :
-هذا الرضيع وصل اليوم ولم يُطلق عليه إسم بعد .
قربن منه شمعة ليرينه بوضوح وهن ملتفات حول سريره ، كان أشقراً صاحب عينان ذهبيتان كالجواهر .
-يا لجماله
-أنظري الى عيناه.
-يبدوا كدمية
همست أصواتهن حوله وقد ذابت الأفئدة لجماله .
-إذن ما سنسميه ؟
سئلت صاحبة العشر سنوات وهي تهزهز سريره ليغرقن بالصمت مفكرات لتقول صاحبة الشعر الاسود وهي تناظره وكأنها أحبته حُباً عظيماً :
-لنفكر بإسم جميل يليق به .
ردت من الخمسة صبية ذات نمش معتدلة الوزن :
-يا ترى كيف سيكون في المستقبل ؟ لابد أن يلائمه أسمهُ.
ثم سادت لحظات أخرى من الهدوء ليفكرن بإسم مناسب للوافد الجديد الذي كان صامتاً يبحلق بهن ثم بدأ يناغي ويلاعب يديه .
طرحن أسماء عديدة وتناقشن بينهن بصوت عالي مختلفات في آرائهن وهكذا مضى على شجارهن الصغير الذي أيقظ الأطفال النيام بعض الوقت قبل أن تقول السمينة تخاطب الرضيع :
-ما رأيكَ لو سميتك والاش على اسم حاكم بلدي الاصلي ؟
-كلا بالطبع لا غيريه .
نفت بيديها إحدى الفتيات معترضة لتنطق الشقراء :
-لنسميه سانو على إسم إله الشمس .
ثم أبتسمت ويبدوا أن فكرتها قد أعجبتها ، مضت لحظات أضافية من الصمت ليعلن موافقتها .
وهكذا وجد سانو الصغير من يتحمله ويحبه ويداعبه بدلاً من كايا الهاربة والتي ملت منه على الفور .يتبع......
_________
حكاية جديدة ورحلة أخرى الى عالم خيالي آخر 😊😊 اتمنى أن تعجبكم روايتي وتصوتوا لي ❤️❤️
كل الحب
مريم ❤️😊
أنت تقرأ
وحش بلا إسم
Fantasyالعالم الظالم يخلق وحوشاً بأستمرار ظروفهُ تجبرهم على نسيان أنسانيتهم القسوة من حولهم تتسرب الى قلوبهم يصبحون كوابيساً لمن حولهم العالم القاسي يخلق أناساً قُساة ________________ الغلاف من تصميمي❤️