الكثير من المحبة ، والكثير من الأهتمام يولدان نوعاً من الأمان ، لدرجة نغض بها الطرف عن نوايا الطرف الآخر الخفية .
__________________________
《 تانيبال 》
أعتبره كلارد كذراعه اليمين لاسيما بعد أن أصبح مطيعاً وأكثر من يبذل جهداً في عمله .
ومرت عليه مدة لم يستقبل بها خده الكفوف ولم تطرق العصا يديه ، وكان يميل للأعتناء بالحيوانات لكونه يمرح أكثر معها ، بأختصار باتت حياته مريحة له وهادئة .
ذكرياته في الدار تتوافد على دماغه أحياناً وصور تلك المدينة الصاخبة التي لم يزرها منذ أن غادرها ، روريان البدينة التي يجهل هويتها لا زالت تزوره .
وسط الحقل وبعد أن أنهى أعماله جالس برفقة أصدقاءه الذين كبروا معه ، كان أكبرهم بعمر السابعة عشر وأصغرهم فتاة بعمر الثامنة .
لم يتوانى عن أخبارهم عن سنواته الخمس الأولى وإن كان لا يتذكر منها سوى اليسير .
حتى شاهدوا كلارد من بعيد قادماً ، الحر جعله يتعرق لتلمع صلعته أثر أشعة الشمس المسلطة عليه .
أقترب منادياً على دوريس الذي هب واقفاً ظاناً أن مزيداً من الأعمال تنتظره .
-السيدة تانيبال تطلب حضورك .
وضع شطيرته التي بقي منها القليل فقط على صحنه وتوجه ناحية المنزل الكبير الفخم ، شعره الأشقر يتطاير على جبينه حيث خصلاته تغطي عينيه لكونه لم يقم بقصه طوال سنوات حياته فكان يحيط بوجهه .
فبدى من بعيد أشبه بالفتيات لكن بنية جسمه القوية تنافي جمال وجهه الذي لم ينضج بعد.
قطع طريقاً طويلاً للمنزل البعيد عن الحقول ، وصل ودلف للحديقة ولمح السيدة تجلس مع رفيقاتها من الطبقة النبيلة يشربن الشاي مع بعض الكعك والخدم يتحلقون حولهن .
كانت ترتدي قبعة ورتبت شعرها البني الفاتح بكعكة منخفضة مائلة على الجانب ثوبها مزركش شديد الأناقة يبرز جمال خصرها وعلى الصدر انتثرت لآلئ تغطيه بالكامل والأكمام مغطاة بنهايتها عند الكفين بالدانتيل الأبيض ، لون الفستان أبيض تتخلله طبعات لورود زرقاء ووردية اللون خفيفة الظهور على الفستان من الأسفل فكانت تبان قليلاً ، لبست عقد من اللؤلؤ يحوي حجراً أبيضاً لامعاً ، أقراط من اللؤلؤ وخاتم زواجها الثمين ، جمالها أكمل الطلة فكانت عبارة عن لوحة من الأناقة والجمال بوجه مدور وعينين واسعتين زرقاوتين وبشرة بيضاء ناعمة صافية لامعة .
كانت يافعة شكلها أقرب للدمى بجمود ملامحها .
لمح النسوة الثلاثة الجالسات معها واللاتي كانت أناقتهن لا تقل عن خاصتها لكنها كانت الأجمل بينهن .
وقف قربهن قائلاً :
-لقد طلبتني يا سيدتي .
حطت عليه الأعين وقابلته بأبتسامتها التي لسبب لا يعلمه يقشعر لها بدنه ليبتلع ريقه .
راقب تهامس السيدات بينهن لتناديه :
-أقترب أكثر يا دوريس.
لا زال يكره أسمه الذي يسبب له حرجاً ولا زال لا يعلم ما سبب تسمية كلارد له بهذا الأسم تحديداً .
حاول أن يُطلق على نفسه أسماً ففشل بذلك وأستسلم للأمر الواقع .
أما أصدقاءه فكلاً منهم كان يناديه بأسم يليق به من وجهة نظرهم.
أقترب أكثر من طاولتهن لتخاطبهن مستضيفتهن تانيبال وهي تشير إليه :
-هذا دوريس ، قطعتي الذهبية الثمينة وخادمي القوي والمخلص .
لتنظر له بتلك العيون الثاقبة ليخفق قلبه بذعر .
-بكم تبيعينه يا تانيبال ؟
سألتها أحدى السيدات وهي تتفحصه لتقهقه المعنية واضعة يدها المغطاة بكف أبيض مزركش عند المعصم لتجيب وهي تعاود النظر إليه بتلك النظرات الغريبة :
-دوريس ملكي يستحيل أن أبيعه لأي أحد هو لي أنا فقط .
وكأنها وجهت جملتها الأخيرة نحوه فطالعها مزدرداً ريقه والوضع بأكمله سبب له أرتياباً وخوفاً .
كانت تتباهى به بين صديقاتها المنافقات ، طرحن عليه بعض الاسئلة وأجاب بأقتضاب لتأمره سيدته أن يمر عليها مساءً لكي تقوم برسم لوحة له مُتخذةً أياه كموضوع جميل لرسمه .
غادر متنفساً الصعداء غرابة أطوارها تخيفه نوعاً ما ، حل المساء سريعاً وتناول عشاءه ، السيد غادر مع كلارد ودوريس توجه نحو منزل أسياده حيث تنتظره السيدة تانيبال .
المصرة على أن تكون أغلب لوحاتها الفنية عنه هو ! لربما السبب يعود لجماله الفريد .
وجدها بمرسمها حيث خصصت له أريكة مريحة ليجلس عليها لتملي عليه أوامرها بخلع ثيابه لرغبتها برسمه وهو عاري !
الدهشة غزت ملامحه الملائكية وتملكهُ التوتر جمد محلهُ لحظات وجسدهُ يرفض الأنصياع لأمرها .
حدجته بنظرات باردة أثارت القشعريرة بجسده الصغير ، زرقاوتيها كمحيط متجمد وأبتسامة جامدة تزين ثغرها الجميل جعلاها تبدوا كدمية خاصة مع خواء ملامحها وكأنها لا تملك مشاعر لتعبر عنها .
-أخلع ثيابك دوريس.
كررت بذات النبرة الجامدة ، رائحة الزيوت تخنقه ، اللوحة الفارغة تحجب نصفها عنه ، ويرى يدها التي تحمل خشبة الالوان و هي مستعدة لرسمه .
مرت لحظات صامتة كررت أمرها :
-أخلع ثيابك يا دوريس .
هذه المرة الاولى التي تأمره فيها بأمر غريب كهذا ، بالنهاية بدأ بخلع ثيابه قطعة قطعة ، وهو يبتلع ريقه بكل ثانية تمر عليه .
لسبب غريب يشعر بالصقيع يلتف من حوله رغم أنهم بفصل الربيع !
تملكته رجفة وقلبه قرع بين أضلعهُ حتى كاد يكسرها ويُلقى خارجاً .
<التعري أشبه بتعرية روحي أمام الآخرين ، فيلزمني الشفقة على نفسي ، محاولة تخبئة جسدي الغض عن تلك الأعين الباردة باءت بالفشل ، أشعر بها تجردني من كل ما يسترني ، تعبر طبقات جلدي وتستقر على قلبي ، وتلك بسمتها الشيطانية تؤكد ذلك !>
راقب أتساع تلك البسمة الغريبة ، زرقاوتيها ذواتا اللون الفاتح حدجتاه كعيني ذئب مفترس ، تمرر نظراتها عليه من الأعلى للأسفل !
-تملك بشرة جميلة .
وصل مسامعهُ صوتها الهادئ ونبرة الرضا تغلفه :
-أرتح لا تتجمد بوقفتك ، تبدوا كدمية خشبية بهذه الوضعية .
لم يعلم ماذا يفعل لذا وقف بأعتدال مُسنداً ظهره كجندي بوضعية الأستعداد .
نهضت من محلها مقتربة منه ، وضعت الفرشاة والباليتة جانباً وأمسكته ليجفل تحت لمسة يديها الباردة .
رأسه يصل لصدرها فرفعهُ مُحدقاً بها ، قامت برفع رأسه بوضعية شموخ ثم أنحنت أمامه لتزداد رجفته أكثر ، عدلت قدمه اليسرى لتصبح جانبية وباعدتها عن اليمنى التي أتخذت جهة أمامية .
اليد اليمنى ممدودة بجانب جسده والأخرى باعدتها وأحنت رسغه بحيث كفه ممدودة للأعلى وظهرها يقابل الارض .
عادت خلف لوحتها وباشرت الرسم ، لمساتها الباردة جعلت القشعريرة تمشي على طول عموده الفقري ، دقات قلبه تزايدت حتى آلمت صدره شعر بنفسه وقد تخشبت أطرافه.
-أنظر للجانب .
حول نظره بسرعة ، ظنها أنزعجت من نظراته المسلطة عليها .
-كلا أنظر ناحيتي سيبرز جمال عينيك أكثر هكذا .
نظر ناحيتها وأبتلع ريقه ، كانت ترسم وكل فينة وأختها تحدق إليه مر الوقت وتعب من هذه الوضعية يعلم أن سيدته الفنانة لن تدعه و شأنه حتى تنهي لوحتها كاملة وبيوم واحد مهما أستغرقتها من ساعات في الرسم !
لم تسمح له بأخذ أستراحة وهكذا عند الفجر أعلنت أنتهائها حينما نهضت ببسمة راضية .
-يمكنك أرتداء ثيابك الآن دوريس .
ثم وضبت عدتها تمسح الالوان من أصابعها البيضاء الطويلة بمئزرها .
-عُد غداً لأرسم لك لوحة أخرى ، أخطط لأقامة معرض عن جمالك الفريد .
لم ينطق بكلمة ، واجه صعوبة بالحركة ، سارع لأرتداء ثيابه ، النعاس يداهمهُ من كل أتجاه ، وآلام عضلاته المتشنجة جعلته يواجه صعوبة بالحركة.
غادر وتعثر مرات عديدة ، تبقت ساعة او ساعتين حتى موعد نهوضهم ! وهو لم يغمض له جفن بسبب هوس سيدته بجماله الآسر كما تقول عنه .
حينما وصل وجد الجميع نيام ، فأرتمى على سريره وغط بالنوم من فوره .يتبع....
أنت تقرأ
وحش بلا إسم
Fantasyالعالم الظالم يخلق وحوشاً بأستمرار ظروفهُ تجبرهم على نسيان أنسانيتهم القسوة من حولهم تتسرب الى قلوبهم يصبحون كوابيساً لمن حولهم العالم القاسي يخلق أناساً قُساة ________________ الغلاف من تصميمي❤️