الفصل 33: البشرى المنتظرة
بقلب منقبض ووجه شاحب، توقف هيوغو أمام باب مكتب المدير ليستجمع أفكاره وأعذاره. لقد انصرف المدرس الذي قبض عليه واقتاده إلى هنا بعد أن عبر به الأروقة تحت أنظار الجميع في هيئةٍ مهينةٍ بحق.
ولكن هيوغو ليس متفرغا حاليا للانهيار من العار بعد كل ما حدث، عقله خاضع تماما للهواجس السوداء التي تقبع خلف هذه العتبة.
إيريكا التي هي آخر من يود رؤيتها الآن، قد كانت تتخذ جلسة متأهبة على المقعد المقابل لرجل مسن ذي نظارة هزيلة، لبث يفكر مستندا على كفيه المتشابكتين فيما توحي تعابيره الخشنة بالسخط العارم الذي يعتريه.
أما هي فاحتفظت بهدوء مثير للريبة على وجهها الذي اتسم كذلك بالإنهاك الجلي.
استدار المقبض، والتفت الاثنان إلى الصبي الذي دلف في صمت، أنظاره منتكسة وشفتاه مضمومتان في امتناع تام عن إلقاء أي صنف من التحيات، ثم أحس بقلبه يفز حين وثبت إيريكا من مقعدها واقفةً.
كان لديها رد فعل من نوع ما، ولكنها كبحت نفسها على الفور وحافظت على حاجبين مستقيمين ونظرة شاحبة.
سلط الرجل عينيه المحفورتين داخل رأسه على وجه هيوغو وزمجر..
-"أنت أيها الأحمق! ما الذي كنت تفعله؟ أتدرك خطورة ما اقترفته؟!"
على إثر ضربة عنيفة من قبضة الرجل على سطح منضدته، زحف الخوف إلى داخل رئتي الصبي وصار ينفث أنفاسا مرتعشة، شخصت عيناه على الأرض حين حاول تحريك شفتيه لقول شيء ما، ولكنه تراجع.
فيما استمر المدير في توبيخه بصوت مرتفع، ولكن ذهن هيوغو شرد فُجَاءةً وصار يشوش تلك الكلمات ولا يحتفظ سوى بالنبرة الغليظة التي يُخاطَبُ بها.
ازداد شعوره بالذعر حين اختلس نظرة إلى إيريكا ووجدها على حالها تلك، تحملق كأنها لا تفقه ما يحدث أو ما الذي جاء بها إلى هناك بالتحديد.
ضم المدير قبضتيه وطفح العرق على وجهه، كانت أعصابه مشدودة بشكل غير مسبوق وتابع مخاطبة هيوغو بحدة..
-"أتحاول التسبب في المشاكل مع آل أوستير أيها الـ..!"
فتح هيوغو عينيه على وجه المدير المشدود في حالة من العجز، رآه يتنهد ويسترخي على مقعده في قلة حيلة، ثم أضاف بلهجة أقل فجاجة..
-"ردود الفعل هذه محظورة، إياك وأن تظهر مقاومةً من هذا النوع مجددا وإلا فستكون هنالك عواقب وخيمة لا تتصورها."
هز هيوغو رأسه للأعلى والأسفل لا إراديا، ولكن تعابيره الممتقعة لم تنكر الصدمة التي يشعر بها في دواخله عقِب تلك الكلمات.
أما إيريكا، فهي حتما.. حتما لا تفقه شيئا.
أومأت بتيه إلى المدير الذي حول حديثه إليها قائلا..
أنت تقرأ
شيفرة ليتوفيتشينكو
Fantasyفيلدسباث لم تكن سوى بلدة ريفية لا تكاد تظهر على خريطة مملكة إيلدينغار، ما الذي قد يجعلها مهد الثورة المنتظرة؟ مِن هناك، بدأ سعي دوق هيڤي ستون المستميت لإنهاء الحقبة المظلمة التي تلت سقوط الأسرة الحاكمة على يد عابث متخفٍ، مستعينا في ذلك بأعظم سر أخفت...